سيد الحجار (أبوظبي)
تسهم الكفاءات الإماراتية التي تعمل جنباً إلى جنب مع الخبراء والمنظمات الدولية، بدور بارز في تشغيل محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، بشكل متزامن وآمن وموثوق.
وأكدت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أن سر النجاح والتميز في البرنامج النووي السلمي الإماراتي يمكن في التركيز على تطوير الكفاءات الإماراتية القادرة على التميز في هذا القطاع العلمي والتقني المتقدم، بل وإشراك هذه الكفاءات في مسيرتها الرامية لمواجهة التغير المناخي وتبعاته.
واتبعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في ذلك نهجاً يقوم على تطوير المعارف والخبرات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وهو ما يقود إلى الحصول على وظائف مجزية في المؤسسة والشركات التابعة لها، شركة نواة للطاقة وشركة براكة الأولى، وذلك إلى جانب دعم نقل المعرفة من مختلف الخبرات العالمية للجيل الجديد من رواد الطاقة من الكفاءات الإماراتية، فضلاً عن دعم وظائف المستقبل بشكل مستدام في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والحوسبة الكمية وغيرها.
وأعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية الخميس الماضي عن بدء تشغيل المحطة الثالثة من محطات براكة للطاقة النووية السلمية، من قبل شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة، الأمر الذي يعد بداية الرفع التدريجي لطاقة مفاعل المحطة وصولاً إلى التشغيل التجاري بعد عدة أشهر.
وفور تشغيلها تجارياً، ستضيف المحطة الثالثة ما يصل إلى 1400 ميغاواط أخرى من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية لشبكة كهرباء دولة الإمارات.
وستوفر محطات براكة الأربع، فور تشغيلها بالكامل ما يصل إلى 5600 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة، وستحد من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
المحطة الثالثة
المهندسون سيف البحري الكتبي، وعبدالله المنهالي، وحسن الهرمودي، كانوا من أوائل الكفاءات الإماراتية التي تحصل على ترخيص الهيئة الاتحادية للرقابة النووية كمديري تشغيل مفاعلات نووية في شركة نواة للطاقة، والآن يعملون كمديري مناوبات في غرفة التحكم الرئيسية في المفاعلات، كما شاركوا في بدء تشغيل مفاعل المحطة الثالثة في براكة.
ويقول سيف الكتبي: عملنا يختص بقيادة فريق تشغيل المفاعلات والإشراف على سير العمل لضمان سير العمليات التشغيلية وفق المتطلبات الرقابية وأعلى المعايير العالمية، ويمكن تميز النموذج الإماراتي في قطاع الطاقة النووية، في عمل الكفاءات الإماراتية جنباً إلى جنب مع الخبرات العالمية، الأمر الذي يسهل تبادل المعارف والخبرات، وتطوير جيل جديد من قادة قطاع الطاقة في الدولة، ولاسيما أن العمر التشغيلي لمحطات براكة يمتد إلى أكثر من 60 عاما.
ويضيف عبدالله المنهالي: لدينا تناغم فريد من نوعه في فرق العمل في محطات براكة والتي ينتمي أفرادها لأكثر من 50 جنسية وثقافة، الأمر الذي يسلط الضوء على القدرات الريادية الإدارية لدينا، وأكثر ما يدعو للفخر بالنسبة لي هو العمل في برنامج يعبر عن طموحات الشباب الخاصة بالنمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة في نفس الوقت.
ومن جهته، يوضح حسن الهرمودي: بداية تشغيل ثالثة محطات براكة يضيف دافعاً جديداً للكفاءات الإماراتية للمزيد من المثابرة، ولاسيما أننا على بعد خطوات فقط من الإنجاز الكامل لمحطات براكة، ولتصبح دولتنا الأولى في العالم العربي التي تطور مشروعاً نموذجيا للطاقة النووية.
كفاءات نسائية
أما زميلتهم المهندسة أماني الحوسني، مدير تشغيل المفاعلات النووية، فترى أن هناك جانباً آخر للتميز يكمن في الكفاءات الإماراتية النسائية المتخصصة في الطاقة النووية، وهو مجال جديد أثبتت الفتاة الإماراتية حضوراً قويا ومتميزاً فيه، مضيفة بعد مشاركتها في عملية بداية تشغيل ثالث محطات براكة: نحن كفريق تشغيل استفدنا من الدروس السابقة خلال بداية تشغيل المحطتين الأولى والثانية في براكة، لنواصل مسيرة التطوير بثقة مدروسة.
وتضيف زميلتها لمهندسة جواهر البلوشي، مشغل المفاعلات النووية: فخورون بهذا الدور المميز للكفاءات النسائية الإماراتية في تحويل الحلم إلى حقيقة، وامتلاك دولة الإمارات لثلاث محطات للطاقة النووية في مرحلة التشغيل ستساهم بشكل أساسي في دعم تحقيق أهداف الدولة الخاصة بالتنمية والاستدامة.
نموذج يحتذى
أصبح البرنامج النووي السلمي الإماراتي نموذجاً يحتذى به من قبل مشاريع الطاقة النووية الجديدة على مستوى العالم، وحرصت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على إعداد استراتيجيتها المستقبلية التي ترى في محطات براكة 20% فقط من مهمتها الأوسع، والتي تتركز في البحث والتطوير واستكشاف فرص تطوير الجيل التالي من المفاعلات النووية ومن ضمنها نماذج المفاعلات المعيارية المصغرة، إلى جانب تمهيد الطريق لتطوير مصادر جديدة للطاقة الصديقة للبيئة مثل الهيدروجين.
وتبقى الكفاءات الإماراتية هي حجر الأساس في نجاح الاستراتيجيات والخطط المستقبلية، ولاسيما أنها اكتسبت مهارات وخبرات مميزة في أكثر المجالات العلمية والتكنولوجية تقدماً.
وتمكنت دولة الإمارات من ترجمة رؤية القيادة الرشيدة ونهجها الاستشرافي في ما يخص ضمان أمن الطاقة والاستدامة معاً، من خلال تطوير محفظة متنوعة من مصادر الطاقة التي تضمن للدولة الانتقال لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة وتحقيق أهدافها بخفض البصمة الكربونية.