سيد الحجار (أبوظبي)

شهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وبريطانيا تطورات إيجابية ملحوظة خلال العقود الأخيرة، في ظل حرص قيادة الدولتين على ترسيخ العلاقات المشتركة في جميع المجالات. وأكد اقتصاديون ورجال أعمال لـ«الاتحاد» أن الإمارات وبريطانيا تجمعهما علاقات تاريخية وشراكة اقتصادية نموذجية، موضحين أن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، لعبت دوراً بارزاً في تعزيز الروابط الوثيقة بين البلدين في كافة المجالات، لاسيما الجانب الاقتصادي والذي يمثل محوراً أساسياً في نمو العلاقات الثنائية بين الدولتين. وقال هؤلاء إن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» إلى لندن في سبتمبر الماضي أعطت دفعة كبيرة للعلاقات الثنائية بين البلدين، لاسيما بالمجال الاقتصادي، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم شملت جملة من القطاعات الحيوية، فيما تم الاتفاق خلال الزيارة على أهمية تفعيل «الشراكة من أجل المستقبل»، مع الانطلاق من هذه الشراكة لإرساء آليات جديدة لتعزيز سبل التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والابتكار.
تعد دولة الإمارات الشريك التجاري الثالث للمملكة المتحدة خارج قارة أوروبا، وأكبر شريك تجاري لها على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وإحدى أسرع الأسواق نمواً للصادرات البريطانية، في الوقت الذي يشكل فيه التبادل السياحي أحد أهم مسارات التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث تستقبل دولة الإمارات نحو 1.5 مليون سائح من المملكة المتحدة سنوياً.
كما تعتبر المملكة المتحدة ثالث أكبر شريك تجاري أوروبي لدولة الإمارات، وتستحوذ على 2% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع العالم، وبلغت قيمة التجارة البينية غير النفطية خلال عام 2020 نحو 8 مليارات دولار، وتستحوذ الإمارات على 27% من إجمالي الواردات السلعية والخدمية للمملكة المتحدة من الدول العربية.
وبلغ الرصيد الإجمالي للاستثمار الأجنبي المباشر بين البلدين نحو 40 مليار دولار في مطلع عام 2020.
وتأتي المملكة المتحدة في المرتبة الأولى كأهم مستثمر أجنبي مباشر في دولة الإمارات بقيمة 22 مليار دولار حيث تستحوذ على 17% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة بنهاية 2019، كما أنه وخلال آخر 5 سنوات فإن ما نسبته 30% من التدفقات الاستثمارية الواردة إلى دولة الإمارات مصدرها بريطانيا.
وخلال سبتمبر 2021، تم توقيع اتفاقية شراكة بين شركة مبادلة للاستثمار ووزارة التجارة الدولية في المملكة المتحدة للاستثمار السيادي بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة بقيمة 10 مليارات جنيه استرليني. 

  • حمد العوضي

تطوير العلاقات
وأكد رجل الأعمال حمد العوضي أن الإمارات وبريطانيا تجمعهما علاقات تاريخية في جميع المجالات، موضحاً أن الجانب الاقتصادي يمثل محوراً أساسياً في نمو العلاقات الثنائية بين الدولتين، والتي تشهد حالياً زخماً كبيراً في مختلف المجالات، في ظل الجهود المبذولة لتطويرها وتوسيع آفاقها.
وأشار إلى أن البريطانيين يشكلون أكبر جالية أوروبية بالإمارات، حيث توفر الإمارات بيئة مثالية للعيش والاستثمار والعمل، في ظل سيادة مبادئ التسامح، فضلاً عن تواجد العديد من الشركات البريطانية بالدولة، في ظل توفر مناخ استثماري جاذب وآمن بالإمارات.
وبلغ عدد الشركات البريطانية المسجلة في الإمارات 337 شركة، فيما بلغ عدد العلامات التجارية المسجلة بالدولة حتى نهاية 2019 نحو 19.668 علامة تجارية، بينما بلغ عدد الوكالات التجارية البريطانية المسجلة في الإمارات 807 وكالات.
وأكد العوضي أهمية اتفاق الإمارات وبريطانيا خلال شهر سبتمبر 2021 على إنشاء شراكة جديدة وطموحة، من أجل المستقبل ترتكز على تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، والتي ستشكل أساساً لهذه الشراكة.

  • عبدالله عمر باعبيد

علاقات مشتركة
وأوضح رجل الأعمال عبدالله عمر باعبيد الرئيس التنفيذي لمجموعة «إيه أم جي» أن العلاقات بين الإمارات وبريطانيا تمتد على مدى عقود، حيث حرصت دولة الإمارات منذ تأسيسها على توطيد علاقتها مع بريطانيا، ونجح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالتعاون مع الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، في تكوين روابط وثيقة بين البلدين في مجالات عدة أسهمت في ترسيخ العلاقات المشتركة.
وأشار إلى أن هذه العلاقات التاريخية انعكست بشكل مباشر على التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، والذي يشهد تطورات إيجابية ملحوظة خلال الفترة الحالية، لاسيما مع الإعلان العام الماضي عن توقيع اتفاقية شراكة بين شركة مبادلة للاستثمار ووزارة التجارة الدولية في المملكة المتحدة للاستثمار السيادي بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة بقيمة 10 مليارات جنيه استرليني. ولفت باعبيد إلى وجود فرص تعاون اقتصادي واعدة بالعديد من المجالات بين الإمارات وبريطانيا، لاسيما بقطاعات الطاقة والتكنولوجيا والرعاية الصحية، فضلا عن قطاع السياحة والسفر. وأكدت هيئة السياحة البريطانية «فيزيت بريتن» مطلع العام الحالي، أن دولة الإمارات تعد ثاني وجهة عالمية للسياح البريطانيين، بعد الولايات المتحدة الأميركية.

  • خليفة المحيربي

فرص تعاون
أوضح خليفة المحيربي رئيس مجلس إدارة الخليج العربي للاستثمار أن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، لعبت دوراً بارزاً في تعزيز الروابط الوثيقة بين البلدين في جميع المجالات، لاسيما الجانب الاقتصادي.
وأكد عمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، مشيرا إلى وجود آفاق واسعة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، في ظل حرص الجانبين على توسيع الشراكة الاقتصادية، وما ترتكز عليه من روابط تاريخية وطيدة بين البلدين.
وأشار إلى وجود فرص واعدة للتعاون بين رجال الأعمال الإماراتيين والبريطانيين، استنادا إلى العلاقات والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين.
وأعلنت وزارة التجارة البريطانية خلال شهر يونيو الماضي أن لندن ستبدأ محادثات بشأن اتفاق تجارة حرة مع 6 دول خليجية لتعزيز التبادل التجاري بقيمة توازي 33.1 مليار جنيه استرليني.
وقال المحيربي: ارتبطت الإمارات بعلاقات تاريخية مع المملكة المتحدة من خلال الاتفاقيات الثنائية، واللجان المختصة التي تم تشكيلها عبر التاريخ في مختلف المجالات، وهو ما أسهم في نمو حجم التبادل التجاري بين البلدين.

سلطان بن سليّم: علاقات استراتيجية 
أكد سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة أن عهد الملكة إليزابيث شهد علاقات ثنائية استراتيجية بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة ارتكزت على تعزيز العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين في شتى المجالات لاسيما الاقتصادية.
وأكد ابن سليّم أن دولة الإمارات تعتز بوجود سفينة تحمل اسم الملكة الراحلة على أرض دبي بعد إبحارها حول العالم منذ ستينيات القرن الماضي.
ونوه بأن مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة تفتخر بوجود سفينة «الملكة إليزابيث 2» تحت مظلتها كأول فندق عائم في إمارة دبي بعد رسوها بميناء راشد عام 2008. وأضاف أن الملكة إليزابيث افتتحت خلال زيارتها لدبي عام 1979 يصحبها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، ميناء جبل علي الذي ضم حينها 72 رصيفاً واستغرق العمل فيه 4 سنوات، وضم ترسانة خاصة لإصلاح السفن وأرصفة خاصة مجهزة برافعات حمولة 6 آلاف طن وحوض جاف يضم مرابط للسفن التي تبلغ حمولتها 30 ألف طن.

خلف الحبتور: ترسيخ العلاقات
أكد خلف الحبتور رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، الدور المهم للملكة الراحلة إليزابيث الثانية في ترسيخ العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وبريطانيا، موضحا أن وجودها وحكمتها ساهما في تقوية العلاقات بين الإمارات وبريطانيا على جميع المستويات، وشكلا دعماً كبيراً لجهود أي حكومة بريطانية خلال فترة حكمها.
وقال الحبتور: إن العالم فقد هامة كبيرة برحيل الملكة إليزابيث الثانية، فقد عاصرت الكثير من القادة، ومنهم الكثير من القادة في منطقتنا، وحافظت على علاقة ود واحترام متبادلين مع الجميع.