أدت التحديات التي فرضتها جائحة "كوفيد - 19"، إلى بزوغ نجم ما يعرف بـ"بنوك المستقبل" في ظل التوجه نحو الاعتماد على الخدمات التي توفرها التكنولوجيات الجديدة التي بدأت تمد جسورها نحو المستقبل، في وقت تسعى البنوك حول العالم لمواكبة هذه التوجهات التكنولوجية المتصاعدة لتعزيز عملياتها التشغيلية والارتقاء بخدماتها. وعلى الرغم من أن البنوك حول العالم بدأت رحلات التحول الرقمي منذ عقود، إلا أن جائحة "كوفيد-19" سرعت من تحول البنوك نحو المستقبل عبر تطبيق استراتيجيات مدروسة للتحول الرقمي خصصت لها مليارات الدولارات، بالتوازي مع تحديث الأنظمة الرقابية والإشرافية، وترقية البني التحتية ومستويات الأمان والبيانات، وتطوير منصات الخدمات المصرفية من أجل توفير منتجات وخدمات آمنة ومخصصة، تعتمد على أحدث التقنيات المبتكرة بما فيها "البلوك تشين" والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء.

ريادة إماراتية

ومع التوسع في الاستثمار في التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والميتافيرس، كانت المصارف الإماراتية أول البنوك التي تبنّت التحول الرقمي منذ عدة سنوات حيث أطلق "بنك المارية المحلي" في منتصف العام الماضي كأول بنك رقمي متخصص يقدم خدماته من خلال منصة خدمات رقمية تقدم منتجات مصرفية متكاملة تعمل ضمن أفضل معايير التكنولوجيا المالية. كما حصل "زاند" مؤخراً على ترخيص مصرف الإمارات المركزي لمزاولة الأعمال المصرفية كبنك تجاري باسم "زاند بنك"، ليصبح بنكاً تجارياً مرخصاً ومنظماً في الدولة فضلا عن حصوله على دعم استثماري من شركة "فرانكلين تمبلتون" وعدد من المجموعات الاستثمارية المحلية والدولية، بينما حصلت منصة "ويو" على التراخيص اللازمة من مصرف الإمارات المركزي للانطلاق وهي مملوكة لكل من "القابضة" و"ألفا ظبي القابضة" و"اتصالات" وبنك أبوظبي الأول برأسمال أولي قدره 2.3 مليار درهم.

تحولات سريعة

وقال جمال صالح، مدير عام اتحاد مصارف الإمارات لـ"وام" إن القطاع المصرفي العالمي يشهد تحولات سريعة تتمثل في دخول عالم مالي افتراضي يتيح القيام بكافة العمليات المصرفية في أي مكان وزمان. وأضاف صالح انه مع القفزة التي شهدتها تقنيات الإنترنت على مدار العقد الماضي، لم تكن مفاجأة أن تنشأ فكرة البنوك الرقمية الجديدة والتي تعمل في الفضاء الافتراضي بشكل كامل وتتميز بسهولة الوصول من خلال تطبيقات الهواتف التطبيق أو زيارة الموقع الإلكتروني وإنجاز المطلوب خلال لحظات.

التحول الرقمي

من جانبه، قال محمد وسيم خياطة، الرئيس التنفيذي لبنك المارية المحلي، أول بنك رقمي متكامل في دولة الإمارات لـ"وام"، انه خلال العقدين الماضيين، أطلقت ثورة الهاتف المحمول العنان لسلالة جديدة من مزودي التكنولوجيا المالية لتغيير الصناعة المصرفية باستخدام التقنيات القائمة على تطبيقات الهاتف المحمول، مشيراً إلى إن وصول حلول مصرفية جديدة تعتمد على تطبيقات الأجهزة المحمولة وشركات التكنولوجيا المالية جعلت من الضروري على البنوك التقليدية أن تختار التحول الرقمي.

وذكر أن البنوك الرقمية والإلكترونية تمتلك العديد من الميزات التي لا تستطيع البنوك التقليدية تقديمها، مع توفر إمكانية الوصول للحساب المصرفي من سطح المكتب والجوال، ما يعني أن العميل ليس مرتبطاً بساعات العمل المصرفية لإدارة أمواله.

تجربة العملاء

من جهته، قال علي سلطان ركاض العامري، الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي، إن قطاع الخدمات المصرفية لا بد أن يتخذ بعض الخطوات الشجاعة والمبتكرة، لمواكبة الاقتصاد الرقمي وإعادة ابتكار تجربة العملاء من منظور رقمي. وأضاف العامري انه لمواكبة التحول الرقمي العالمي عملنا على خلق تجربة الميتافيرس الخاصة بنا لنكون أول بنك إماراتي وأحد الأوائل في الشرق الأوسط بتقديم هذه التجربة بما يتماشى مع التزام دولة الإمارات القوي لبناء اقتصاد رقمي يتضمن استخدام تكنولوجيا البلوك تشين والأصول الافتراضية والذكاء الاصطناعي، وتقنيات الواقع المعزز في كل من بيئة الأعمال والخدمات اليومية للأفراد.

 التطورات المالية الرقمية

تشير التقديرات إلى أن حجم الخدمات المالية والمصرفية الرقمية على مستوى العالم تجاوز 8 تريليونات دولار خلال عام 2021، ومن المتوقع أن تتخطى 10 تريليونات دولار بحلول 2027، وفق صندوق النقد العربي، الذي أكد أن حجم سوق البنوك الرقمية قُدر بأكثر من 12.1 مليار دولار في 2020 ومن المتوقع أن يرتفع إلى نحو 30.1 مليار دولار بحلول 2026.