شعبان بلال (القاهرة)

ألقت توقعات صندوق النقد الدولي بانخفاض وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي للمرة الثالثة على التوالي خلال هذا العام، بظلالها مبكراً على الدول النامية والاقتصادات الناشئة، إذ تنذر بسنة قاسية على الاقتصاد، فيما حذر خبراء اقتصاديون من خطر الركود التضخمي الذي قد يضر بدول الشرق الأوسط، مشددين على أن مسؤولية الحلول تقع على عاتق المجتمع الدولي تجاه الاقتصادات الناشئة. 
وقال الخبير الاقتصادي علي الإدريسي: إن تباطؤ النمو العالمي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في دول الشرق الأوسط، خاصة الاقتصادات الناشئة منها، وما يترتب على ذلك من مشاكل في عمليات الاستيراد والتصدير بعد انخفاض أسعار صرف العملات في المنطقة. 
ولفت الإدريسي إلى أن تباطؤ النمو العالمي سيزيد من معدلات الفقر في بعض البلدان ويعرضها لأزمات استثمارية كبرى، فتقل فعالية برامج الحماية الاجتماعية التي تنظمها حكومات الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وأخيراً تتقلص فرص نجاح المشروعات التنموية فيها.
وأوضح الخبير الاقتصادي لـ«الاتحاد» أن النزاعات الدائرة في منطقة اليورو حاليا أثرت بشكل سلبي على الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة مع دول الشرق الأوسط، فبعضها توقفت بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، وبعضها تم تأجيله إلى أجل غير مسمى مثل المنطقة الصناعية بين مصر وروسيا التي كان من المقرر تنفيذها في الفترة الحالية. 
وأكد الإدريسي أن ارتفاع تكلفة استيراد البترول لدى دول المنطقة المستوردة للنفط تتسبب في ارتفاع أسعار منتجاته ومشتقاته، وبالتالي تزايد أسعار السلع والخدمات بمختلف أنواعها، وكل تلك النتائج تؤثر في النهاية على دخل الفرد والقوة الشرائية لعملة كل دولة، إلى جانب التأثر الواضح منذ أزمة كورونا من تضخم وارتفاع في معدلات البطالة وهما العنصران الأكثر تأثيراً بشكل مباشر على محدودي الدخل في دول المنطقة.
ومن جانبه، شدد محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على ضرورة دعم المجتمع الدولي للدول النامية والناشئة في مواجهة تلك الأزمات، ومحاولة إيجاد حلول لتقليل الخسائر قدر الإمكان لتجنب السيناريوهات الأكثر سوءاً، خاصة أن أغلبية الدول الناشئة لا تتحمل مسؤولية ما يجري وفي المقابل تتحمل التداعيات والخسائر.
وقال السعيد لـ«الاتحاد» إن أكثر الدول تأثراً هي التي عليها ديون خارجية عالية، حيث تواجه تداعيات ارتفاع نسبة الفائدة في أميركا وأوروبا، وهو ما يصعد بتكلفة خدمة الدين، متوقعاً دخول بعض الدول مرحلة المديونية الحرجة التي تصحبها شكوك حول قدرتها على السداد.
وأضاف أن صعوبة الأزمة العالمية الحالية تكمن في أنها ركود يصاحبه تضخم، وهو أمر يصعب التعامل معه لأن علاج كل مشكلة منهما يتسبب في المشكلة الأخرى، لذلك فإن العالم بحاجة لخطة مدروسة لمواجهة الأزمة.
وكان صندوق النقد الدولي قد خفّض توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2 في المئة خلال العام 2022 بدلاً من 3.6 في المئة في توقعاته السابقة في أبريل، وكذلك خفض توقعات نمو الاقتصاد العالمي للعام 2023 إلى 2.9 في المئة بدلاً من التوقع السابق 3.9 في المئة. 
وأرجع صندوق النقد التوقعات السلبية إلى الصدمات المتتالية للاقتصاد العالمي بسبب تداعيات انتشار وباء كورونا والإغلاق عالمياً، ثم بعدها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى ارتباك اقتصادي عالمي.