يوسف العربي (أبوظبي)

ينمو سوق مراكز البيانات في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 22.3 % خلال خمس سنوات مسجلاً معدل نمو سنوي مركباً قدره 4.1 % خلال الفترة من 2021 إلى 2026، حسب التقرير «تحليل سوق مركز البيانات الإماراتي» الصادر عن مؤسسة «MarkNtel Advisors» للبحوث والدراسات. وأكد التقرير الصادر عن المؤسسة البحثية والذي اطلعت عليه «الاتحاد»، أن نمو سوق البيانات في دولة الإمارات جاء مدعوماً بعدد من العوامل والمبادرات منها الرقمنة السريعة في الخدمات الحكومية، ومشاريع تطوير المدن الذكية، فضلاً عن نشر البنية التحتية للجيل الخامس. وأفاد التقرير أن التحول في تركيز دولة الإمارات على الاعتماد على النفط لتصبح المركز الإقليمي لتكنولوجيا المعلومات أدى إلى زيادة الطلب على مراكز البيانات في الدولة.

حماية البيانات 
وأوضح التقرير أن القانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم (2) لسنة 2019 في شأن استخدام تقنية المعلومات والاتصالات في المجالات الصحية (قانون حماية البيانات الصحية) ألزم الكيانات التي تعالج البيانات المتعلقة بالرعاية الصحية بالامتثال إلى التشريعات الجديدة لإنشاء نظام مركزي (مركز بيانات) لتخزين وتبادل وجمع الرعاية الصحية كما فرض غرامات على المخالفات. وقال التقرير إن الإمارات كانت سباقة في دمج التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، والتعلم الآلي (ML)، والبلوكتشين، والجيل الخامس لشبكات الهاتف المتحرك في مجالات مثل الخدمات المالية والرعاية الصحية والنقل والتصنيع والتخزين من بين الصناعات الأخرى لذلك، فإن الحاجة إلى مراكز البيانات تتزايد بشكل كبير في الدولة. 

تأثيرات إيجابية
وأكد التقرير أن جائحة «كوفيد 19» أثرت بشكل إيجابي على سوق مراكز البيانات في الإمارات، نظراً لقيام معظم المؤسسات على الفور بتمكين العمل عن بعد لجميع الموظفين لضمان سلامتهم بسبب القيود والإجراءات الاحترازية.
ونوهت الدراسة إلى أن الاعتماد المتزايد على السحابة والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء في أعقاب جائحة COVID-19، أدى بدوره إلى زيادة الطلب على مراكز البيانات الفعالة لدعم تخزين كمية كبيرة من البيانات والوصول إليها من خلال السحابة ومؤتمرات الفيديو.
وقالت إنه مع تزايد الحاجة إلى تعزيز أداء تكنولوجيا المعلومات والمرونة والأمن بين المؤسسات في دولة الإمارات، ينمو سوق مراكز البيانات بشكل أسرع مما كان متوقعاً خلال الوباء، ومن المتوقع أن ينمو بشكل أكبر في العام المقبل.

تعزيز التنافسية 
ومن جانبه، قال الدكتور رياض صوبهاني، مدير مشروع PG ورئيس دورة تصوير البيانات والتحليلات، كلية الرياضيات وعلوم الكمبيوتر، جامعة هيريوت وات دبي لـ «الاتحاد»، إن دولة الإمارات العربية المتحدة صنفت من بين أفضل عشرة اقتصادات تنافسية في العالم للعام الثاني على التوالي، وفقاً لتصنيف «IMD» للتنافسية العالمية 2021، وفي ذلك مؤشر مهم على تطوير الدولة لبنيتها التحتية التكنولوجية التي يأتي من ضمنها مراكز البيانات، حيث يتطلب الاقتصاد التنافسي بيئة صديقة للمستثمر وداعمة للابتكار.
وأضاف أن الإمارات كرست اهتماماً خاصاً لتخزين البيانات من خلال استراتيجية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي تحدد نشر البنية التحتية السحابية الآمنة وتخزين البيانات في جميع القطاعات والصناعات. 

البنية التشريعية 
وأكد صوبهاني، أن الهيكل التشريعي لدولة الإمارات فعال في معالجة التغيرات التكنولوجية السريعة التي تزيد من الحاجة إلى تخزين البيانات وحمايتها.
ونوه بأن القانون الاتحادي الصادر في سبتمبر 2021 «بشان حماية البيانات» يوفر صورة واضحة حول طريقة جمع البيانات ومعالجتها ومراجعتها ونقلها، حيث تم صياغة القانون بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية ويفرض الامتثال للشركات التي تمتلك بيانات شخصية للمستهلكين. وأضاف أنه نظراً لطموح الحكومة في تحويل الإمارات إلى دولة ذكية، أصبحت البنية التحتية السحابية الآمنة وتخزين البيانات مدمجة في جميع الصناعات، بدءاً من الخدمات الحكومية والسكنية إلى الرعاية الصحية والتصنيع.
وقال إنه بالإضافة إلى ذلك فإن الاعتماد المتزايد على الإنترنت بالإضافة إلى الإستراتيجيات الوطنية التي تشجع على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء تؤدي إلى زيادة الحاجة إلى تخزين البيانات وحمايتها بشكل موثوق.

مبادرات الإمارات
قال رياض صوبهاني إن هناك العديد من المبادرات التي اتخذتها دولة الإمارات في السنوات الأخيرة تجعلها تبرز من حيث الاستراتيجيات المتعلقة بالرقمنة، موضحاً أن ذلك يشمل مبادرات مثل الحكومة الإلكترونية والمدن الذكية والبيانات المفتوحة وتفويض «بلوك تشين» للمعاملات الحكومية والخطوات المتقدمة الأخرى.
ونوه بأن الأهم من ذلك أنه تم دمج «الرقمنة» في الخدمة الحكومية واستراتيجية التنمية الاقتصادية، حيث أطلقت وزارة الصحة نظام «ملفي» وهو أول منصة لتبادل المعلومات الصحية في المنطقة، والتي تهدف إلى ربط مقدمي الرعاية الصحية العامة والخاصة، ويعد «ملفي» مثالاً على استخدام تحليلات البيانات لتحسين الرعاية الصحية في البلاد.
ونشرت مؤسسة دبي للمستقبل مؤخراً، بالتعاون مع اقتصادية دبي، تقريراً جديداً يقدم توصيات لتسريع تبادل البيانات واستخدامها وتشجيع الاستثمارات في قطاع البيانات. ويناقش التقرير أهمية استخدام البيانات لزيادة الكفاءة وتبسيط العمليات واشتقاق رؤى استراتيجية بمستوى من الدقة في الشركات والحكومات بطرق لم يكن من الممكن الوصول إليها من قبل، وهذا يدل على الاهتمام والجهود المستمرة المكرسة لتعزيز استخدام البيانات لصالح الاقتصاد الرقمي.