يوسف البستنجي  (أبوظبي)

تشهد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وفرنسا تطورات قوية ومهمة، تجعلها مقبلة على نقلة نوعية تتيح العديد من الفرص الاستثمارية للشركات والمستثمرين من البلدين، بحسب خبراء ومحللين اقتصاديين. وأشار هؤلاء لـ«الاتحاد» إلى أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» للعاصمة الفرنسية باريس، جاءت لتؤكد أن المرحلة المقبلة للعلاقات بين البلدين ستحمل آفاقا واسعة للتعاون الاستثماري والاقتصادي، خصوصاً أن كلا من الإمارات وفرنسا تمتلكان قواعد وأسساً راسخة للبناء على ما تحقق من إنجازات في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وأوضحوا أن الشركات الإماراتية تتطلع إلى استثمارات نوعية بفرنسا كونها واحدة من أكبر وأهم الأسواق الأوروبية، فيما يمثل التطور المتواصل في اقتصاد الإمارات فرصاً نوعية للشركات الفرنسية، علاوة على البنية التحتية المتميزة التي تتمتع بها دولة الإمارات، فضلاً عن كونها أبرز دول المنطقة في مجال إعادة تصدير وبوابة لدخول أسواق الشرق الأوسط وآسيا.
وأكد الخبراء أن الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية التي تقيمها الدولة مع أهم الاقتصادات في العالم وأكثرها تطوراً وتقدماً، وفي مقدمتها جمهورية فرنسا، إنما تعزز مكانة الدولة كشريك يملك الأفضلية في النظام الاقتصادي والتجاري الدولي، وتضمن حماية سلاسل التوريد منها وإليها في جميع الظروف والتطورات العالمية.  
وأضافوا أن الخطوات الاستباقية التي تتخذها الدولة في ما يتعلق بتوقيع الاتفاقيات الاستراتيجية مع الدول الكبرى ومنها فرنسا، إنما تعبر عن حكمة ورؤية مستقبلية ثاقبة، حيث تعزز تلك الاتفاقيات ثقة المستثمرين في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية  في دولة الإمارات.

سلاسل التوريد 
وقال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة «الظبي كابيتال»، إن دولة الإمارات تقوم  بخطوات استباقية لعقد المزيد من الاتفاقيات الاستراتيجية مع كبريات الدول، وفي مقدمتها جمهورية فرنسا، وذلك نتيجة رؤية وحكمة  قيادتها لمواجهة التغييرات التي يشهدها العالم.
وأضاف ياسين، أن العالم شهد خلال السنوات الأخيرة عدداً من التحديات الاقتصادية، في الوقت الذي أصبحت فيه العلاقات الثنائية والشراكات الاقتصادية أساساً لحماية سلاسل التوريد الدولية، مشيراً إلى أن نهج دولة الإمارات في تطوير العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجي يعتبر في الوقت الراهن أساس التنمية الشاملة والمستدامة.

وأكد أن هذه الاتفاقيات  تجعل دولة الإمارات الشريك الاقتصادي المفضل للدول المتقدمة، ومنها جمهورية فرنسا، مشيراً إلى أن الأزمات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن أصبحت تؤثر بشكل مباشر على سلاسل التوريد، وهو الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً لعملية التنمية الاقتصادية واستمرارية النمو.
وقال ياسين، إن قدرة الدول على ضمان استمرار تدفق  السلع هو أساس لضمان النمو والتطور، مبيناً أن اتفاقيات الشراكة التي توقعها دولة الإمارات مع شركائها التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين في العالم ومنهم فرنسا، تعتبر إحدى الأدوات الرئيسية التي تهدف إلى ضمان استمرارية سلاسل  التوريد في جميع الظروف.
وقال إن الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية التي توقع عليها دولة الإمارات تجعل لها الأفضلية في  الحصول على السلع والمنتجات بميزات تفضيلية، خصوصاً تلك الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مؤخراً مع عدد من دول العالم المتقدمة والاقتصادات  الكبرى، مثل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأميركا والصين والهند وإندونيسيا وغيرها، حيث تصب جميعها في خدمة دعم واستمرار التنمية الاقتصادية بدولة الإمارات.
وقال إن الهدف من تلك الاتفاقيات والشراكات الاقتصادية يتمثل في تنمية العلاقات مع أكبر الاقتصاديات الدولية، وتعزيز وضع دولة الإمارات كشريك اقتصادي مفضل لها، مؤكداً أن هذه الشراكات تضمن أيضاً، الأمن الغذائي مع انسياب السلع والمنتجات بين الأسواق المحلية والخارجية.

المنافع المتبادلة
من جهته، قال أمجد نصر الخبير الاقتصادي، إن دولة الإمارات توصلت إلى العديد من الشراكات  الاقتصادية مع الكثير من الدولة المتطورة والمتقدمة، مؤكداً أن دولة الإمارات تهدف من خلال إقامة هذه الشراكات الاستراتيجية  القائمة على تحقيق المنافع المتبادلة، إلى نقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة، وأن تصبح شريكاً في إنتاجها وتطويرها وليس فقط مستهلكاً لها.

وقال: «تؤدي الشراكات لنقل المختبرات والأبحاث والتكنولوجيا وتوطينها بالدولة، وهذا يشمل قطاعات عدة، منها قطاع  الطاقة التقليدية  والطاقة المتجددة، فضلاً عن قطاعات التعليم والصحة والزراعة»، لافتاً إلى أن  التعاون الاقتصادي والعلمي والمعرفي مع فرنسا قطع خطوات مهمة خلال السنوات الماضية، متوقعاً أن تثمر زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عن نقل العلاقات بين البلدين إلى آفاق رحبة تقودها المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.
وأضاف نصر أن الإمارات وفرنسا تتمتعان بعلاقات ثنائية متميزة مع وجود شراكات متعددة في القطاع الثقافي والعلمي والأكاديمي، مثل متحف اللوفر وجامعة السوربون وغيرهما، لافتاً إلى أن الشراكات مع دولة، مثل فرنسا تدعم وتعزز الوجود الإماراتي ضمن كبريات المجموعات الاقتصادية الدولية، ومنها على سيبل المثال لا الحصر مجموعة العشرين، بما لديها من قوة علمية واقتصادية والدور الاقتصادي والتنموي  المحوري الذي تلعبه  في المنطقة والعالم.

علاقات راسخة
قال وائل أبومحيسن الخبير المالي، إن العلاقات التجارية والاستثمارية بين الإمارات وفرنسا علاقات راسخة في جميع قطاعات الأعمال، موضحاً أن الشركات الفرنسية تستثمر مليارات الدولارات في السوق الإماراتية، كما تتخذ العديد من الشركات الفرنسية السوق الإماراتية مركزاً لها للتوسع في الأسواق الإقليمية على جميع الصعد التجارية والاستثمارية. 
ولفت إلى أن دولة الإمارات تعتبر أحد أهم مراكز إعادة التصدير في النظام التجاري الدولي المعاصر، حيث تقوم بتصدير السلع والخدمات لنحو 1.5  مليار مستهلك في المنطقة المحيطة، الأمر الذي يعتبر عامل جذب مهماً للشركات الفرنسية، مؤكداً أن الشركات الإماراتية تمتلك استثمارات كبيرة في قطاعات عدة في السوق الفرنسية، مشيراً في هذا الصدد إلى أن أحد أهم الصادرات الإماراتية، وهي أجزاء الطائرات من إنتاج شركة «ستراتا» بالعين تذهب لشركة إيرباص الأوروبية.

وقال إن التدقيق في منهج وأدوات السياسة الاقتصادية المعتمدة لدولة الإمارات يؤكد للمراقبين والمحللين، أن الدولة تتبنى سياسة ومنهجية تنموية متكاملة وتوظف جميع الأدوات الضرورية، وفي مقدمتها الشراكات الاقتصادية، التي تجعلها صاحبة الأولوية في علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى، الأمر الذي يصب في ضمان توافر الشروط اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بغض النظر عن أي تطورات غير متوقعة في الأسواق الدولية.
وأضاف: إن دولة الإمارات التي تعتبر اليوم واحدة من أهم اللاعبين الاقتصاديين على المستوى الدولي، تقوم بتوظيف مكانتها المتميزة  لتحقيق التنمية والرفاهية والتطور لشعبها، ولتحسين مقدراتها ومكتسباتها وجودة حياة كل من يعيش على أرضها، موضحاً أن دولة الإمارات حريصة  على تعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع دول العالم، وعلى أجندتها التنموية اقتصادياً واجتماعياً وبشرياً.
وأكد أن تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع دولة مثل فرنسا من شأنه أن يكرس مكانة دولة الإمارات، باعتبارها مركزاً اقتصادياً عالمياً  للإنجاز والتميز في التجارة والابتكار واستقطاب الاستثمارات والمواهب، موضحاً أن الدولة توظف اتفاقياتها الاستراتيجية مع الدول الأخرى في تمكين الكوادر الوطنية، وتفعيل فرص الريادة، وتعزيز التنافسية، وبناء اقتصادات ومجتمعات المستقبل. وقال أبومحيسن، إن الدولة تمتلك رؤية واضحة  في الطريق نحو المستقبل، في الوقت الذي تشير فيه جميع الشراكات الاقتصادية التي توقعها الدولة إلى أنها محطات واعدة لتعزيز اقتصاد الإمارات المتنوع والعلاقات التجارية الواسعة مع مختلف دول العالم.