حسونة الطيب (أبوظبي)
ضمن سعيها لتنويع احتياطاتها من العملات الأجنبية، تتجه البنوك المركزية في العالم، للاستعانة باليوان الصيني، في بادرة تشير للتراجع التدريجي لهيمنة الدولار، في ظل التوترات التي تعصف بالساحة السياسية العالمية.
وارتفعت نسبة مديري الاحتياطي في البنوك المركزية، الذين يستثمرون أو ممن لديهم الرغبة في الاستثمار في اليوان، من 81% في 2021، لنحو 85% خلال العام الجاري، وفقاً لمسح أجرته مؤسسة يو بي أس الاستثمارية، على 30 من البنوك المركزية الرئيسية في الفترة بين أبريل ويونيو 2022.


تدهور تدريجي
ويقول ماسيميلانو كاستيلي، مدير استراتيجية الاحتياطي الأجنبي في مؤسسة «يو بي أس»: «نلاحظ تدهوراً تدريجياً في قوة الدولار، وأن الصورة التي تظهر الآن، هي واحدة ضمن نظام نقدي متعدد الأقطاب».
وجاءت زيادة الرغبة في العملة الصينية، بعد تجميد القوى الغربية لنحو 300 مليار دولار من احتياطي موسكو من العملة الصعبة، كجزء من العقوبات التي تفرضها هذه القوى، على روسيا جراء غزوها لأوكرانيا بداية العام الجاري، بحسب فاينانشيال تايمز. 
وفي حين ينظر معظم المديرين الذين شملهم الاستطلاع، إلى هذه الخطوة على أنها حدث لمرة واحدة، إلا أنها تضع تلك القوى الغربية، في مواجهة روسيا، وتعقد العلاقات مع الدول التي لا تنضم إلى العقوبات، بما في ذلك الصين.
ويزيد ذلك، من حجم الفجوة بين أميركا والصين، التي بدأت بالفعل أثناء الحرب التجارية التي تشنها إدارة الرئيس الأميركي بايدن. 
وأكد 80% من المديرين الذين شملهم مسح يو بي أس، أن التوجه نحو تبني عالم متعدد الأقطاب بعيداً عن نظام التمركز الأميركي، يصب في مصلحة اليوان، بينما ترجح البقية استفادة الدولار.
التضخم الأميركي
كما أثرت المخاوف المتعلقة بالتضخم الأميركي، والجهود التي يبذلها الاتحادي الفيدرالي لمحاربته، على الشعور قصير الأجل تجاه الدولار. وعادة ما تحتفظ البنوك المركزية بالدولار، من خلال ديون الحكومة الأميركية، التي تم بيعها بشكل كبير هذا العام، في الوقت الذي شدد فيه الاحتياطي الفيدرالي، القيود الخاصة بالسياسة النقدية.ويشير المسح، لسعي مديري الاحتياطي الأجنبي، للحصول على أصول بديلة مثل، الأسهم والدين الأخضر والسندات المحمية ضد التضخم، على ضوء مخاوف حول الاحتفاظ بسندات الخزينة الأميركية. وأكد ما يقارب 50% من المديرين الذين شملهم المسح، أن محافظهم تتسم بالتنوع في الوقت الحالي، بالمقارنة مع الفترة الماضية. 
وفي حين يظل الدولار وبفارق كبير، أفضل عملة احتياطي في العالم، إلا أن هذه الريادة تشوبها بعض الشكوك في الوقت الراهن. 

 

احتياطيات الدولار

وشكل الدولار ما يقارب 60% من الاحتياطات المخصصة عند نهاية الربع الأول من العام 2022، متراجعاً من 65% في ذات الفترة من العام 2016، بحسب بيانات واردة من صندوق النقد الدولي. وفي غضون ذلك، لم تتعد نسبة اليوان، سوى أقل من 3% فقط.
وعمد معظم مديري البنوك المركزية، لزيادة احتياطاتهم النقدية من الدولار، خلال العام الجاري حتى الآن. وبينما زاد 62% من هؤلاء المديرين، من احتياطاتهم بالدولار في العام الماضي، اتجه نحو 54% منهم، للاحتياطي باليوان.
ويقول ماسيميلانو كاستيلي مدير استراتيجية الاحتياطي الأجنبي في مؤسسة «يو بي أس»: «من الواضح وفي نهاية المطاف، وضع البنوك المركزية ومديرو الاحتياطي، في الاعتبار، التسلح بعملة أخرى، بُغية التصدي لتقلبات السوق وللمتغيرات التي قد تطرأ على الاقتصاد الكلي».