مصطفى عبد العظيم (دبي)
واصل القطاع الخاص غير المنتج للنفط في دولة الإمارات زخم النمو الذي يشهده منذ بداية العام الجاري، ليصل إلى أعلى مستوياته في شهر مايو الماضي، مدفوعاً بتسارع وتيرة الإنتاج وبزيادة تدفقات الطلبات الجديدة وتحسن الظروف الاقتصادية، وفقاً لنتائج مؤشر مديري المشتريات.
وسجل مؤشر مديري المشتريات الرئيس في الإمارات، التابع لشركة S&P Global، من 54.6 نقطة في شهر أبريل إلى 55.6 نقطة في شهر مايو، وهي أعلى قراءة للمؤشر في عام 2022 حتى الآن وأعلى بكثير من المستوى المحايد (50.0 نقطة).
وأشار المؤشر المركب الذي تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط إلى أحد أقوى معدلات التحسن في أحوال الاقتصاد غير المنتج للنفط في السنوات الثلاث الماضية، مع انتعاش درجة الثقة بشكل ملحوظ منذ شهر أبريل.
ووفقاً لنتائج المؤشر، تسارع نمو الإنتاج غير المنتج للنفط إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر في شهر مايو، ولم يتفوق عليه سوى الرقم القياسي المسجل بعد الوباء في شهر ديسمبر من العام الماضي، وفي الحالات التي شهدت زيادة في النشاط، غالباً ما ربط أعضاء اللجنة، ذلك بزيادة تدفقات الطلبات الجديدة وتحسن الظروف الاقتصادية بشكل عام.
ارتفاع النشاط
وأشارت الشركات إلى ارتفاع أسرع في النشاط والطلبات الجديدة، إضافة إلى زيادة متجددة في التوظيف، ومع ذلك أظهرت أحدث البيانات أيضاً أن الشركات تواجه صعوبة في مواكبة معدلات الطلب، حيث ارتفعت الأعمال المتراكمة بأعلى معدل خلال ثمانية أشهر. وعلاوة على ذلك، ارتفعت الضغوط التضخمية على تكاليف الأعمال إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2018، وسط مخاوف بشأن الإمدادات العالمية والتوترات الجيوسياسية.
وفي الوقت نفسه، أبلغت الشركات عن زيادة قوية في الأعمال الجديدة مع استمرار تحسن طلب العملاء، فيما أشارت بعض الشركات إلى أن زيادة التسويق وتجديد تخفيضات الأسعار ساعدا على زيادة المبيعات. وأشارت نتائج المؤشر إلى أنه بالإضافة إلى تزايد الطلبات المحلية، ازداد الطلب من العملاء الأجانب خلال شهر مايو، وظل معدل الانتعاش العام قوياً رغم تراجعه عما كان عليه في شهر أبريل، موضحة أن الطلب المتزايد ساعد على تجدد زيادة التوظيف في القطاع غير المنتج للنفط في شهر مايو.
وبحسب المؤشر كان معدل خلق الوظائف خلال شهر مايو 2022 هو الأسرع في سبعة أشهر، في حين أدى الارتفاع القوي في الطلبات الجديدة إلى زيادة حادة في الأعمال المتراكمة بأكبر معدل منذ شهر سبتمبر 2021.
الضغوط التضخمية
وعلى صعيد الأسعار، سلطت الشركات الضوء على الارتفاع الحاد في تكاليف مستلزمات الإنتاج خلال شهر مايو، حيث ارتفعت أسعار سلع مثل الوقود والمعادن والمواد الكيماوية والطاقة بسبب تحديات سلسلة التوريد العالمية المستمرة، ليصل معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات ونصف.
وعلى الرغم من ذلك، قدم عدد من الشركات أسعاراً مخفضة للعملاء، مما أدى إلى انخفاض متجدد في متوسط أسعار المنتجات والخدمات، وفي حين كانت هناك بعض الجهود لتمرير التكاليف المرتفعة إلى العملاء، قوبل ذلك بحملات مبيعات وسط تقارير تفيد بقوة المنافسة على الأسعار، حيث جاء ذلك في أعقاب أول زيادة في أسعار الإنتاج في مدة تسعة أشهر خلال شهر أبريل. وأشارت الشركات إلى ارتفاع قوي، ولكن أبطأ في مشتريات مستلزمات الإنتاج في منتصف الربع الثاني، إذ كان التباطؤ في نمو الشراء مرتبطاً جزئياً بسحب الشركات للمخزون بدلاً من شراء مواد جديدة بسبب زيادة الحذر بشأن الإنفاق.
وارتفعت مخزونات المشتريات في شهر مايو، ولكن بشكل هامشي فقط، كما تحسن أداء الموردين خلال شهر مايو، وإن كان بأقل معدل منذ بداية العام.
وأشار كثير من أعضاء اللجنة أن الموردين كانوا قادرين على التسليم بسرعة أكبر عند الطلب، فيما ظلت الشركات غير المنتجة للنفط تأمل في زيادة الإنتاج خلال الاثني عشر شهراً القادمة، الأمر المرتبط غالبًا بتعزيز الطلب وتوقعات زيادة المبيعات.
زخم الانتعاش
من جهته قال ديفد أوين، الباحث الاقتصادي لدى ستاندرد أند بورز جلوبال ماركيت انتليجنس، أن مؤشر مديري المشتريات لدولة الإمارات، ظل داخل نطاق النمو في شهر مايو، حيث ارتفع إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر، مما يشير إلى أن الاقتصاد يواصل التعافي بقوة من الوباء، مؤكداً انه رغم انتهاء معرض إكسبو 2020 دبي، واصلت الشركات الإشارة إلى ارتفاع حجم الطلبات وزيادة السياحة، حيث استفاد هذا الارتفاع جزئياً بتجدد زيادة متوسط أسعار الخدمات والمنتجات.
وأضاف أوين أنه في ضوء الاتجاه العالمي، كان العائق الرئيسي أمام القطاع غير المنتج للنفط في شهر مايو هو التضخم، إذ ارتفعت تكاليف مستلزمات الإنتاج بأسرع معدل منذ شهر نوفمبر 2018، بعد أن أشارت شركات كثيرة إلى ارتفاع أسعار الوقود بالإضافة إلى زيادة تكاليف مجموعة واسعة من المواد مثل الألومنيوم والفولاذ والخشب والمواد الكيميائية، في الوقت الحالي، موضحاً أن بيانات المؤشر تشير إلى أن الشركات تختار استيعاب التكاليف الإضافية بدلاً من نقلها إلى العملاء، ولكن من غير المرجح أن يستمر هذا إلى أجل غير مسمى.