الرياض (واس) تتميّز المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي استراتيجي ومهم، بإطلالتها على الخليج العربي والبحر الأحمر، كونها بوابة وحلقة وصل كبرى بين قارات ثلاث هي آسيا وأوروبا وأفريقيا، ومركز نقل رئيس للمسارات التجارية براً وجواً وبحراً، وهو ما استثمرته رؤية السعودية 2030 التي اعتمدت على تنويع الاقتصاد غير النفطي من خلال إطلاق برامج وأهداف رائدة تجعل من المملكة مركزاً لوجستياً عالمياً. وأطلقت المملكة الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية - أحد أهم المحاور الرئيسة لرؤية 2030 - التي تسهم في تعزيز القدرات البشرية والفنية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، وتعزز الارتباط بالاقتصاد العالمي، وتمكّن المملكة من استثمار موقعها الجغرافي الذي يتوسط القارات الثلاث في تنويع اقتصادها، من خلال تأسيس صناعة متقدمة من الخدمات اللوجستية، وبناء منظومات عالية الجودة من الخدمات، وتطبيق نماذج عمل تنافسية لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في قطاع الخدمات اللوجستية، بوصفه محوراً رئيساً في خطط المملكة، وقطاعاً حيوياً ممكِّناً للقطاعات الاقتصادية. وتضمنت الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية حزمة واسعة من المشاريع الكبرى والمبادرات التطويرية التي ستدفع بخدمات النقل وصناعة الخدمات اللوجستية إلى مراتب متقدمة إقليمياً ودولياً لدعم التنمية المستدامة في جميع مناطق المملكة. وتهدف الإستراتيجية إلى وضع المملكة العربية السعودية كمركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية، وذلك من خلال إنشاء منصات ومناطق لوجستية عالمية، وكذلك تطوير البنية التحتية للموانئ، وتوسيع طاقتها الاستيعابية، ورفع كفاءتها التشغيلية، إضافة إلى زيادة مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني إلى 10% عوضاً عن 6% حالياً، وتستهدف تحقيق عدة مستهدفات أبرزها أن تكون المملكة في قائمة الدول العشر الأولى عالمياً في مؤشر الأداء اللوجستي، وكذلك التقدم في مؤشر التجارة عبر الحدود لتصبح من ضمن الدول ال35 الأولى عالمياً، وأن تكون من ضمن أفضل 6 دول عالمياً في مؤشر جودة الطرق مع الحفاظ على ريادتها عالمياً في ترابط شبكة الطرق، وشحن أكثر من 4.5 مليون طن جواً سنوياً، إضافة إلى زيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية. وتماشياً مع الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية تقود الهيئة العامة للموانئ «موانئ» مسيرة التحوّل في قطاع النقل البحري والخدمات اللوجستية، فقد أقرت استراتيجيتها المؤسسية الجديدة التي تهدف إلى تنمية قطاع بحري مستدام ومزدهر، وتطويرها بما يدعم التجارة والتنمية الاقتصادية للمملكة. وتمتلك المملكة 13 ميناء على البحر الأحمر والخليج العربي تتمثل في موانئ جدة الإسلامي، والملك عبد العزيز، والملك عبد الله، والملك فهد الصناعي بالجبيل، وينبع التجاري، والملك فهد الصناعي بينبع، والجبيل التجاري، وجازان، وضبا، ورأس الخير، ورأس تنورة، والخفجي، وجازان للصناعات الأساسية والتحويلية، وتمر من خلالها 13% من حجم التجارة العالمية، كما تسهم هذه الموانئ في مرور 70% من واردات المملكة، و95% من صادراتها، عبر 291 رصيفاً، بطاقة استيعابية تقدر بـ 1.1 مليار طن وزني، وبمقدار 20 مليون حاوية. ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء بلغت قيمة الصادرات غير البترولية من المملكة العربية السعودية العام الماضي نحو 187.96 مليار ريال، في حين بلغت قيمة الواردات للمملكة حوالي 343.67 مليار ريال. وتعد الموانئ السعودية بوابات التجارة والتنمية للقارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا كونها تواكب المتغيرات السريعة في مجال التجارة البحرية، وواكبت التطور السريع في صناعة النقل البحري والخدمات اللوجستية بتطوير البنية التحتية لاستقبال الأجيال الجديدة للسفن، ومثالاً على ذلك استقبل ميناء الملك عبدالعزيز سفينة، «كوسكو سولار» التي تصل طاقتها الاستيعابية إلى 21300 حاوية وطولها 400 متر وعرضها 59 متراً، وكذلك استقبل ميناء جدة الإسلامي أول وأكبر سفينة حاويات في العالم تعمل كليّاً على الغاز الطبيعي المسال الصديق للبيئة بنظام/LNG/، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للسفينة 23 ألف حاوية قياسية ويبلغ طولها 400 متر، وعرضها 61 متراً، وأثمرت هذه التوجهات إلى حدوث تطور ملحوظ في الكفاءة التشغيلية للموانئ وضخ استثمارات كبيرة أدت إلى تحديثات متعاقبة للمعدات والتجهيزات ومعدلات أعلى لخدمة العملاء والمستفيدين وفق أعلى المعايير الدولية.