حسونة الطيب (أبوظبي)
لا شك في أن ارتفاع مستويات البحر، أصبحت تشكل هاجساً يقض مضاجع العديد من الذين يعيشون في المدن الساحلية في أنحاء مختلفة من العالم.
وتراوح ارتفاع متوسط مستوى البحر العالمي منذ العام 1880، بين 8 إلى 9 بوصات، مع توقعات ببلوغه 12 بوصة بحلول 2050. وعادة ما تتعرض مثل هذه المدن، لخسائر فادحة في الممتلكات والأصول، بجانب ما تخلفه الفيضانات من آثار بيئية كارثية.
وبالشراكة بين برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومدينة بوسان، تخطط المدينة، لتكون الأولى في العالم، لتبني هذا النمط من المدن العائمة، الذي تكون بعض أجزائه جاهزة بحلول 2025. ومدينة بوسان، التي يقطنها نحو 3.6 مليون نسمة، هي ثاني أكبر المدن في كوريا الجنوبية وأكبر ميناء فيها.
تجري الخطط على قدم وساق، لجعل المدينة تعتمد على مواردها الذاتية، من محطة لتدوير المياه وأخرى للطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، فضلاً عن تبنيها منهجاً، لتدوير وإنتاج ومعالجة المياه النظيفة. ومن المتوقع، أن تسع المدينة العائمة، لنحو 12 ألف شخص حالياً، وما يزيد عن 100 ألف في المستقبل، ينعمون باقتصادٍ خالٍ تماماً من المخلفات. كما تم تصميم كل قسم في المدينة، وفقاً للاستخدام مثل، مكان العيش، ومرافق البحوث، والتجارة وغيرها.
وتخلو المدينة منذ البداية، من أي سيارة أو مركبة أو دراجة غير كهربائية، مع توفير الطلب على الكهرباء باستغلال الطاقة الشمسية، سواء بألواح مثبتة في أسقف المرافق والمساكن أو من خلال محطات التوليد البحرية.
ومن المخطط، أن تقوم المدينة على أرصفة بحجم يتراوح بين 7 إلى 10 هكتار، ترتبط ببعضها البعض عبر جسور، بحسب شركة أوشيانكس المسؤولة عن بناء المدينة العائمة. وتجمع المدينة، بين الطراز المعماري الكوري القديم والجديد، بجانب إبراز ثقافة مدينة بوسان وفنونها وتجارتها.
ربما يكون ذلك، استهلال للمفهوم الجديد للتكيف مع ارتفاع مستويات مياه البحر على الأرض، وهو يبشر بالإيجابية للإنسان ليكون قادراً على البقاء والاستمرار في العيش على طول السواحل المائية حول العالم. وينبغي الأخذ في الاعتبار، أن الآثار التي تنجم عن التغير المناخي، لا تقتصر على المدن الساحلية فحسب، بل تعم العالم بأسره، ما يعني ضرورة خفض استهلاك، أو التخلي عن الوقود الأحفوري. وبالرغم من ذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية، عن بناء مدينة لوجستية عائمة على البحر الأحمر تحمل اسم نيوم (أوكساجون)، في أكبر تجمع صناعي عائم في العالم.
ربما تصبح المدن العائمة، أحد الأنماط التي تستهدف التخفيف من آثار ارتفاع مستويات مياه البحار الناتجة عن التغير المناخي، خاصة وأنها باتت تشكل تهديداً مستمراً للجزر الصغيرة والمناطق المنخفضة، بجانب إمدادات الكهرباء والبنى التحتية الساحلية.