شريف عادل (واشنطن)

في محاولة لاستغلال شعبيتها المتزايدة، أكدت بنوك أميركية تبنيها للأصول والعملات المشفرة بعد أن منحت مجموعة جولدمان ساكس دفعة قوية لبتكوين، أكبر وأشهر تلك العملات، بموافقتها على منح أول قرض نقدي بضمانها، فيما يبدو بداية لفصل جديد في تاريخ العمليات المصرفية، لن يستطيع أكثر أسواق العالم تحفظاً تجاهله. 

توجه جديد 
ورغم محاولة العديد من رؤساء البنوك الأميركية الكبرى مقاومة المد الواسع الذي تشهده عمليات الأصول المشفرة على مدار السنوات الأخيرة، انضم جولدمان ساكس إلى قائمة البنوك التي تقدم خدمات مرتبطة بالعملات المشفرة، والتي سبقه فيها عملاق إدارة الاستثمارات بلاك روك الذي شارك قبل أيام في تقديم تمويل تتجاوز قيمته 400 مليون دولار لإحدى منصات تداول العملات الرقمية، وبنك الاستثمار كووين الذي تأسس قبل أكثر من مائة عام وسمح لعملائه قبل أسابيع بالمتاجرة في العملات المشفرة بعد إنشاء إدارة مختصة بتلك المعاملات، ومجموعة جنيفر فاينانشيال للخدمات المالية التي تدير أصولاً تتجاوز قيمتها 60 مليار دولار، وقررت مؤخراً التوسع في تقديم خدمات العملات المشفرة لعملائها. 

بضمانة بتكوين 
وعلى استحياء أولاً، ثم باندفاعٍ لافت، توجه العديد من المؤسسات المالية نحو تقديم خدمات مرتبطة بالأصول المشفرة خلال الشهور الأخيرة، شملت خدمات إدارة الثروات، والمضاربة، وبنوك الاستثمار، قبل أن تستخدم تلك الأصول كضمانة لتقديم القروض النقدية للعملاء مقابلها. وخلال الربع الأخير من العام الماضي، سمحت بعض شركات التطوير العقاري للمشترين الراغبين بدفع قيمة مشترياتهم بالعملات المشفرة، وتحديداً بتكوين، واستخدم بعضهم العملة المشفرة فقط، وليس الدولار، للإعلان عن أسعار بيع بعض البيوت. وفي نفس الاتجاه، نشرت بعض وسائل الإعلام الأميركية مطلع الشهر الماضي تقارير تؤكد تقديم بعض قروض الرهن العقاري للعملاء بالعملة المشفرة.

مدفوعات على «تويتر»
وبعد ثمانٍ وأربعين ساعة من الإعلان عن موافقتها على عرض الشراء المقدم من أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، والمقدرة قيمته بنحو 44 مليار دولار، دخلت شركة سترايب Stripe، التي تقدم خدمات الدفع عبر «الإنترنت»، في شراكة مع الشركة المالكة لموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لاختبار طريقة لتلقي بعض المستخدمين على منصتها مدفوعات بالعملة المشفرة «المستقرة» المرتبطة بالدولار، والمعروفة اختصاراً باسم USDC والتي يمكن تحويلها إليه مقابل سعر ثابت. 
وعلى نحو متصل، وفي خضم أزماتها الاقتصادية، وبخطوة جريئة أقدمت عليها السلفادور، وتدرسها حالياً الأرجنتين، تبدو بتكوين مرشحاً قوياً للاعتماد عليها كعملة أساسية في بعض البلدان المنهارة عملاتها، رغم اعتراض الكثيرين من خبراء الاقتصاد التقليديين، ومنهم مسؤولون بصندوق النقد الدولي. وتسهم تكلفة الكهرباء المنخفضة في الأرجنتين تحديداً في دعم هذا التوجه، رغم تحفظات الكثيرين ممن رأوا في الخطوة مضاعفة لمخاطر موجودة بالفعل في أسواق تفتقد الكثير من الاستقرار المالي المطلوب.