حسونة الطيب (أبوظبي)
مع أنها مادة صلبة، لكنها سهلة الذوبان والتشكيل عندما تكون باردة، بجانب أنها تتمتع بقدرة كبيرة على الخلط والتجانس مع بعضها البعض، لتنتج أشكالاً تبعث الراحة والهدوء في المكان. ظهرت الشموع، في مجالس العبادة والطقوس الدينية، في بلاد الصين واستخدمها قدماء المصريين، في عمليات تحنيط الموتى وإضاءة المعابد والمساكن وصنع التماثيل. ورغم الاختلاف حول موطن الشموع، إلا أن الأبحاث تشير لاستخدام المصريين القدماء لها قبل 5 آلاف سنة. ومن الأطعمة التي نتناولها، إلى المنتجات التي نستخدمها، يدخل الشمع بصورة من الصور في مكوناتها، حيث لا يقتصر على شموع الإضاءة فحسب. ويتم استخدام الشمع، في سلسلة واسعة من التطبيقات حول العالم مثل، التغليف، مستحضرات التجميل، الحبر، أقلام الرصاص، العلكة، الأطعمة، المواد اللاصقة، التلميع، خلايا النحل، الطلاء، العطور، إزالة الشعر، الشوكولاتة، مصابيح الحمم (اللافا)، المجسمات والشخوص، العطور والسباكة.
يتم استخراج 90% من الشمع المستخدم لأغراض تجارية، من النفط، وذلك عن طريق إزالة الشمع من زيوت التشحيم. كما يتم إنتاج الشمع الطبيعي بأنواعه المختلفة، من النباتات والحيوانات والنفط، بجانب الشمع الصناعي. وتمكنت قارة آسيا في 2017، من تسجيل رقم قياسي في إنتاج الشمع، محققة 1.8 مليون طن متري، بنسبة 57% من إجمالي الإنتاج العالمي البالغ 3.2 مليون طن آنذاك.
ومن بين أنواع الشمع، شمع النفط، الذي يتم الحصول عليه، عبر عمليات كيميائية لفصل الزيت عنه، حيث ينقسم لثلاثة أقسام، البرافين، المتبلر والفازلين، تختلف وفقاً للونها ودرجة صلابتها وانصهارها. ويستخدم البرافين، الذي يشكل طبقة عازلة للماء، في المنتجات الورقية مثل: علب كرتون الحليب والورق المشمع وفي مواد تلميع السيارات والأرضيات والأثاث وفي صناعة القوالب الخاصة بسبك المجوهرات وأجزاء الآلات. كما تُصنع معظم الشموع، من هذا النوع من الشمع. كما يستخدم الشمع المتبلر أو الدقيق، في صنع الورق الخاص بالطرود، في حين يُستغل النوع الأخير، في صنع مستحضرات التجميل والأدوية.
والشمع الحيواني، عادة ما يتم استخدامه بمفرده أو عبر خلطه مع شمع النفط، وذلك لصناعة الشموع ومواد التلميع. كما يشمل أيضاً، شمع النحل، الذي يتكون أثناء عملية إنتاج النحل للعسل، بالإضافة لشمع الصوف، الذي يستخرج من الطبقة الشحمية، التي تغطي الصوف غير المُعالج، المستخدم في عمليات التجميل.
أما الشمع النباتي، فهو عبارة عن طبقة شمع طبيعية، تعمل على وقاية النباتات من الحرارة. والشمع الكرنوبي، الذي يغطي أشجار النخيل، هو من أقوى أنواع الشمع النباتي وأكثرها شيوعاً. ومن الأنواع الأخرى، شمع الغار وشمع اليابان وقصب السكر.
ومن بين استخدامات الشمع المعروفة، في مجال الطب والعلاج والتجميل، حيث تستخدم الشموع في الصناعات الدوائية وتحضير الفيتامينات والهرمونات وتغليف الحبوب والمراهم وأطقم الأسنان ومواد التجميل والكريمات وأقلام أحمر الشفاه وغيرها.
أما في مجال الكيمياء، تستخدم الشموع في صناعة المطاط والحبر والورق واللدائن ومركبات تلميع الأحذية والأثاث والعربات وشرائط اللصق وأشرطة التسجيل الصوتي والثقاب والمفرقعات والألعاب النارية. وفي مجال الغذاء والأطعمة والزراعة، في حفظ الأطعمة وتغليف الفواكه ومبيدات الحشرات والفطريات.
وكذلك في مجال النسيج والجلود والأصباغ، حيث تستخدم الشموع، في معالجة الأقمشة القطنية والحرارية والمنسوجات وصناعة الجلود المقاومة للماء والأصباغ.
وفي مجال فنون الرسم والحفر والزخرفة، يستعان بالشموع، في صناعة أشكال الزينة والهدايا والتحف والإنارة وأعمال الحفر على الزجاج وصناعة الزهور والفواكه والدمى الاصطناعية وغيرها.
وفي مجال البناء والكهرباء والميكانيكا، يستخدم الشمع في، صناعة السيراميك والبلاستيك والسباكة وسحب الأسلاك والكوابل والإنارة والتزييت والتشحيم وغيرها.
ومن أكثر استخدامات الشموع العامة، في مجال المتاحف المخصصة كلياً أو جزئياً لعرض شخوص ومجسمات مصنوعة من الشمع الملون لمشاهير عالميين، ومن أشهرها متحف مدام توسو في العاصمة البريطانية لندن وفي باريس ولوس أنجلوس وأمستردام وغيرها حول العالم.
بلغ حجم سوق الشموع، 9.8 مليار دولار في 2021، لتحقق ارتفاعاً لنحو 10.1 مليار دولار في 2022، مع نسبة نمو سنوي مركب قدرها 4.3% في الفترة بين 2022 إلى 2030، لتناهز 14.2 مليار دولار بحلول 2030.