واشنطن (أ ف ب) 

اعتبر منتقدو السياحة الفضائية أنّ هذه الظاهرة لا تعدو كونها وسيلة استجمام لأثرياء العالم، ومن شأنها أن تفاقم أزمة المناخ التي يواجهها كوكب الأرض.
لكن لهذا القطاع الناشئ مؤيديه أيضاً. وفيما لا يرفض هؤلاء الانتقادات صراحةً، يزعمون بأنّ الصناعة قد تعود بمنافع على البشرية.
يؤكد مؤيدو السياحة الفضائية بدايةً أنّ الرحلات الفضائية الخاصة تفتح أيضاً المجال أمام إجراء تجارب علمية في مناطق الجاذبية الصغرى.

فرص بحثية 
وتقول أرييل إكبلو من مبادرة استكشاف الفضاء MIT لوكالة فرانس برس: إنّ الوكالات الوطنية كانت في الماضي «تأخذ وقتاً طويلاً للعمل ضمن قنوات المنح الحكومية، ثم الحصول على الموافقة والتمويل، لتُختار بعدها ضمن مجموعة قليلة يمكنها المباشرة بالعمل».
وفي المقابل، احتاجت إكبلو إلى ستة أشهر فقط من توقيع العقد حتى إرسال مشروعها البحثي إلى محطة الفضاء الدولية على متن رحلة Ax-1 الخاصة، التي انطلقت الجمعة بعدما تكفّل رجال أعمال من القطاع الخاص بتكاليفها.
ويمثل مشروعها المسمى TESSERAE مبادرة ذكية تشكل سرباً آلياً عائماً يمكن أن يتجمّع ذاتياً ضمن نهج الهندسة المعمارية الفضائية، وبهذه الطريقة قد تُبنى محطات الفضاء المستقبلية. وحلّق نموذج أولي من القطعة في الفضاء لبضع دقائق على متن رحلة فضائية شبه مدارية، أطلقتها شركة «بلو أوريجن»، ما مهّد الطريق أمام الاختبار الجديد.
وتقول إكبلو: «إن تزايد شركات توفّر رحلات فضائية تجارية يتيح لنا القيام بمشاريع تنطوي على خطورة أكبر وأسرع وأكثر ابتكاراً».

تكنولوجيا أفضل 
وتمثل السياحة الفضائية وقطاع الفضاء الخاص عموماً كذلك دافعاً للابتكار بهدف إحداث تحسينات في الأعمال العلمية المرتبطة بالفضاء.
وفيما تنطلق بحذر الوكالات الحكومية التي تموّل أعمالها من ضرائب يدفعها المواطنون، وتواجه خطر الفشل، لا تمانع شركات من بينها «سبايس إكس» المملوكة لإيلون ماسك في إطلاق نماذج أولية من الصواريخ حتى التوصل إلى تلك النهائية، ما يؤدي إلى تسريع في مراحل التطوير.
وبينما تركز وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على أهداف استكشاف كبيرة، تسعى الشركات الخاصة إلى تحسين معدل المهمات الفضائية وربحها واستدامتها باستخدام مراكب قابلة لإعادة الاستخدام. أما شركة «بلو أوريجن» فتطلق صواريخ ينبعث منها بخار الماء فقط.
ولا تزال الرحلات الفضائية حتى اليوم محفوفة بالمخاطر ومكلفة.
ويقول مايسن بك، وهو أستاذ في علم الطيران في جامعة كورنيل وكان يشغل سابقاً منصب كبير التقنيين في وكالة ناسا: «كلما ذهبنا أكثر إلى الفضاء، نصبح أفضل في أعمالنا المرتبطة بهذا المجال، وتبرز أكثر قواعد صناعية من شأنها دعم تكنولوجيا الفضاء».
ويقول المدير المساعد السابق لقسم النقل الفضائي التجاري التابع لإدارة الطيران الفيدرالية جورج نيلد: «شهدنا عدداً كبيراً من الحوادث بدايةً، وكان هنالك شركات عدة تقدّم أفكاراً مختلفةً حول كيفية بناء الطائرات»، مضيفاً: «لكننا تعلمنا تدريجياً أي فكرة صالحة وأياً منها ليس ناجحاً». ووفق الإحصاءات، يمثل السفر الجوي التجاري حالياً أكثر وسائل النقل أماناً.
منفعة بيئية
ومن المفارقات أنّ الحجة الأخيرة التي يقدّمها مؤيدو الرحلات الفضائية السياحية تتعلق بالمناخ.
فقد أعرب كثر ممّن راقبوا الأرض من الفضاء الخارجي عن تأثرهم بالهشاشة التي يبدو عليها الكوكب، وأكدوا رغبتهم في حمايته.
وأطلق المتخصص في فلسفة الفضاء فرانك وايت على هذه الظاهرة اسم «تأثير النظرة العامة».
وتقول المشاركة في تأسيس شركة «سبايس برسبيكتيف» جاين بوينتر: «ينتابك شعور بالحاجة الطارئة لأن تكون جزءاً من الحل».
وتخطط شركتها لإطلاق رحلات سياحية على متن منطاد عملاق مرتفع بهدف مراقبة انحناء الأرض من غلاف يطلّ على مناظر بانورامية.
وطُوّرت المركبة هذه بدقة بهدف تقليل تأثيرها على البيئة، عكس بعض الصواريخ شديدة التلوث. وفيما التأثير الإجمالي للصواريخ على البيئة ضئيل حالياً، يمكن أن يتحوّل إلى مشكلة في حال ارتفع عدد الرحلات الفضائية.
ويؤكد المدافعون عن هذه الصناعة أنّ زيادة النشاط في الفضاء من شأنها أن تساعد الأرض بطرق ووسائل أكثر واقعية.