شريف عادل (واشنطن)
رغم أن قفزات أسعار الطاقة والمعادن والحبوب المصاحبة لاشتعال الأزمة الأوكرانية لم تكتمل قبل بداية شهر مارس الجاري، إلا أن مؤشر أسعار المستهلكين أظهر ارتفاعاً بنسبة 7.9% خلال شهر فبراير، هو الأعلى منذ شهر يناير من عام 1982، الأمر الذي ينذر بمستويات تضخم أعلى خلال الفترة القادمة، بينما يصر البنك الفيدرالي على التمسك برفع 25 نقطة أساس فقط خلال اجتماعاته المقرر عقدها الأسبوع القادم.
وأسهم في ارتفاع المؤشر، الذي يعد المقياس المفضل للتضخم الأميركي لدى بنك الاحتياط الفيدرالي، ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات الأساسية للمواطنين مقارنة بمستواها العام الماضي، وفي مقدمتها الأغذية ووقود السيارات والإيجارات.
وتسبب معدل التضخم المرتفع في تزايد المخاوف في الأسواق من استمرار ارتفاع التضخم لفترات ممتدة، على عكس توقعات جيرومي باول رئيس البنك الفيدرالي، خاصة وأنه يأتي في وقت تزداد فيه الأمور تأزماً في أوكرانيا، وهو ما تسبب خلال الأسبوع الماضي في ارتفاع أسعار الكثير من السلع بصورة غير مشهودة منذ عقود.
ومع صدور بيانات أسعار المستهلكين الأخيرة، يجد البنك الفيدرالي اقتصاد بلاده واقعاً بين مطرقة التضخم الذي لا يرحم، وسندان الركود الذي يهدد البلاد، خاصة مع ظروف ارتفاع أسعار الطاقة على النحو الذي شهدناه خلال الأيام الماضية، وهو ما دفع البنك للتمسك برفع الفائدة بما لا يتجاوز ربع بالمائة، رغم الضغوط الكبيرة من المحللين وأعضاء الكونجرس، فيما يعد أول رفع للفائدة منذ عام 2018.
وبعد إعلان بيانات وزارة العمل يوم الخميس، توقعت جانيت يالين، وزيرة الخزانة الأميركية، أن «يشهد الأميركيون عاماً آخر من التضخم المرتفع بشكل غير مريح للغاية»، مشيرةً في لقاء لها مع قناة سي ان بي سي المعنية بأخبار الأسواق والاقتصاد إلى أن هناك «الكثير من الغموض الذي يحيط بمستقبل الاقتصاد بسبب الحرب في أوكرانيا».
وأشارت الوزيرة، التي شغلت منصب رئيس البنك الفيدرالي خلال فترة رئاسة باراك أوباما الثانية، واستقالت بعد عامٍ واحد من وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، إلى أن الولايات المتحدة شهدت «زيادة واضحة في أسعار وقود السيارات»، متوقعةً أن يرتفع التضخم الأميركي أكثر خلال الشهر الحالي بتأثير الحرب في أوكرانيا، وما سببته من ارتفاع أسعار السلع، وتحديداً النفط الخام والقمح.
وتظهر تصريحات يالين يوم الخميس تراجعاً عن تصريحات سابقة لها، توقعت فيها تراجع معدل التضخم إلى مستويات معتدلة مع الاقتراب من نهاية العام الحالي، بعد زوال اضطرابات سلاسل الإمداد، وتمكنها من الوفاء بطلبات المستهلكين من السلع والخدمات.
وعلى نحو متصل، ارتفع متوسط سعر الجالون من وقود السيارات من النوع العادي، وهو أدنى أنواع الوقود في أميركا، على مستوى كافة الولايات الأميركية بأكثر من 60 سنتاً خلال الأسبوع الأخير، مسجلاً 4.31 دولار للمرة الأولى في تاريخه.