يوسف العربي (أبوظبي)
أدى تضافر الجهود الحكومية والخاصة إلى دعم جهود قطاع التجزئة في دولة الإمارات العربية المتحدة للحد من تأثيرات موجة التضخم العالمية على المستهلك النهائي ولا سيما على صعيد السلع الأساسية، التي تشهد ارتفاعاً مطرداً في الأسواق الخارجية، بحسب مسؤولين وخبراء بالقطاع.
وأكدوا لـ«الاتحاد» أن الإمارات نجحت في معالجة تحديات التضخم العالمي وضمان حصول المستهلكين على المنتجات الغذائية بأسعار منافسة من خلال تعزيز منظومة التصنيع الغذائية المحلية، وإيلاء الاستثمار في تعزيز التصنيع المحلي أولوية قصوى، وهو ما بدا جلياً في إطلاق دولة الإمارات لاستراتيجيات رائدة مثل مشروع 300 مليار، ومبادرة اصنع في الإمارات، بما أسهم في إرساء دعائم قطاع غذائي محلي يمتاز بالاكتفاء الذاتي.
وتشهد الأسواق العالمية في الوقت الراهن موجة تضخم بسبب اضطراب سلاسل التوريد وارتفاع الطلب بعد الجائحة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وسط توقعات باستمرار هذه الموجه التضخمية على مدار العام 2022.
موجة عالمية
أكد رجل الأعمال ماجد سيف الغرير، رئيس مجلس إدارة مجموعة مراكز التسوق في دبي، أن تضافر الجهود الحكومية والخاصة ساهم في نجاح أسواق التجزئة بالإمارات في الحد من تأثيرات موجة التضخم العالمية على المستهلك النهائي لاسيما على صعيد المواد الغذائية والسلع الأساسية في وقت تشهد فيه الأسواق الخارجية زيادة مطردة في أسعار جميع السلع والخدمات.
وأضاف أن الإمارات نجحت على مدار العقود الماضية في إرساء منظومة قوية للتصنيع المحلي والتي تمثل اليوم إحدى الدعائم الأساسية لاستقرار الأسواق.
وقال الغرير إن النجاح في التصدي لموجة التضخم العالمي حتى الآن لا يعني أن الأسعار لن ترتفع مستقبلاً وهو أمر طبيعي لاسيما في حال استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام المستوردة وهو الأمر الذي يتطلب معه تكثيف الجهود الحكومية والجهات المشرفة على الأسواق لضمان المكتسبات المحققة في السيطرة على التضخم حتى الآن.
كفاءة التشغيل
ومن جهته، قال نضال حداد المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة البيادر إنترناشيونال، إن العامل الرئيسي في معالجة تحديات التضخم العالمي وضمان حصول المستهلكين على المنتجات الغذائية بأسعار منافسة في الإمارات جاء من خلال تعزيز منظومة التصنيع الغذائية المحلية.
وأضاف أن الحكومة الإماراتية تضع الاستثمار في تعزيز التصنيع المحلي أولوية قصوى، وهو ما بدا جلياً في إطلاق دولة الإمارات لاستراتيجية لمشروع 300 مليار، ومبادرة اصنع في الإمارات ومن خلال إرساء دعائم قطاع غذائي محلي يمتاز بالاكتفاء الذاتي.
ونوه إلى قيام المصانع والمتاجر المحلية بتقليص مجموعة من التكاليف الإضافية بأسلوب عالي الكفاءة من دون التأثير على الجودة العالية التي تميز المنتج المحلي ما ساهم بدوره في الحد من موجة التضخم العالمية على المستهلك النهائي في الدولة.
تنوع الموردين
ومن جانبه، أكد ناندا كومار، مدير التسويق والاتصال بمجموعة متاجر اللولو هايبر ماركت أن الإمارات نجحت في معالجة تحديات التضخم العالمي من خلال تعزيز منظومتي الإنتاج والتصنيع الغذائية، وإيلاء الاستثمار في تعزيز التصنيع المحلي أولوية قصوى.
ولفت كومار إلى أن مجموعة اللولو وضعت استراتيجية تميزت بالمرونة والفعالية لمواجهة موجة التضخم العالمية الحالية بما يضمن عدم انعكاسها على المستهلك النهائي، منوهاً بأن هذه الاستراتيجية اعتمدت على تنويع شبكة الموردين وتوقيع عقود التوريد طويلة الأجل.
ونوه إلى تقليص مجموعة من التكاليف الإضافية بأسلوب عالي الكفاءة، بما في ذلك تكاليف الخدمات اللوجستية وتوظيف التقنيات الحديثة، لضمان الوصول إلى أعلى مستوى من الكفاءة بتكاليف منخفضة لا تتأثر بالظروف الخارجية ما مكن المجموعة من عدم رفع الأسعار مع الاحتفاظ بهوامش أرباح جيدة.
تكثيف العروض
بدوره، قال حيدر حسن، مدير العمليات في جمعية الإمارات التعاونية إنه على الرغم من التحديات العالمية المتعلقة بارتفاع الأسعار وأجور الشحن إلا أن الجمعية نجحت في الحد من تأثير هذه المتغيرات على المستهلك النهائي من خلال تنويع شبكة الموردين وتكثيف العروض الدورية.
ونوه بأن جمعية الإمارات التعاونية تزيد اعتمادها على المنتجات الغذائية والفواكه والخضروات واللحوم المحلية والتي تحظى بإقبال كبير من العملاء لما تتميز به من جودة عالية.
مؤشر الإمارات
إلى ذلك، أكد برناردو بيرلويرو، الرئيس التنفيذي للعمليات في دول مجلس التعاون الخليجي لدى ماجد الفطيم للتجزئة، أن الأسواق العالمية شهدت مؤخراً نوعاً من الإرباك والاضطرابات في سلسلة التوريد.
وقال إن هذه التحديات التي تواجهها الأسواق العالمية ساهمت بارتفاع أسعار المواد الأولية والمنتجات الأساسية، مؤكداً أن سلسلة متاجر «كارفور» ملتزمة ببذل كل ما في وسعها لحماية القوة الشرائية لعملائها، سواء من خلال العروض والخصومات أو من خلال العمل مع الشركاء والموردين للسيطرة على ارتفاع الأسعار.
وأضاف أن المجموعة تحرص على مراقبة التطورات ومسار التضخم عن كثب، ولديها استراتيجيتها القائمة للحد من الضغوط التضخمية التي نشهدها والتقليل من تأثيرها على عملائها في الإمارات العربية المتحدة.
وأوضح أنه بدلاً من تحميل تكاليف إضافية على العملاء، فإن الشركة تعمل مع مورديها لفهم الأسباب الكامنة وراء أي زيادة في الأسعار ومن ثم السيطرة عليها ويتم دائماً احتساب قيمة البيع بالتجزئة لكل منتج في كارفور وفقاً لمؤشر الأسعار في الإمارات.
وقال: تواصل كارفور تقديم الخصومات والعروض الترويجية القوية للحد من نقل عبء ارتفاع الأسعار إلى المستهلك.
وأكد أن كارفور تحافظ على أسعارها التنافسية على الرغم من التعديلات التي طرأت على التكاليف الضرورية، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار عدد من المنتجات.
ميشيل بوزدياكوف: المنتجات ترتفع من يوم إلى آخر عالمياً
قال رايموند كريجسمان مدير أول- المبيعات بشركة «فولدوزن كاز» الهولندية المتخصصة في إنتاج الأجبان لـ«الاتحاد» إن موجة التضخم العالمية أحدثت تغييرات كبيرة في أسعار المنتج النهائي وهوامش الأرباح مع ارتفاع أسعار الشحن والألبان والمواد الخام.
ولفت كريجسمان إلى أن أسعار المنتجات في الأسواق العالمية ترتفع وتتقلب من يوم إلى آخر وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة تحديد منحنى الأسعار المستقبلي وأسعار توريد المنتج النهائي للموزعين لشهور مقبلة. وأشار إلى أن الشركات المنتجة تلجأ إلى تقليص تكاليف الشحن وتعزيز المنظومة اللوجستية مع الاكتفاء بهوامش أرباح معقولة بما يضمن الحد من تأثير هذه الموجة.
ومن جانبه، قال ميشيل بوزدياكوف، الرئيس التنفيذي بشركة «دودوني» اليونانية المتخصصة في إنتاج الألبان، إنه في الوقت الذي كان فيه العالم يحاول الخروج من تداعيات جائحة كورونا، أطل التضخم برأسه على الأسواق العالمية. ونوه بوزدياكوف بأن أسعار المواد الخام العالمية تشهد ارتفاعات مطردة مع ارتفاع أسعار الشحن والمواد الخام وهو الأمر الذي انعكس على أسعار المنتج للمستهلك النهائي في معظم دول العالم كما قلص من هوامش الأرباح المتاحة للمنتجين.