مصطفى عبد العظيم (دبي)
ترتبط الإمارات وتركيا منذ أكثر من خمسة عقود، بعلاقات اقتصادية وتجارية متجذرة، عكستها أرقام المبادلات التجارية بين البلدين التي قفزت بنسبة 220 %، لتصل إلى أكثر من 780.7 مليار درهم، خلال الفترة من 2010 وحتى 2020، وفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد.
واليوم تتهيأ هذه العلاقات للانطلاق نحو حقبة جديدة من النمو والازدهار والشراكة المستدامة التي تغطي مختلف مجالات العمل الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثماري في ضوء مخرجات الاجتماع العاشر للجنة الاقتصادية المشتركة، التي أكدت حرص البلدين على صياغة برامج جديدة للتعاون الاقتصادي، وزيادة حجم التجارة البينية غير النفطية وتنويعها وتسهيل إجراءاتها، وصياغة نموذج للتعاون وتبادل الخبرات في مجالات الابتكار وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ساهم تشابه الإمارات وتركيا في كونهما معبرين ومركزين تجاريين هامين يربطان بين الشرق والغرب نتيجة لموقعهما الجغرافي المميز ومقوماتهما التجارية واللوجستية، في ازدهار التبادل التجاري بينهما لتشكلا معاً محورا رئيسياً في حركة التجارة الدولية، فبينما تمثل دولة الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالمياً والأكبر على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، تأتي تركيا في المرتبة ال 11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، وفقاً لبيانات العام 2020، قبل أن تصعد إلى المرتبة السادسة عالمياً، خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2021، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.
37.5 مليار التجارة في 9 أشهر
ووفقاً لأحدث بيانات المركز، سجلت التجارة غير النفطية بين البلدين خلال 2020 نحو 33 مليار درهم، بنمو نسبته 21% مقارنة بعام 2019 على الرغم من آثار جائحة (كوفيد 19) على التجارة العالمية خلال هذه الفترة، وفي التسعة شهور الأولى من عام 2021 بلغت نحو 37.5 مليار درهم، وذلك مقارنة مع نحو 32.68 مليار درهم لإجمالي التجارة البينية غير النفطية للعام 2020 بأكمله، ما يعتبر مؤشراً واضحاً على المنحى الإيجابي الذي تتخذه الشراكة الاقتصادية بين البلدين، والإمكانات الواعدة لتنميتها خلال المرحلة المقبلة.
وأظهرت البيانات، أن تركيا حلت في المرتبة السادسة بين قائمة أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2021، بعد كل من الصين والهند والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والعراق. كما حلت تركيا في المرتبة الخامسة في قائمة أهم أسواق الواردات لدولة الإمارات خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي بإجمالي قيمة واردات بلغت 26.08 مليار درهم، بنمو نسبته 3.7% عن الفترة ذاتها من العام 2020، وبحجم واردات قدره 848,534 طناً.
ووفقاً للبيانات، جاءت تركيا في المرتبة ال 12 بين أكبر أسواق الصادرات غير النفطية (صادرات+ إعادة تصدير) لدولة الإمارات خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2021، بقيمة إجمالية للصادرات بلغت 11.41 مليار درهم، وبنمو قدره 1.9% عن الفترة ذاتها من 2020.
تنوع التجارة
وتنوعت الصادرات التركية إلى الإمارات ما بين المنتجات الغذائية والأثاث والأقمشة والمنسوجات والملابس الجاهزة و الأحجار الكريمة والمعادن والآلات والأجهزة الكهربائية، في حين أن أهم الصادرات الإماراتية إلى تركيا هي الذهب والألمنيوم والمجوهرات والنفط والزيوت المعدنية والمواد الكيماوية والحديد.
استكشاف الفرص وتحفيز الاستثمار
قال حميد محمد بن سالم، الأمين العام للاتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة: إن الإمارات وتركيا ترتبطان بعلاقات اقتصادية وتجارية متميزة منذ عقود طويلة، متوقعاً أن تشهد هذه العلاقات حقبة جديدة من الازدهار والتطور، في ظل رغبة البلدين للانطلاق نحو آفاق أوسع من التعاون الاقتصادي.
وأشار إلى أن مجلس الأعمال الإماراتي التركي الذي تم تجديده سيعمل على دفع العلاقات بين القطاع الخاص في البلدين نحو مرحلة جديدة، من خلال تشجيع الشراكات بين الشركات في البلدين والعمل على استكشاف فرص التعاون وتحفيز الاستثمار في القطاعات المختلفة.
وأوضح ابن سالم، أن الإمكانيات والمقومات التي يتمتع بها البلدان وموقعهما الجغرافي المتميز الرابط بين الشرق والغرب تعزز من قدراتهما معاً على لعب دور محوري في حركة التجارة الدولية، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تمتلك بنية تحتية ولوجستية وبيئة استثمارية جاذبية، يمكن أن تشكل قاعدة انطلاق للشركات التركية في المجالات كافة لأسواق منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، فضلاً عن استفادة هذه الشركات من الشبكات التجارية الواسعة لدولة الإمارات مع مختلف دول العالم، داعياً الشركات التركية إلى الاستفادة من هذه المقومات والمزايا الاقتصادية لاستكشاف مزيد من فرص الشراكة والأعمال والاستثمارات في دولة الإمارات.
قطاعات واعدة
أضاف الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة، أن تركيا تشكل بدورها دولة تجارية وصناعية هامة في المنطقة وتتميز في العديد من الصناعات والمنتجات التي تحظى بثقة كبيرة في مختلف الأسواق العالمية وخاصة في مجالات الصناعات الغذائية وصناعة المنسوجات والأثاث، داعياً الشركات الإماراتية على استكشاف الفرص المتنوعة في السوق التركية في مختلف القطاعات الواعدة التي يزخر بها مناخ الأعمال التركي، بما يدفع الشراكة الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى أعلى من النمو والازدهار.
فرق مشتركة
خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة الذي عقد مؤخراً، اتفق الجانبان على تشكيل فرق فنية مشتركة لاستكشاف فرص التعاون وتحفيز الاستثمار المتبادل في القطاعات المتفق عليها، ومن أبرزها: السياحة والضيافة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والثورة الصناعية الرابعة، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية وتقنيات الزراعة الحديثة والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والنقل والخدمات اللوجستية بما في ذلك الطيران المدني وسلسلة التوريد البحري والموانئ.
كما شهدت اللجنة توقيع اتفاقية تجديد مجلس الأعمال بين اتحاد غرف التجارة والصناعة بدولة الإمارات ومجلس العلاقات الخارجية الاقتصادية التركي.
واعتمد البلدان مظلة واسعة من محاور وقطاعات التعاون، والتي جاء من أبرزها وضع خطة مشتركة لتنمية التجارة البينية وكذلك الدعم المشترك لتعزيز التجارة البينية على مستوى بلدان منظمة التعاون الإسلامي، والتعاون في إطار منظمة التجارة العالمية.
مجموعة عمل
أقر الجانبان خطوات لتشجيع التعاون في الاقتصاد الإسلامي وصناعة الحلال، وإنشاء مجموعة عمل لتعزيز التعاون في التمويل الإسلامي وحلول التأمين الإسلامية، والتدريب والبحث في مجالات التأمين، وأكدا اهتمامهما بالتعاون في مجال حماية البيئة والمناخ وترشيد استهلاك الطاقة، واستكشاف فرص التطوير والاستثمار المتبادلة في قطاع الطاقة المتجددة، بما فيها مشاريع طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية والشمسية والهيدروجين الأخضر.
وتضمنت مخرجات اللجنة التعاون في مجال النقل البري والبحري وصناعة السفن والخدمات اللوجستية والطيران المدني، واتفقا على العمل المشترك لزيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة التي تربط بين مدن البلدين، كما وضعا آلية للتنسيق في مجال الاعتمادات والمواصفات الغذائية والتدريب لزيادة التجارة والتعاون الاستثماري في مجالات الغذاء والزراعة والمنتجات الحيوانية والأمن الغذائي.