مصطفى عبد العظيم(دبي)

في خطوة تهدف إلى تعزيز تنافسية الإمارات، ومواكبة أفضل الممارسات العالمية المحفزة للشركات القائمة ولجلب الاستثمارات للدولة، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في شهر سبتمبر 2021 المرسوم بقانون رقم (32) لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية، وذلك ضمن الجهود الحكومية المتواصلة لتطوير البيئة التشريعية للقطاعات الاقتصادية في الدولة.
وحملت مواد المرسوم بقانون الذي دخل حيز التنفيذ في الثاني من يناير 2022، العديد من التغييرات والتحديثات الجوهرية وغير المسبوقة، والتي وصفها مستثمرون ورجال قانون بمثابة تغيير جذري في قواعد اللعبة، ودفعة قوية لترسيخ انفتاح مناخ الأعمال في الدولة بما يدعم تنافسية الاقتصاد الوطني وديناميكية بيئة الأعمال، وتوفير بيئة استثمارية حيوية ومتطورة تمكن المستثمرين من تنفيذ مشروعات حيوية للاقتصاد وزيادة استقطاب الشركات الأجنبية وتحفيز الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية إلى القطاعات الاقتصادية بالدولة.
كان قانون الشركات التجارية شهد مراجعة أولى تم الإعلان عنها في أغسطس 2020، وتم خلال تلك المراجعة إدخال تعديل جوهري على أحكامه سُمح بموجبه بالتملك الأجنبي الحر في كافة القطاعات الاقتصادية بنسبة 100%، باستثناء عدد من الأنشطة الاقتصادية المحدودة ذات الأثر الاستراتيجي، فيما اشتملت تعديلات القانون بنسخته الأخيرة على مراجعة شاملة تضمنت تحديث 55 مادة بهدف دعم التحول نحو النموذج الاقتصادي الجديد وفق مبادئ الخمسين.
وشملت تعديلات القانون تطوير آليات وإجراءات بهدف زيادة عدد الشركات المدرجة في الأسواق المالية بالدولة وجذب الشركات العالمية، كما اشتملت على حلول لعمليات التمويل وإعادة الهيكلة في الشركات، وإيجاد حلول للتحديات التي تواجه أنشطة الأعمال في الدولة.
 كما سمحت تعديلات القانون بتأسيس الشركات لأغراض الاستحواذ أو الاندماج، والشركات ذات الغرض الخاص SPV، ووضع إطار قانوني خاص بهذه الأشكال القانونية الجديدة وتنظيم عملها وضمان فعاليتها وجدواها الاقتصادية وتعزيز نموها ومردودها على بيئة الأعمال.

الشركات المساهمة
كما تضمن القانون العديد من الأحكام المعدلة فيما يخص نسبة مساهمة المؤسسين في رأس المال بالنسبة للشركات المساهمة العامة وآليات الطرح العام في أسواق المال وفئات الأسهم وتشكيل مجالس الإدارة وجنسية الأعضاء والتحويل بين الأشكال القانونية للشركات. 

فروع الشركات الأجنبية
كما سمح القانون الجديد لفروع الشركات الأجنبية المرخصة بالدولة بالتحول إلى شركات تجارية تحمل جنسية دولة الإمارات، ومنح القانون اختصاصات أوسع للسلطات المحلية لإنفاذ أحكامه بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد.

حوكمة مجالس الإدارات
ونص المرسوم بقانون على إعادة تنظيم حوكمة مجالس الإدارات والجمعية العمومية في الشركات المساهمة، والسماح لغير شركات المساهمة بممارسة أنشطة استثمار الأموال لحساب الغير في حال أقرت القوانين المنظمة لهذه الأنشطة أو القرارات الصادرة بموجبها ذلك. ومنح المرسوم بقانون هيئة الأوراق المالية والسلع صلاحية وضع الضوابط والإجراءات لتقييم الحصص العينية، وسجل أسماء المساهمين لحضور اجتماع الجمعية العمومية للشركة.

365 مادة
تضمن المرسوم بقانون عدد (365) مادة تشمل أحكاماً لجميع ما هو مرتبط بنشأة الشركات وتأسيسها وتسجيلها وحوكمتها وحقوق المساهمين فيها وإدارتها. 
 وعلى الرغم من أن القانون الجديد قد ألغى قانون الشركات التجارية الاتحادي والذي كان قد صدر في عام 2015 وتعديلاته، إلا أن المشرع قد حرص على الإبقاء والمحافظة على العديد من الأحكام الواردة في قانون عام 2015 وتعديلاته، حيث أثبت الواقع العملي مواكبة هذه الأحكام، التي تم الاستبقاء عليها من القانون الملغي وإعادة النص عليها في المرسوم بقانون رقم (32) لسنة 2021 للمتغيرات الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية.

توفير مناخ جاذب للاستثمار والمواهب
وتهدف التحديثات التي تم إدخالها على قانون الشركات التجارية إلى إحداث تقدم مستمر في تسهيل تأسيس ومزاولة الأعمال في أسواق دولة الإمارات وتوفير مناخ جاذب للاستثمار والمواهب ورواد الأعمال من مختلف الأسواق العالمية، ومعالجة أي تحديات تواجهها الشركات العاملة في الدولة، وتطوير أداء قطاع الأعمال والأسواق المالية، وزيادة استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مختلف القطاعات الحيوية، بما يعزز تنافسية الإمارات كعاصمة للمال والأعمال، وسيساهم القانون الجديد في الارتقاء بمرتبة الدولة وتحقيق هدفها الاستراتيجي بأن تكون ضمن أفضل 5 مراكز عالمية للتمويل من خلال سوق رأس المال، وكذلك رفع تصنيف الدولة في مؤشرات التنافسية.

تأسيس شركات «سباكس» وشركات الأغراض الخاصة
أجاز المرسوم بقانون تأسيس الشركات لأغراض الاستحواذ أو الاندماج «SPACs»؛ إذ توفر هذه النوعية من الشركات طريقة سريعة للشركات غير المساهمة العامة غير المدرجة للولوج للأسواق المالية، سواء من خلال الاندماج مع شركة الSPAC أو استحواذ الأخيرة عليها، حيث إن الاندماج الذي تقوم به الشركات التي تم تأسيسها خصيصاً لهذا الغرض والتي تكون مدرجة أصلاً في السوق المالي بالدولة، يتيح لمالكي الشركات غير المساهمة العامة المندمجة أن يصبحوا مساهمين في شركة «SPAC» دون الحاجة أن يقوموا بطرح عام لأسهمهم في الشركة غير المدرجة متفادين بذلك آلية الطرح العام الأولي التقليدية.
كما أجاز المرسوم بقانون كذلك تأسيس الشركات ذات الغرض الخاص SPV، وهي شركات تؤسس لعدة أغراض، من أهمها فصل الالتزامات والأصول المرتبطة بعملية تمويل معينة، الأمر الذي سيساهم في خلق قنوات وأدوات تمويل جديدة وتوفير السيولة اللازمة لقطاع الأعمال، ما يدعم نموه وتطوره ويخلق فرصاً اقتصادية جديدة.
واستثني المرسوم بقانون شركات «SPACs» وشركات «SPVs» من بعض أحكام قانون الشركات التجارية ولمدة محدودة لتمكينها من تحقيق الأغراض التي أسست من أجلها، وتصدر هيئة الأوراق المالية والسلع قرارات تنظم عمل هذه الشركات.

تعزيز مبدأ الملكية الأجنبية بالشركات
عزز المرسوم بقانون الجديد الملكية الأجنبية بنسبة 100% في رأسمال الشركات وفي جميع المجالات، فيما عدا الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء يحدد هذه الأنشطة ويتضمن الضوابط اللازمة لترخيص الشركات التي تباشر مثل هذه الأنشطة.
وأبقى المرسوم بقانون على مبدأ تنافسي هام وهو عدم تقييد جنسية أعضاء مجلس الإدارة كشرط لأن يكونوا أعضاءً في مجالس إدارات الشركات المساهمة وترك تنظيم هذا الأمر لما يقرره مساهمو الشركة، كما عزز المرسوم بقانون مبدأ عدم الاشتراط بأن يكون للشركات الأجنبية وكيل خدمات كشرط لتأسيس وتسجيل فروع لهذه الشركات في الدولة.