أعلن البنك المركزي المصري أن النظام المالي في بلاده نجح في احتواء تداعيات جائحة كورونا، مع استمرار الاقتصاد في تحقيق معدلات نمو موجبة خلال العام المالي 2020/2021، على الرغم من تعرض العالم لانكماش اقتصادي خلال عام 2020 تأثرًا بتبعات الجائحة.
وذكر المركزي المصري في تقريره حول الاستقرار المالي الصادر اليوم، أن هذا النجاح جاء بفضل مرونة وتنوع الاقتصاد المصري والإجراءات والسياسات الاستباقية الفعالة التي تم اتخاذها لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، مدعومة بمكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي، مما ساهم في تخفيف حدة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة على القطاعات المختلفة وانعكس بالإيجاب على استقرار التصنيف الائتماني للدولة، والحفاظ على ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري وإعطاء نظرة إيجابية ومتفائلة حول مستقبل أدائه خلال السنوات المقبلة.
وأوضح أنه رغم أن الجائحة تسببت في ارتفاع مستوى عدم اليقين لدى المستثمرين الأجانب مما أدى إلى تراجع صافي التدفقات الأجنبية للأسواق الناشئة خلال عام 2020، إلا أن مقومات الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى تمتع القطاع المصرفي بنسب مرتفعة من السيولة بالعملتين المحلية والأجنبية، قد ساهما في احتواء الخروج المفاجئ لاستثمارات المحافظ من سوق أذون الخزانة المحلية خلال النصف الأول من عام 2020، بينما شهد النصف الثاني من العام بداية عودة المستثمرين الأجانب والتي استمرت خلال النصف الأول من عام 2021، لتتخطى حصتهم من إجمالي أرصدة أذون الخزانة بالعملة المحلية- في يونيو الماضي- مستوى ما قبل الجائحة.
كما أدى صافي الاحتياطات الدولية دوره الأساسي في صد التبعات الأولى للجائحة وظل في النطاق الكافي نسبةً إلى الالتزامات قصيرة الأجل من العملة الأجنبية، وقد مكنت هذه المقومات من الحفاظ على استقرار سعر الصرف وانخفاض مخاطر السوق للقطاع المصرفي وعدم تكون مخاطر نظامية ناتجة عن تقلبات رؤوس الأموال الأجنبية.
وكشف التقرير عن نجاح البنك المركزي المصري في تعزيز بيئة الائتمان، مدعوماً بحزمة من السياسات الاقتصادية والاحترازية، وإطلاقه للعديد من المبادرات التي تتناسب مع طبيعة كل نشاط اقتصادي على حدي وذلك دون الإسراف في المخاطرة، مما أدى إلى عدم تكوُّن مخاطر نظامية خاصة بإخفاق المقترضين، كما استمرت المالية العامة في إجراءات الضبط المالي مع تحقيق مؤشرات أداء جيدة وتنويع لمصادر التمويل بين الأسواق المحلية والخارجية، وهو ما يحد من تعرض القطاع المصرفي لمخاطر اضطرابات أداء المالية العامة.
وأظهر التقرير ارتفاع مؤشر الاستقرار المالي في يونيو 2021 مسجلًا 0.51 مقابل 0.49 في يونيو 2020، نتيجة ارتفاع مؤشرات الاقتصاد الكلي، مع استمرار تحقيق القطاع المصرفي لمستوى مرتفع من الاستقرار وتخطي مؤشراته للنسب الرقابية والاسترشادية بصورة كافية، وهو ما يرجع إلى تحديد القطاع للمخاطر بصورة دقيقة ووضع الاستراتيجيات السليمة لإدارتها وفقًا لأفضل الممارسات الدولية والتعليمات الرقابية التي تتفق مع مقررات لجنة بازل.
وأوضح التقرير أن أصول القطاع المصرفي تمثل 89.8% من إجمالي أصول النظام المالي في نهاية العام المالي 2019/2020، مشيراً إلى تطور بنود المركز المالي للقطاع وتمتعه بمؤشرات سلامة مالية جيدة حتى يونيو 2021، وذلك مع الاستمرار في استهداف فئات جديدة من الأفراد والشركات، والاستفادة من التكنولوجيا المالية لخدمة العملاء، وهو ما انعكس على زيادة ثقة الأفراد والقطاعات المختلفة في القطاع المصرفي.
وأكد التقرير أن نتائج اختبارات الضغوط المختلفة أظهرت صلابة النظام المالي – بمكونيه المصرفي وغير المصرفي - وقدرته على مواجهة الخسائر التي قد تترتب على استمرار التبعات السلبية للجائحة وظهور سلالات متحورة منه، بالإضافة إلى الصدمات التي قد تنتج من التطورات المرتبطة بتغيرات المناخ.
ولفت التقرير إلى أن البنك المركزي يولي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات وأنظمة دفع مناسبة تلبي احتياجات العملاء في ظل التطور التكنولوجي المستمر والمتلاحق في القطاع المصرفي، مع التأكيد على ضرورة استمرار تلك الخدمات وضمان إتاحتها على نحو يرضي كافة المستخدمين، وذلك في إطار دعم النمو الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة التي هي محور استراتيجية «رؤية مصر2030».