يوسف العربي (أبوظبي) 

ينضوي برنامج «القيمة الوطنية المضافة»، أحد أبرز المشاريع التي أطلقتها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في سبتمبر الماضي، ضمن الدفعة الأولى من «مشاريع الخمسين»، على 8 مزايا رئيسة من شأنها دعم الاقتصاد الوطني.
وتتضمن هذه الانعكاسات ارتفاع الإنفاق والطلب على المنتج المحلي، وزيادة حجم الاستثمارات، واستحداث الوظائف، وتوطين الصناعات، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، ودعم المناطق الحرة وتوفير التمويلات البنكية، والحوافز.
دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة مع «مشاريع الخمسين» مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي والاجتماعي الشامل تترسخ معها مكانتها الإقليمية والعالمية في جميع القطاعات، مع تعزيز الارتقاء بتنافسية مخرجات القطاع الصناعي، وجودة المنتجات الوطنية، وتعزيز تنافسيتها في الأسواق الإقليمية والعالمية. 
ويعد برنامج «القيمة الوطنية المضافة» أحد أبرز هذه المشاريع التي تدعم توجهات الدولة في التركيز بشكل كامل على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، بصورة تحقق طفرة تنموية اقتصادية، عبر تكامل بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ومؤسسات الدولة في كافة تخصصاتها وعبر مستوياتها الاتحادية والمحلية، لتبني من خلاله بيئة اقتصادية عالمية، تحافظ على ما تحقق من مكتسبات خلال السنوات الماضية.

زيادة الإنفاق 
يخلق برنامج القيمة الوطنية المضافة نمواً كبيراً في الاقتصاد الوطني بشكل عام، من خلال زيادة الإنفاق على المنتجات الصناعية والخدمات في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويستهدف البرنامج زيادة الطلب على المحتوى والخدمات المحلية من خلال إعادة توجيه أكثر من 42% من مصروفات المشتريات والعقود إلى الاقتصاد الوطني، وبدأ تطبيق البرنامج تدريجياً من خلال 45 جهة اتحادية وعدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها شركة حديد الإمارات وشركة طاقة، وشركة الإمارات العالمية للألمنيوم، وشركة قطار الاتحاد، وشركة شروق، ومن المتوقع زيادة عدد الموردين المعتمدين إلى 7300 شركة.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب على الخدمات والمنتجات الإماراتية من 33 مليار درهم حالياً إلى 55 مليار درهم بحلول العام 2025، وإعادة 50% من المشتريات إلى الاقتصاد الوطني بحلول 2031.

زيادة الاستثمارات 
وتنعكس زيادة الطلب على المنتجات والخدمات على نمو الاستثمارات في قطاعات قائمة وأخرى جديدة، وهو الأمر الذي ينعكس على نحو إيجابي على الأداء الاقتصادي. 
وتنتهج وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المشرفة على برنامج القيمة الوطنية المضافة، استراتيجية شاملة للوصول إلى مستهدفات البرنامج، حيث تعتمد هذه الاستراتيجية على ثلاثة مسارات رئيسية، أولها يتم من خلال تطوير المحتوى المحلي من خلال توفير المنتجات المطلوبة بسلاسل التوريد والتي لا يوجد إنتاج محلي لها.
ويمضي المسار الثاني من خلال تحفيز الشركات المشاركة والحاصلة على شهادة التسجيل في برنامج القيمة الوطنية المضافة لتعظيم مساهمتها وتحقيق مستهدفاتها على هذا الصعيد.
وينطلق المسار الثالث من وجود نظرة مستقبلية لنوع وكم الطلب في دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال رصد احتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة على مدار الخمسة والعشرة أعوام المقبلة، وهو الأمر الذي يحفز الاستثمار.

استحداث الوظائف 
ومن بين أهم الانعكاسات الإيجابية لبرنامج القيمة الوطنية المضافة على الاقتصاد، المساهمة في خلق فرص للمواطنين والمقيمين في المجالات القائمة وكذلك الجديدة منها، ما يسهم في تعزيز مكانة الدولة باعتبارها مركزاً عالمياً لاستقطاب المواهب.
ويأتي البرنامج متزامناً مع إطلاق منظومة متكاملة لتأشيرات الدخول لاستقطاب الكفاءات والمواهب في كافة القطاعات الحيوية للاقتصاد الوطني، مع تغييرات في نظام تملك الأجانب للشركات في الدولة يسمح بتملك المستثمرين العالميين لـ100% من الشركات.
وأسهم برنامج القيمة الوطنية المضافة عند تطبيقه على نطاق محلي منذ عام 2018، في إعادة توجيه 88 مليار درهم إلى الاقتصاد الوطني، وخلق 2000 فرصة عمل نوعية، وانضم إليه نحو 5 آلاف مورّد.

  • مصانع الأدوية الوطنية محل اهتمام وتشجيع (أرشيفية)

الشركات الصغيرة
وتأتي معظم طلبيات الشركات الكبرى المسجلة في برنامج القيمة الوطنية المضافة من المنتجات والخدمات التي توفرها الشركات الصغيرة والمتوسطة، نظراً للتخصص الدقيق للنوع الأخير من الشركات.
ولا تتوقف استفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة من برنامج القيمة الوطنية المضافة عند الشركات التي يتم التعاقد معها بشكل مباشر، بل تمتد هذه التأثيرات إلى الموردين، والتي تتخصص في منتج أو خدمة معينة أو جزء منها.
وتعمل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة يداً بيد مع الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تمثل جوهر الأعمال والمبادرات لتحفيز نموها ومساهمتها في القطاعات ذات الأولوية.
وتمنح الشركات الصغيرة والمتوسطة من أعضاء برنامج القيمة الوطنية المضافة الأولوية لنيل تسهيلات وحلول مالية طويلة المدى من مصرف الإمارات للتنمية، بما يدعم الشركات في تطوير صناعاتها، والتكيف مع شروط ومتطلبات برنامج القيمة الوطنية المضافة.
ويدعم البرنامج الشركات الناشئة، ورواد الأعمال في القطاع الصناعي عند حصولهم على شهادات القيمة الوطنية المضافة، من خلال نيل فرص أكبر للفوز بالتعاقدات الحكومية، وسيمنح الشركات الصغيرة والمتوسطة الفرصة للنمو بحكم الاستفادة من تطوير سلاسل القيمة المحلية، ويعزز فرص رواد الأعمال وشركاتهم الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة في الدخول في شراكات دولية.

المناطق الحرة 
يشمل برنامج القيمة الوطنية المضافة الذي تم إطلاقه مؤخراً على مستوى الدولة ضمن مشاريع الخمسين، الشركات المتواجدة في المناطق الاقتصادية والحرة في الدولة، والتي يمكنها الحصول على شهادة التسجيل بالبرنامج وفق القواعد المنظمة نفسها.
ويوجد عدد كبير من المصانع المتواجدة في المناطق الحرة حاصلة على شهادة التسجيل في برنامج القيمة الوطنية المضافة، كما ترصد وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة اهتماماً متزايداً من قبل هذه الشركات للانضمام للبرنامج خلال المرحلة المقبلة.
ويتم احتساب نسبة القيمة الوطنية المضافة للمشاركين في البرنامج بناءً على مجموعة من المعايير التي من شأنها أن تضمن تكامل آليات التنفيذ، حيث يعنى المعيار الأول بتكلفة التصنيع أو الإنفاق على المنتجات والخدمات داخل الدولة، ويختص المعيار الثاني بحجم الاستثمار في الأصول الثابتة، ويركز المعيار الثالث على قياس الإنفاق على تعيين وتأهيل وتنمية القدرات البشرية من الكوادر الوطنية والمقيمة العاملة في الدولة، فيما يتمحور المعيار الرابع حول الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة والبحث والتطوير.

توطين الصناعات 
وتشمل تأثيرات برنامج القيمة الوطنية المضافة مختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة، لاسيما القطاعات ذات الأولوية مثل الكيماويات والصناعات الثقيلة والرعاية الصحية والأغذية والمشروبات والفضاء والطاقة وغيرها، والتي ستشهد تسارعاً بوتيرة تأسيس المصانع العاملة في هذا المجال.
وفيما يعد البرنامج أحد الركائز الأساسية للاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة التي تهدف إلى تعزيز تنافسية القطاع الصناعي محلياً وإقليمياً وعالمياً، وكذلك زيادة مساهمته في نمو الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات، فتمتد تأثيراته الإيجابية إلى مراحل سلاسل الإنتاج والتوريد كافة، من إنتاج وتخزين ونقل وشحن وعرض للمنتجات والخدمات، وصولاً إلى استقطاب المواهب وتنمية القدرات البشرية وخلق القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني ودعم مشاريع البحث والتطوير والتحول التقني.

حلول تمويلية 
لا يكتفي برنامج القيمة الوطنية المضافة بتحفيز عنصري العرض والطلب، بل يوفر أيضاً غطاء تمويلياً للشركات الحاصلة على شهادة البرنامج والراغبة في تطوير أعمالها، وذلك من خلال حزمة من البرامج التمويلية الخاصة مقدمة من مصرف الإمارات للتنمية، الشريك الاستراتيجي للوزارة.
ويعتبر مصرف الإمارات للتنمية المحرك المالي الرئيس لمشاريع التنويع الاقتصادي والتنمية الصناعية في الدولة منذ إطلاق استراتيجيته الجديدة في أبريل الماضي، ويشارك المصرف بقوة في الحياة الاقتصادية في الدولة عبر توفير التمويل للشركات ضمن الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وتقديم تسهيلات كبيرة لها.
ورصد «المصرف» محفظة مالية مباشرة وغير مباشرة بقيمة 30 مليار درهم، سيتم منها تمويل القطاعات الصناعية ذات الأولوية لدولة الإمارات، كما سيتم تقديم دعم وتمويل واستشارات ودراسات جدوى لنحو 13,500 شركة، وذلك تعزيزاً لأهداف الاستراتيجية التي من أبرزها تبني سياسات متقدمة لزيادة الإنتاجية الصناعية ورفع حجم الصادرات والارتقاء بترتيب الدولة على مؤشر الأداء الصناعي التنافسي.

حوافز البرنامج
ويأتي التكامل بين دور وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة من خلال برنامج القيمة الوطنية المضافة، ومصرف الإمارات للتنمية عبر عدة زوايا، أبرزها حصول الشركات الحاملة لشهادات العضوية في برنامج القيمة الوطنية المضافة على أفضلية في العقود والمشتريات الحكومية إذا انطبقت عليها شروط البرنامج، وبما ينعكس إيجاباً على وضعها المالي، وقدرتها أيضاً على تغطية التزاماتها المترتبة بعد حصولها على التمويل من مصرف الإمارات للتنمية، وبما يعود بشكل إيجابي أيضاً على الطرفين عبر توفير السيولة المالية وتدفقها، وتبادل المنافع المالية، وتحقيق الأهداف المرجوة، في ظل شراكات مهمة على صعيد الدعم الاستشاري والتدريبي، وممكنات الجودة والتنافسية، داخلياً وخارجياً.

التخطيط للمستقبل
تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بمكانة دولية مرموقة بقطاع الصناعة، كما تتميز بقدرة باستثنائية للتخطيط للمستقبل.
وتتقدم الدولة في تنفيذ المشاريع النوعية بقطاع الصناعة مدعومة بشهادة تقارير دولية، حيث قفزت الإمارات خمسة مراكز على مستوى العالم في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي الذي يصدر سنوياً عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» وفق تقييم عام 2021، من المركز 35 إلى المركز 30 في المؤشر الذي يرصد أداء 152 دولة، متصدرة بذلك أداء الدول الخليجية والعربية، لتواصل مساراً تصاعدياً تقدمت خلاله تسع مراتب في المؤشر خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وتعود المكانة الرائدة للدولة بشكل رئيس إلى ما تحمله رؤية القيادة الرشيدة، واستشرافها للمستقبل، ثم قدرة الدولة على تحويل التطلعات إلى واقع ملموس، إضافة إلى الحيوية التي يتميز بها اقتصاد دولة الإمارات وقطاعاته الرئيسة، والتي يبرز اليوم على رأسها القطاع الصناعي.
وتتضح القدرة الإماراتية في التخطيط للمستقبل من خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «مشروع 300 مليار»، واستشراف آفاقه، والمواءمة بين التطلعات والتغيرات الجارية في العالم، من حيث التحولات الاقتصادية وطبيعتها، وخصوصاً، ما يتعلق بقطاعات المستقبل، والتغيرات الجوهرية على القطاعات القائمة حالياً. ولعل أبرز ما تقوم عليه الاستراتيجية هو سلسلة المبادرات والبرامج المتكاملة التي تسعى إلى تحويل الخطط والمبادرات والمشاريع إلى واقع ونتائج ملموسة.