شريف عادل (واشنطن)

لم يكد العام الجديد يبدأ حتى تعرضت الأسهم الأميركية، التي أنهت مؤشراتها العام الماضي بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق، لنزيف من الخسائر تسبب فيه استمرار تزايد أعداد المصابين بوباء كوفيد-19 الذي مازال يحير العالم، وزاد من حدته محضر اجتماع بنك الاحتياط الفيدرالي الذي أكد جدية صانعي السياسة النقدية في إنهاء سياسات التيسير الكمي أقرب مما توقع الكثيرون.
وبعد بداية سعيدة في أول أيام التعامل في العام الجديد، كان أبرز ملامحها تجاوز القيمة السوقية لسهم شركة آبل، مُصَنِّع الهواتف الذكية من ماركة آيفون والحواسب الآلية ماك، 3 تريليونات دولار لأول مرة، وارتفاع سهم شركة تسلا، مصنع السيارات الكهربائية، بأكثر من 13%، انخفض مؤشرا إس آند بي 500 وناسداك في كل يوم من الأيام الأربعة التالية، لتصل خسائرهما خلال أول أسابيع العام إلى 2.12% و5.06% على التوالي. ورغم تسجيله مستوى قياسياً جديداً يوم الأربعاء، لم يسلم مؤشر داو جونز الصناعي من خسائر الأسبوع، حيث أنهى تعاملاته متراجعاً، وإن بنسبة لم تتجاوز 0.25%.
ونشر البنك الفيدرالي الأسبوع الماضي محضر اجتماعاته التي عقدت منتصف الشهر الماضي، والذي أظهر نية البنك الإسراع بتنفيذ خطته ذات المراحل الثلاثة، والتي بدأت أولاها بالفعل الشهر الماضي بإنقاص مشترياته من سوق السندات، لتكون المرحلة الثانية بعد إيقاف مشترياته تماماً بإجراء أول رفع لمعدل الفائدة، ثم المرحلة الأخيرة، التي قال البنك إنها ستبدأ بعد الرفع الأول للفائدة، والتي سيقوم البنك فيها ببيع ما بحوزته من سندات، في الطريق لإعادة ميزانيته إلى مستواها الذي كانت عليه قبل ظهور الوباء.
وتسبب الإعلان عن خطة البنك في توقع المستثمرين إتمام الرفع الأول للفائدة قبل نهاية الربع الأول من العام، الأمر الذي ألحق بمؤشر ناسداك، الذي تسيطر عليه شركات التكنولوجيا شديدة الحساسية لتغيرات معدل الفائدة، أكبر خسارة أسبوعية منذ شهر فبراير من العام الماضي.
واعتبر جاي بستريشللي، الشريك المؤسس لشركة الاستثمار زيجا فاينانشيال التي تتخذ من ولاية فلوريدا مقراً لها، أن سوق الأسهم الأميركية تمر بفترة انتقالية، بعد الأداء القوي في 2021، مشيراً إلى أن السوق تشهد حالياً «تذبذبات كبيرة في أسعار الأسهم الفردية مقارنة بالمؤشرات، وتغير في الأسهم التي تقود السوق. وتوقع بستريشللي أن«يراجع المستثمرون تفكيرهم في شراء أسهم شركات التكنولوجيا خلال العام الحالي الذي سترتفع فيه معدلات الفائدة».
وعلى نحو متصل، ورغم توقف إضافات الوظائف غير الزراعية خلال آخر شهور العام المنتهي عند 199 ألف وظيفة، إلا أنها كانت كافية لإشاعة بعض التفاؤل قبل نهاية الأسبوع، حيث سجل معدل البطالة نسبة 3.9%، هي الأقل منذ شهر فبراير من عام 2020، الذي شهد بداية انتشار الفيروس في الأراضي الأميركية، قبل أن يتسبب في إصدار أوامر الإغلاق الكبير وتسريح الموظفين للحد من انتشاره.