شريف عادل (واشنطن)

في مخالفة واضحة لتصريحاته السابقة التي أكد فيها أن التضخم في أميركا هو «مرحلة مؤقتة»، وأنه سيعود إلى مستوياته المعتادة قريباً، أعرب جيرومي باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي عن قلقه من معدل التضخم المرتفع، متوقعاً عدم انخفاضه قبل نهاية العام الحالي، بل وربما بعد ذلك بفترة.
وخلال حلقة نقاش استضافها يوم الأربعاء الماضي، البنك المركزي الأوروبي، أكد رئيس البنك المركزي الأكبر في العالم، والذي يعمل به أكثر من 350 اقتصادياً من الحاصلين على درجة الدكتوراه، أن التضخم المرتفع الذي شهدته الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة سيستمر أكثر مما توقع اقتصاديو البنك، إلا أنه أعرب عن ثقته في عودة الأسعار إلى الانخفاض إلى مستويات ما قبل أزمة وباء كوفيد-19. 

تحفيز الاقتصاد
وقال باول إنه «من الصعب جداً معرفة حجم التأثيرات الناتجة عن ذلك، أو المدى الزمني له».
وبعد أن تسببت تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومة الأميركية والبنك الفيدرالي لتحفيز الاقتصاد في ارتفاع معدل التضخم لمستويات غير مشهودة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008–2009، عبر باول عن إحباطه من كون «توفير اللقاح للمواطنين والعمل على الحد من انتشار متحور دلتا هو أفضل سياسة اقتصادية متاحة لدينا الآن»، مشيراً إلى أن «الاختناقات التي تتسبب في تعطل سلاسل الإمداد ما زالت مستمرة، وأنها ربما تتسبب في استمرار معدل التضخم المرتفع حتى العام القادم 2022».
وخلال حلقة النقاش التي حضرها أيضاً أندرو بايلي، محافظ البنك المركزي الإنجليزي (بنك أوف إنجلاند)، وهاروهيكو كورودا، محافظ البنك المركزي الياباني، أيدت كريستين لاجارد، رئيس البنك المركزي الأوروبي توقعات باول بأن التضخم «مؤقت»، وأنه ناتج عن ارتفاع الطلب المصاحب لإعادة فتح الاقتصاد، مضيفةً «نحن نتابع التضخم عن كثب، ولا نرى ما يجعلنا نتوقع ألا تتراجع ارتفاعات الأسعار التي نشهدها حالياً». وأكد باول أن البنك مستعد للتعامل إذا لم ينخفض معدل التضخم. ويقول باول إن «إدارة اقتصاد البلاد خلال العامين القادمين ستكون شديدة الصعوبة» بسبب ذلك التقاطع بين أهداف البنك. 

لجنة السوق
وراجعت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة التابعة للبنك الفيدرالي الأسبوع الماضي توقعاتها الخاصة بمعدل التضخم الأساسي هذا العام 2021، الذي يستبعد أسعار الطعام والوقود شديدة التقلب، لتضعه عند 3.7% بعد أن كانت توقعاتها قبل ثلاثة أشهر فقط تشير إلى 3%.
ويواجه البنك الفيدرالي، المسؤول عن وضع السياسة النقدية في البلاد، خلال الفترة الأخيرة مأزقاً واضحاً بسبب مرور الاقتصاد بحالة لم تحدث منذ سنوات طويلة، يتقاطع فيها اثنان من أهم أهدافه، وهما الحفاظ على التضخم المنخفض والمستقر، مع تحقيق معدلات التوظيف العالية، وهو ما يُصَعِّب اتخاذ قرار برفع معدلات الفائدة، أو حتى إنهاء برنامج التيسير الكمي، لكبح جماح التضخم.