القاهرة (الاتحاد)
مر نحو عقد من الزمان منذ بدأ الحديث عن تقنية الجيل الخامس التي أصبحت الآن حقيقة واقعة. وبدأت شركات الاتصالات اللاسلكية، لاسيما في الولايات المتحدة، في الاستعداد لطرح التقنية منذ عدة سنوات، ليصبح الوصول إلى الإنترنت عبر الهواتف المحمولة بشبكات الجيل الخامس متاحة على نطاق واسع، ولكن ما هي تقنية «فايف جي 5G»، وكيف ستغير ملامح الحياة في المستقبل القريب؟
قدم موقع «Digital Trends» الإجابات عن هذا السؤال، والعديد من الأسئلة الأخرى التي قد تدور ببالك حول أحدث شبكة للهاتف المحمول في العالم.
ما هي تقنية 5G؟
تعتبر الجيل الخامس التقنية الأحدث من شبكات الجيل الرابع «4G LTE» والتي ستمكن المستخدم من التمتع بسرعات تنزيل وتحميل أسرع كثيراً، مع مستوى كمون منخفض، وهو ما يعني تخفيض الوقت الذي تستغرقه الأجهزة للاتصال بالشبكات اللاسلكية بشكل كبير.
وتعد شبكات 5G أكثر كفاءة بطبيعتها، حيث تتعامل مع المزيد من الاتصالات لكل برج لتوفر سرعات أعلى لكل مستخدم. وقد صُممت أيضاً للعمل عبر نطاق أوسع من ترددات الراديو اللاسلكية (RF)، ما يفتح إمكانيات جديدة في نطاقات الموجات المليمترية العالية للغاية لشركات الاتصالات لتوسيع شبكاتها. ونظراً لأن التقنية جديدة تماماً، فإنها ستعمل على ترددات وأنظمة حديثة، بما يعني أن الهواتف العاملة بتقنية الجيل الرابع 4G ستكون غير متوافقة مع شبكة الجيل الخامس 5G الجديدة.
كيف تطورت شبكة 5G؟
بدأ نشر شبكات الجيل الخامس بشكل جدي في عام 2019، إلا أنه تم وضع أساسها قبل ذلك بعدة سنوات. ومن الواضح أن التقنية لم تصل بعد إلى مستوى تشبع السوق بشكل إجمالي، أو حتى إنها لا تمثل غالبية حركة مرور الهاتف المحمول حتى الآن. ولكن بالنظر إلى تاريخ طرح شبكات الجيل الرابع، يمكننا أخذ فكرة عن المدة التي سوف يستغرقها لتحقق ذلك، فقد تم نشر شبكة الجيل الرابع «4G LTE» تجارياً لأول مرة في عام 2009، ولم يتم نشرها في الولايات المتحدة حتى نهاية عام 2010، بل استغرق الأمر حتى عام 2013 حتى أصبح الجيل الرابع منتشراً حقاً في العديد من الدول، وأصبح مُهيمناً على شبكات الجيل الثالث القديمة.
وإذا اتبعنا جدولاً زمنياً مُشابهاً، قد ننتظر حتى أواخر عام 2022 أو حتى 2023 حتى تصبح شبكة الجيل الخامس هي الشبكة المهيمنة في غالبية دول العالم، وسيكون ذلك بسبب العقبات نفسها التي واجهت 4G، مثل أنها تعمل على طيف جديد بتقنيات جديدة مطلوبة على كل من الشبكة ونهايات الجهاز.
كيف تعمل تقنية 5G؟
تماماً مثل شبكة «4G LTE»، تعمل تقنية 5G على نطاق واسع من حصص الطيف اللاسلكي، غير أن لديها القدرة على العمل على نطاق أوسع من الشبكات الحالية. ويُطلق على الشكل الأكثر شيوعاً لاستخدام شبكة ال5G اسم «Sub-6»، وكذلك «mmWave».
ويشير «Sub-6» إلى شبكة جيل خامس تعمل بتردد أقل من 6 جيجاهرتز، حيث تمتلك جميع شركات الاتصالات شكلاً من أشكال شبكات «Sub-6»، ويرجع ذلك إلى أن شبكة«4G LTE» تعمل حالياً على هذه الترددات المنخفضة.
ويعتبر طيف «Sub-6» مهماً بشكل لا يصدق في إطلاق شبكة الجيل الخامس، لأن هذه الموجات الراديوية ذات التردد المنخفض يمكن أن تنتقل لمسافات طويلة تخترق الجدران والحواجز، مما يعني أن شركات الاتصالات يمكنها نشر شبكات أكبر بكثير دون الحاجة إلى بناء عدد كبير من الأبراج الخلوية الجديدة.
أما مصطلح «mmWave» فيعني الموجة المليمترية، والتي تشير إلى موجات الراديو فائقة التردد، والتي تتراوح بين 30 جيجاهرتز و300 جيجاهرتز، وتُستخدم لزيادة سرعة اتصالات الجيل الخامس، مع توفير سرعات تنزيل فائقة السرعة قد تصل إلى عدة جيجابت في الثانية.
ما هي سرعة 5G؟
ستوفر شبكة 5G سرعات بيانات أسرع بشكل ملحوظ، حيث قد تصل معدلات ذروة البيانات إلى 20 جيجابت في الثانية للوصلة الهابطة و10 جيجابت في الثانية للوصلة الصاعدة. ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن هذه السرعة التي يتشاركها جميع المستخدمين في الخلية، ولكنها تعتبر سرعة عالية.
ورغم ذلك، فإن السرعات الفعلية لن تكون هي نفسها، حيث ستتطلب المواصفات سرعات تنزيل للمستخدم تبلغ 100 ميجابت في الثانية وسرعات تحميل تبلغ 50 ميجابت في الثانية.
و يجب أن تكون واجهات اللاسلكي موفرة للطاقة عند الاستخدام، وأن تسقط في وضع الطاقة المنخفضة عندما لا تكون قيد الاستخدام، أي يجب أن تكون موجات اللاسلكي قادرة على التحول إلى حالة طاقة منخفضة في غضون 10 مللي ثانية عندما لا تكون قيد الاستخدام في الوضع المثالي.
وعلى أرض الواقع، ستختلف سرعات شبكة الجيل الخامس الفعلية على نطاق واسع، ففي العديد من المناطق، سيكون إنترنت ال 5G بطيئاً أو أبطأ أحياناً من شبكة الجيل الرابع 4G LTE. ويرجع ذلك عادةً إلى توفر الطيف المحدود، حيث تحاول شركات النقل استخدام جزء واحد من موجات اللاسلكي لدعم شبكات 4G الحالية وشبكات 5G الجديدة في وقت واحد.
أين تتوفر تغطية 5G الآن؟
إذا كنت تعيش في منطقة مأهولة نسبياً، فإن شركة واحدة على الأقل، ربما جميع شركات الاتصالات الكبرى، ستقدم بالفعل تغطية الجيل الخامس. وقامت شركات توفير خدمات الاتصالات الرئيسية في الولايات المتحدة «T-Mobile» و«AT&T» و«Verizon» بإطلاق ما يسمى بشبكاتها «على الصعيد الوطني» باستخدام شبكة الجيل الخامس «Sub-6».
وتعمل جميع شركات النقل الأميركية الكبرى بجهد كبير لبناء شبكات الجيل الخامس، إلا أن انتشارها في جميع أنحاء البلاد سيستغرق عدة سنوات.
ومن الجدير بالذكر أن كل شركة اتصالات لديها استراتيجية مختلفة لنشر تقنية الجيل الخامس، بما يعني أن تجربة ال 5G قد تختلف اختلافاً كبيراً اعتماداً على شركة الاتصالات التي يتعامل معها المستخدم.
الفوائد المحتملة لشبكة 5G
هناك العديد من الفوائد المحتملة لشبكات الجيل الخامس التي تثير الحماس وتتجاوز مجرد الاتصالات المتنقلة. وعلى المدى القصير، من المحتمل زيادة سرعاتك في تنزيل مقاطع الفيديو والتطبيقات أو ممارسة الألعاب. أما على المدى الطويل، مثلما حدث عند تشغيل شبكات الجيل الرابع، يمكن أن تفرز شبكات الجيل الخامس العديد من الصناعات الجديدة والاستخدامات المستقبلية المتوقعة، مثل تحسين النطاق العريض المنزلي والاتصال اللاسلكي، والمركبات ذاتية القيادة التي ستتواصل مع المركبات الأخرى على الطريق وتوفر للسائقين معلومات حول ظروف الطريق وغيرها، والسلامة العامة والبنية التحتية، حيث ستسمح شبكة الجيل الخامس للمدن والبلديات وشركات المرافق والخدمات بالعمل بكفاءة أكبر.
كما توفر تقنية الجيل الخامس إمكانية التحكم عن بعد في الآلات الثقيلة، بما سيقلل المخاطر في البيئات الخطرة وسيسمح أيضًا للفنيين ذوي المهارات المتخصصة بالتحكم في الآلات من أي مكان في العالم.
ويمكن لشبكة الجيل الخامس أن تُغير قطاع الرعاية الصحية بشكل جوهري، نظرًا لأنها ستقلل زمن انتقال الشبكة بشكل أكبر من شبكة الجيل الرابع، بما سيؤدي لتحسينات في تشخيص الأمراض وعلاجها عن بعد والعلاج الطبيعي عبر الواقع المعزز والجراحة الدقيقة وحتى الجراحة عن بُعد في السنوات القادمة.
إضافة إلى أنه سيمكن للمستشفيات إنشاء شبكات استشعار ضخمة لمراقبة المرضى، وسيتمكن الأطباء من وصف حبوب ذكية لتتبع الامتثال لأوامر الأطباء، ويُمكن لشركات التأمين حتى مراقبة المشتركين لتحديد العلاجات والعمليات المناسبة.
هل تقنية 5G آمنة؟
لا تشكل الشبكة الحديثة خطراً على صحتك. ورغم المخاوف من تأثيرات موجات اللاسلكية على الإنسان المثارة منذ سنوات حتى الآن، لكنه لا يوجد أي دليل حتى الآن يشير إلى أنها في الواقع ضارة بصحة الإنسان، وسط العديد من نظريات المؤامرة حول تقنية الجيل الخامس. وفي الواقع، لا تختلف الموجات اللاسلكية الخاصة بشبكات الجيل الخامس اختلافاً جوهرياً عن الموجات التي نعيش معها منذ عقود في العصر الحالي.
أفضل هواتف 5G متاحة الآن
على الرغم من أن تقنية 5G ستغير بلا شك الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض، والطريقة التي نتعامل بها مع الوسائط المختلفة، فإن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها. وسوف تمر بضع سنوات قبل أن يتم تشغيل شبكات الجيل الخامس بسلاسة في جميع أنحاء العالم. لهذا السبب، لا يوصي الخبراء بالإسراع لشراء هاتف لمجرد أنه يحتوي على خاصية ال 5G فقط، بل يجب مراعاة مواصفات وخصائص الهاتف لأسباب أخرى، بجانب أنه يدعم التقنية المستقبلية، وعلى كل حال، من المرجح أن تدعم معظم الهواتف الحديثة شبكة الجيل الخامس.
هل يمكنك استخدام 5G للإنترنت المنزلي؟
في ظل إمكانياتها الموعودة من السرعات المذهلة ومستوى الكمون المنخفض، قد تبدو تقنية الجيل الخامس بديلاً محتملاً جيداً للشبكة اللاسلكية المنزلية، لا سيما في المناطق الريفية، حيث يصعب الحصول على الإنترنت السلكي السريع، ويكون البديل الآخر الوحيد غالباً هو الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.