شريف عادل (واشنطن) في تأكيد جديد على عدم توجه بنك الاحتياط الفيدرالي «المركزي الأميركي» لعكس سياساته الهادفة للإبقاء على معدلات الفائدة عند مستوياتها الصفرية، أو إلغاء برنامج التيسير الكمي الذي بدأه مع انتشار وباء كوفيد-19 في الأراضي الأميركية خلال الربع الأول من العام الماضي، أكد جيروم باول رئيس البنك أن الطريق مازال طويلاً قبل اتخاذ هذه القرارات. وقال رئيس أكبر بنك مركزي في العالم خلال شهادته أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب يوم الأربعاء، من خلال تقنية الفيديو كونفرانس، إن الاقتصاد الأميركي مازال بحاجة للمزيد من التحسن، خاصة فيما يخص سوق العمل، قبل أن يقرر البنك وقف أو إبطاء شراء السندات من السوق الثانوية. ورغم تأكيده ارتفاع معدل التضخم الأميركي بصورة ملحوظة، أوضح باول أن ذلك الارتفاع يأتي من مجموعة محدودة من السلع، تأتي على رأسها السيارات المستعملة شديدة الحساسية للظروف المؤقتة، مشيراً إلى أن الموجة الحالية لارتفاع الأسعار تسبب فيها تزايد الطلب لأسباب متفرقة، مع تراجع المعروض في نفس اللحظة بسبب تعطل بعض سلاسل الإمداد، واستمرار أزمة نقص أشباه الموصلات. ويوم الأربعاء، أظهرت بيانات مكتب العمل التابع لوزارة العمل الأميركية تجاوز ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين، أحد أهم مؤشرات التضخم لدى البنك الفيدرالي، في شهر يونيو المنتهي أغلب التوقعات، ليسجل نسبة 5.4% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وليظل معدل التضخم الأميركي عند أعلى مستوياته منذ عام 2008، الذي شهد أقسى لحظات الأزمة المالية العالمية. وقفز معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار أغلب منتجات الطعام والطاقة شديدة التقلب، بنسبة 0.9% مقارنة بشهر مايو، حيث سجل ارتفاع الأسعار في آخر شهور النصف الأول من العام معدل 4.5%، مقارنة بنفس الشهر من عام 2020، إلا أن مسؤولي السياسة النقدية رأوا في تلك المعدلات "مرحلة انتقالية"، وأكدوا أنها مازالت تحت السيطرة. وقبل يومين، أظهر مسح قامت به جريدة وول ستريت جورنال، وتم إجراؤه خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري على أكثر من ستين شركة وأكاديمي وبعض من يعملون في القطاع المالي، أن التضخم الأميركي ربما يصل إلى مستويات غير مشهودة منذ عقود، وأنه ربما يستمر أكثر كثيراً مما يتوقع البنك. ولا تعد كل علامات التضخم سيئة في الولايات المتحدة، فبالإضافة إلى اعتبار البنك الفيدرالي أنها ضرورية للتأكد من الخروج من حالة الانكماش، توقعت مجموعة ضغط غير حزبية تسمى "رابطة كبار السن" أن تتسبب معدلات التضخم المرتفعة في ارتفاع "معدل الضبط المرتبط بتكلفة المعيشة" للتأمينات الاجتماعية للمسنين، الذي يطلق عليه COLA، إلى نسبة 6.1%. وأشارت الرابطة إلى أن ذلك المعدل لو تم تطبيقه العام القادم سيكون الأعلى منذ ما يقرب من أربعة عقود.