حسام عبدالنبي (دبي)

تتزايد رغبة المستثمرين الأفراد في تداول العملات المشفرة (وأشهرها عملة البيتكوين) بعد الارتفاعات القياسية التي حققتها في فترات ماضية، ولكن دائماً ما يفرمل تلك الرغبة عدم معرفة المستثمرين بكيفية وطريقة التعامل والجهة التي يمكن التعامل معها، خاصة في ظل التحذيرات المتكررة من كافة الجهات الرسمية في الدولة من التعامل على وحدات افتراضية غير مغطاة بأصول ملموسة، ولا تحتاج في إصدارها إلى أي شروط أو ضوابط.
وهناك 5 حقائق يجب على الراغب في الاستثمار في العملات المشفرة إدراكها، قبل اتخاذ قرار الاستثمار، حتى يدرك حجم المخاطر الحقيقة ولكي يكون مسؤولاً عن قرارة الاستثماري ويتقبل تداعياته.

لماذا التحذيرات؟
توالت تحذيرات الجهات الرسمية في الدولة من التعامل على العملات المشفرة، وكان آخرها التحذير الصادر من شرطة أبوظبي قبل أيام، ما جعل بعضهم يعتقد أن تداول تلك العملات يمثل مخالفة أو يعرض من يقوم به للمساءلة القانونية، وفي حقيقة الأمر فإن تلك التحذيرات تأتي في المقام الأول لحماية الراغبين في الاستثمار من الاحتيال، خاصة أن تداول تلك العملات مازال محظوراً عبر القنوات الرسمية في ظل عدم وجود منصات مرخصة حتى الآن للاستثمار في العملات المشفرة.
وتتلخص تلك التحذيرات في عنصرين رئيسيين، أولهما أن البنوك المركزية ما تزال ترفض الاعتراف بالعملات المشفرة، وذلك لعدم وجود جهة حكومية تشرف عليها أو تنظمها أو تراقبها، ما يعني أن الاستثمار في تلك العملات يتسم بالمخاطرة العالية، خاصة في ظل عدم وجود جهة ناظمة للتداول.
ويتمثل السبب الثاني للتحذير في زيادة عروض الاستثمار وتداول تلك العملات والتي تغري المستثمرين بأرباح طائلة، وفي حقيقة الأمر فإن المحتالين عادة ما يستغلون ذلك لسرقة البيانات الشخصية والمعلومات المصرفية للضحية ومن ثم أمواله عبر إطلاق منصات وهمية وغير مرخصة لتداول تلك العملات؛ أي أن الأمر في النهاية هو عملية احتيال وليست استثماراً حقيقياً.

كيف يتم ذلك؟
ببساطة، يستغل المحتالون الارتفاعات القياسية التي حققتها العملات المشفرة في الفترة الماضية (وخاصة «بيتكوين» الأكثر شهرة) وكذلك عدم وجود جهات رسمية مرخص لها بالتعامل المباشر على تلك العملات، لجذب الضحايا عبر الإعلان من خلال المكالمات الهاتفية والدعايات عبر الإنترنت والرسائل عن إمكانية الاستثمار في العملات المشفرة من خلال موقع إلكتروني وهمي باعتباره المنصة الرقمية الخاصة بشركاتهم. ويطلب المحتالون من الراغب في الاستثمار إدخال البيانات الشخصية إلى تلك المنصة أو الموقع الإلكتروني لإجراء عمليات التحويلات المالية اللازمة لبدء الاستثمار، إلى جانب تحويل بعض المبالغ بالفعل إلى حسابات وهمية، ودائماً ما تكون النهاية سرقة الأموال من أشخاص أو شركات وهمية وغير مرخصة.

هل هناك حالات بالفعل؟
في شهر مايو الماضي، شهدت دبي أشهر محاولة احتيال ولكن تم التصدي لها بسرعة وفعالية، حيث بادر «مركز دبي للأمن الإلكتروني» لإغلاق موقع إلكتروني يروج لعملة «دبي كوين» الرقمية، وكان الموقع غير مرخص ويستهدف تصيّد معلومات البريد الإلكتروني وكلمة السر وأرقام هواتف الأشخاص عن طريق استمارة إلكترونية. والطريف في الأمر أن تلك المحاولة جاءت رغم أن دبي لا تمتلك أي عملة رقمية تحمل اسمها ويتم تداولها في الدولة.

هل هناك بدائل في الدولة؟
شهدت بورصة ناسداك دبي، بالفعل، إدراج أول صندوق «بيتكوين» رئيس مُنظم في العالم يُدرج في أسواق رأس المال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أدرجت شركة3iQ، أكبر شركة كندية لإدارة الأصول الرقمية والتي تتجاوز قيمة أصولها المُدارة 2.5 مليار دولار كندي، رسمياً الصندوق لتتيح للمستثمرين في الدولة تداول وحدات الصندوق ضمن بيئة تحميهم، وتوضح لهم بالتفصيل طبيعة المنتج أو الأصل الاستثماري وإدارة المخاطر ما يلبي تطلعات جميع فئات المستثمرين.

كيفية اختيار منصة التداول؟
يحدد الخبراء عدداً من الأسس لاختيار منصة تداول العملات المشفرة ومن ثم الاستثمار بشكل مباشر، وأولها أن يقوم الراغب في الاستثمار بالبحث وبذل الجهد في اختيار منصة التداول بحيث يتم التأكد من أن المنصة مرخصة بالفعل من قبل بنك مركزي أو سلطة معينة، فمن المهم جداً التحقق من الموقع الرسمي للبنك المركزي أو السلطة لمعرفة ما إذا كانت الشركة مدرجة في سجل الترخيص، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستثمر الاتصال بمركز خدمة العملاء الخاص بالمنصة وطلب نسخة الترخيص، أو أن يقوم التحقق من السجل التجاري للشركة للتأكد من حالتها التنظيمية؛ لأن السلطات الرقابية والتنظيمية يكون لها دور واضح جداً في نظام الترخيص الخاص بها وفي اتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتيال.
وتتمثل الخطوة التالية في أن تتم دراسة ومراعاة اعتبارات الأمن والسمعة في المنصة بمعنى أنه يجب على المستثمر الحصول على إجابات محددة عن أسئلة مثل «هل هذه المنصة لديها فرق إدارة موثوق به ومرئي؟»، «هل لديها سمعة للتسليم؟»، «ماهي السياسات التي تتبعها مثل «اعرف عميلك» و«وسياسة مكافحة غسل الأموال».
ومن العوامل المهمة جداً عند اختيار منصة تداول أو تخزين العملات المشفرة أن يكون لديها بنية تحتية قوية للأمن السيبراني، فضلاً عن أهمية أن تفصل أموال العميل عن أموال الشركة، وأن يتوافر لديها تأمين كاف لتغطية أموال العملاء، مع عرض أسعار تنافسية مواتية للعملاء ويمكنهم الإيداع والسحب بعملتهم المحلية.