يوسف العربي (أبوظبي)

تتحول دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مركز إقليمي لتصنيع الأدوية المبتكرة والمثيلة. وتتمتع صناعة الدواء المحلية بسمعة عالمية نظراً لخضوع المنتجات الدوائية لرقابة صارمة من الجهات المختصة للحصول على التراخيص اللازمة. 

أمن دوائي 
ويقول زهدي صوالحي، الرئيس التنفيذي لشركة «أدكان» أن مستقبل الإمارات في مجال الصناعات الدوائية سيكون مبهراً حيث تعتبر القيادة الرشيدة عملية الأمن الدوائي على رأس الأولويات.
 ويضيف صوالحي أن تحقيق الأمن الدوائي لا يتأتى باستيراد الدواء فحسب، بل يتحقق واقعاً وفعلاً بصناعة وطنية تلبي احتياجات البلاد لا سيما في أوقات الطوارئ والأزمات، لافتاً إلى أن ظروف جائحة كوفيد-19 التي مر بها العالم كانت أكبر دليل على أهمية الأمن الدوائي والتركيز على صناعة الدواء المحلية، بعد أن رأينا دولاً منعت تصدير الدواء لتلبية حاجاتهم المحلية.
وقال صوالحي إذا أردنا أن نتكلم عن أهمية صناعة الدواء فلنتكلم عن الغرض من استعمال الدواء فالدواء يستعمل إما للوقاية أو للعلاج، وهنا تكمن أهميته، فالإنسان يقع بين هاتين الحالتين، ولرفع المستوى الصحي في المجتمع، لا بد من صناعة دوائية تلبي حاجات الإنسان لينعم المواطنون والمقيمون بالصحة والسعادة.

المنافسة 
وبالنسبة للمنافسة في القطاع، قال صوالحي: «قد تكون صعبة في بعض الأحيان، حيث إن عملية تطوير المنتجات والأبحاث، عملية تستهلك وقتاً وجهداً ومالاً لإخراج مستحضر بأرقى المقاييس، ثم نجد لهذه المستحضر بديلا مستورداً من بعض الدول بسعر أقل، مما يضعنا في موقع منافسة صعب يهدد استثمارنا في هذا المنتج، وبالتالي يؤثر على خطة التطوير للمنتجات التي تليه، إذ أن جزءاً كبير من أرباح الدواء يصرف في أبحاث وتطوير منتجات أخرى، ويصرف كذلك في استدامة الصناعة» ولذلك وارتأينا في «أدكان» أن ننأى بأنفسنا عن المنافسة إلا في التميز، وأن نركز على منتجات تعبر عن تفردنا في السوق الدوائي. 
وقال: «نستشعر في أدكان حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا وذلك لتحقيق رؤية 2031 والتي تهدف إلى جعل المنتج الصناعي والدوائي في الدولة انعكاسا لكل ما تمثله هوية الدولة القائمة على التفرد والتميز، ضمن معايير موحدة على مستوى إمارات الدولة تعتمد أعلى معايير الكفاءة والجودة الفائقة، وإبراز المقوم الإماراتي في المنتج الوطني، وتعزيز تنافسية الصناعة والمنتجات الوطنية، بحيث تكون ضمن الصادرات الإماراتية المطلوبة في العالم لنوعيتها وتنافسيتها».

شراكات عالمية 
وأعلنت شركة أسينو السويسرية، المتخصصة في المنتجات والخدمات الصيدلانية عالية الجودة، مؤخراً عن دخولها في شراكة استراتيجية مع شركة فارماكس للأدوية ضمن خطوة تتماشى مع توجهات الدولة كمركز إقليمي لتصنيع الأدوية المبتكرة والمثيلة.
 وقال الدكتور أمين حسين الأميري الوكيل المساعد لقطاع التنظيم الصحي عقب الإعلان عن الشراكة أنها تتماشى مع استراتيجيات الوزارة الرامية إلى جلب كل ما هو مميز واحتضان أحدث الابتكارات والمنتجات في الدولة وتعزيز مركز الدولة كرائد إقليمي في مجال الرعاية الصحية والصناعات الدوائية خاصة إنتاج الأدوية المبتكرة والمثيلة في المصانع الوطنية الإماراتية بالشراكة مع الشركات الدوائية العالمية.
 من جانبه، قال الدكتور أندرو بيرد، المدير العام ورئيس منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا لدى شركة أسينو إن الشركة تعزز تطوير مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء الإمارات والمنطقة بشكل عام، وذلك من خلال تسريع الوصول إلى الأدوية ذات الجودة العالية التي يمكن للمرضى والحكومات الوثوق بها. 
ونوه بيرد، بأن هذا التعاون يعد خطوة حيوية في دعم جهود التنويع الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة وتوسيع نطاق تحويل الدولة إلى مركز ريادي لتصنيع الأدوية المبتكرة والمثيلة في المنطقة».
وتشمل الاتفاقية مجالات الترخيص والتصنيع والتوريد لمنتجات أسينو المحددة عبر منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والتي تم تحديدها بناءً على الاحتياجات المحلية للمرضى وتتضمن أمراض الجهاز الهضمي ومنتجات تخفيف الآلام وجهاز القلب والأوعية الدموية، وهو ما يمثل حوالي نصف محفظة أسينو في الإمارات العربية المتحدة ومن المتوقع أن يكون أول منتج محلي الصنع متاح قريبا في العام الحالي بأسواق الإمارات.

توسع عالمي 
وقال رجل الأعمال الدكتور شمشير فاياليل، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، لشركة «لايف فارما» إن صناعة الدواء بالإمارات تستهدف دخول المزيد من الأسواق العالمية، وتصنيع أدوية عالمية محليا، لتعزيز شعار «صنع في الإمارات» في أسواق الدواء العالمية. 
وأضاف أن صناعة المستحضرات الصيدلانية تعد محرّك نموّ قائم على الابتكار وعلى القيمة في الاقتصاد الإماراتي، فهي تجمع بين التقنيات المتقدّمة وخبرة المهنيين ذوي المهارات العالية، ما يسمح لدولة الإمارات بالمنافسة بنجاح في السوق العالمية والانتقال إلى مكانتها التجارية واللوجستية الحالية».
وأعلنت مجموعة «في بي إس» للرعاية الصحية، المالكة لشركة «لايف فارما» للأدوية لصناعة الدواء، التي تتخذ من دبي مقراً لها عزمها الدخول إلى 6 دول جديدة العام المقبل، ليرتفع عدد الدول إلى 18 دولة بدلا من 12 دولة حاليا. وقال فاياليل إن شركة «لايف فارما» الوحيدة المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة الأميركية، وأول شركة لإنتاج الأدوية في الإمارات معتمدة لتصدير الأدوية للولايات المتحدة الأميركية وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا والبرتغال وتايوان بالأدوية، وهي ست دول تتمتع ببعض من أصعب المتطلبات الجودة في هذا القطاع.

طاقة إنتاجية
وأضاف فاياليل، أن الطاقة الإنتاجية لـ«لايف فارما» تبلغ 2.2 مليار قرص و600 مليون كبسولة و30 مليون زجاجة دواء سائل (شراب) سنويا.
وأشار فاياليل، إلى أن المصنع يصدر 120 مليون قرص دواء من إنتاجه إلى أميركا الشمالية (أميركا وكندا) سنويا، فيما يصدر لأستراليا 250 ألف عبوة من محلول الطاقة، و250 ألف عبوة «أقراص» مسكن للآلام وخافض للحرارة. 
وتابع: تبلغ قيمة التصنيع المتوقع لـ «لايف فارما» العام الجاري، نحو 200 مليون درهم (الدولار يعادل 3.67 درهم) سواء للسوق المحلي أو التصدير، ويستحوذ السوق المحلي على %75 من الإنتاج، بينما يتم تصدير %25 من الإنتاج. وذكر، أن المصنع يستهدف الوصول إلى حجم تصنيع بقيمة 300 مليون درهم العام المقبل، وزيادة حجم التصدير ليصبح %40 من إجمالي الإنتاج، بدلا من %25 في الوقت الراهن. وقال إن مصنع لايف فارما قام بمساعدة من وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية، بالتصنيع الطارئ  لمنتجات دوائية تستخدم في علاج الفيروسات، حيث تستخدم كعلاجات مساعدة لمرضى فيروس «كورونا» المستجد (كوفيدـ 19).  وأوضح أن هذه الأدوية تعد من العلاجات التي تم إجازة استخدامها في البروتوكول الإماراتي للتعامل مع حالات الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد، ممن لديهم أعراض بسيطة أو متوسطة. 
وأشار إلى أن الشركة تستعد لإجراء مباحثات مع شركات الأدوية الرائدة عالميا للحصول على حقوق أنتاج 5 أدوية محليًا، حيث ستكون هذه الأدوية خارج حقوق الملكية الفكرية ما بين عامي 2022 – 2023، موضحاً أن المصنع بصدد الحصول على التراخيص اللازمة من وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية لتسجيل هذه الأدوية، لكي تكون أول بديل محلي لهذه الأدوية في الإمارات ومن ثم توزيعها في الدول الأخرى.