شروق عوض (دبي)

أكدت المهندسة عائشة العبدولي، الوكيل المساعد لقطاع التغير المناخي والبيئة والتنمية الخضراء في وزارة التغير المناخي والبيئة، أنّ الإصدار الرابع من تقرير «حالة الاقتصاد الأخضر في دولة الإمارات 2021»، كشف عن قيام الدولة بلعب دور رئيس في سوق الطاقة العالمي كمنتج رئيسي للنفط، والاستثمار الكثيف في الطاقة النظيفة والمتجددة كجزء من جهودها لتنويع الطاقة والتحضير لعصر ما بعد النفط، وخير دليل على ذلك استراتيجية الدولة للطاقة 2050 الهادفة ​إلى زيادة مساهمة الطاقة النظيفة (بما في ذلك الطاقة النووية) في إجمالي الطاقة إلى 50% بحلول عام 2050.​​ ​

  • عائشة العبدولي

أضرار تغير المناخ
وبيّنت العبدولي أن التقرير كشف أيضاً أن جلّ الأضرار التي تسبب فيها تغير المناخ على قطاع الطاقة، صنفت بمتوسطة الأثر وتصدرت المرتبة الأولى بواقع 5 من أصل 10 أضرار، وتشمل زيادة ضعف البنية الأساسية للطاقة الموجودة في المناطق الساحلية من ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة آثار الأحداث المتطرفة على عمليات إنتاج الطاقة بسبب العواصف والفيضانات، وزيادة الطلب على الطاقة لأغراض التبريد بسبب العوامل المناخية كالاحترار العالمي والأنشطة البشرية، وزيادة الطلب عليها ​في الزراعة، نظراً لاستخدام طرق استهلاكية كثيفة الطاقة، وارتفاع حوادث انقطاع التيار الكهربائي الناجمة عن العواصف والفيضانات الشديدة.
وذكرت بأنّ بقية الأضرار التي تلقي بظلالها على قطاع الطاقة، تفاوتت ما بين عالية ومنخفضة الأثر، حيث جاءت الأضرار ذات الأثر العالي بالمرتبة الثانية بواقع 3 من أصل 10، وتشمل خسائر الكفاءة بمحطات الطاقة عند تعدي درجة الحرارة معايير التصميم القياسية، وانخفاض مخرجات الطاقة، نظراً لارتفاع درجة حرارة مياه التبريد، وتدهور مرافقها، مما يؤدي إلى انخفاض الموثوقية وتزايد تكاليف الصيانة، في حين جاءت الأضرار ذات الأثر المنخفض بالمرتبة الثالثة بواقع أثريين من أصل 10، وهما انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية، بسبب زيادة الرطوبة والغيوم، والتشتت المحتمل للمواد المشعة أثناء الأحداث المتطرفة.​​

المحافظة على الطاقة
وحول جهود الدولة بشأن المحافظة على قطاع الطاقة من تغير المناخ، قالت: «أحدث الإنجازات في هذا المجال تمثلت في التشغيل التجاري لمحطة نور أبوظبي، والتي تعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية على مستوى العالم بقدرة 2,1 جيجا واط، وطرح مناقصة للمرحلة الخامسة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، والتي ستشمل تركيب ألواح شمسية كهروضوئية بقدرة 900 ميجاواط، كما بدأت الدولة بتشغيل أول محطة للطاقة النووية في العالم العربي، مؤكدة أنه مع استمرارها في الاستثمار في تنويع مصادر الطاقة فإنها تحتاج إلى ضمان عدم تأثير عوامل تغير المناخ سلباً على أداء مرافقها وإعاقة تحقيق أهداف آمنة».
وبينت أن استراتيجية الإمارات للطاقة، تعد واحدة ضمن جهودها في شأن المحافظة على هذا القطاع من مخاطر تغير المناخ، حيث تسعى لتحقيق 7 أهداف رئيسية بحلول العام 2050، وهي جعل الطاقة في الدولة خضراء صديقة للبيئة ومحفزة للأجيال القادمة، وتحقيق توفير للطاقة بقيمة 700 مليار درهم، واستثمار بقيمة 600 مليار درهم لضمان تلبية الطلب عليها واستدامة النمو الاقتصادي وخفض 70% من انبعاثات الكربون، وإنتاج 44% من مصادر الطاقة النظيفة، وإنتاج 38% منها باستخدام الغاز، و6% من المصادر النووية.

معلومات أكثر تخصصية
وحول جهود وزارة التغير المناخي والبيئة في معاجلة تأثيرات تغير المناخ على قطاع الطاقة، أشارت إلى أن الوزارة تعكف، بناء على النتائج الأولية للتقرير المشار إليه أعلاه، على إعداد معلومات أكثر تخصصية ومعمقة حول المخاطر لتعميمها على الجهات المعنية في مجال الطاقة ومزودي الخدمات وشركات النفط والشركات الاستشارية وغيرها، لاتخاذ ما يلزم من تدابير ناجعة للحد من مخاطر التغير المناخي على أهم القطاعات الحيوية المتمثلة بالطاقة.

مبادرات المرونة
وأشارت إلى أن الدولة لم تركز فقط على مسألة التخفيف من آثار التغير المناخي، بل حرصت كذلك على مسألة التكيف معها، وخير الأمثلة على ذلك مبادرات كفاءة الطاقة التي أطلقتها عبر مؤسساتها، وهي مؤشر على التآزر بين جهود التخفيف والتكيّف، ومن أهم المبادرات «التبديل إلى 24 درجة مئوية وتوفير المزيد» التي أطلقتها مؤسسة الإمارات لأنظمة التبريد المركزي (إمباور) ضمن حملتها الصيفية في عام 2019، حيث شجعت المبادرة العملاء على خفض استهلاكهم للتبريد من أجل خفض التكلفة وتوفير الطاقة، إضافة إلى مبادرة هيئة كهرباء ومياه دبي في عام 2018,15 محطة فرعية (132/11 كيلو فولت) في عدة مجالات، بما في ذلك مواقع معرض إكسبو 2020 لدعم جهود دبي في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، حيث ساهمت المبادرة في الحد من الخسائر بشبكات نقل الطاقة وتوزيعها، وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

حلول استباقية
حول أهم الحلول الناجعة لمجابهة مخاطر تغير المناخ على الطاقة، أكدت العبدولي أن المجابهة تتطلب تدخلات استباقية وتستهدف جانب العرض والطلب، ولم يعد مفهوم ثبات الإحصائيات الخاصة بالحوادث السابقة يحدد إحصائيات المستقبل، نموذجاً قابلاً للتطبيق، وأنما يتوجب دمج أحدث وأكثر توقعات التغير المناخي جدارة بالثقة في معايير تصميم مرافق الطاقة، وهو ما يستلزم توقع التغيرات في مختلف المعايير المناخية، بما في ذلك الأحداث المتطرفة، كما سيساعد تعزيز أنظمة الطاقة الذكية على إدارة حمل الطاقة والطلب عليها، لافتة إلى أن معالجة جانب الطلب تتطلب بذل جهود متسقة للتأثير على سلوك المستهلك، وتحقيق وفورات في الطاقة. وعلى الأمد البعيد، يشكل دمج تدابير التخفيف والتكيف في سياسات الطاقة أهمية بالغة لتحقيق المرونة في مواجهة التغير المناخي.