حسونة الطيب (أبوظبي)
منذ بدء الجائحة واضطراب عجلة الاقتصاد العالمي، اتجهت الأسر لادخار ما تقتنيه تحسباً لقدوم الأسوأ.
وبلغت ادخارات المستهلك خلال فترة الجائحة، نحو 5.4 تريليون دولار، ما يبعث الأمل في إمكانية تعافٍ قوي في قطاع الإنفاق مع عودة النشاط التجاري لسابق عهده.
وتقدر ادخارات الأسر حول العالم، بما يزيد على 6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنهاية الربع الأول من العام الجاري، بحسب بيانات وكالة موديز للتصنيف.
ويعني تنامي ثقة المستهلك العالمي، رغبة المتسوقين في الإنفاق مجدداً مع عودة النشاط للمحال التجارية، ورفع القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كوفيد-19.
وبلغ مؤشر كونفرنس بورد، لقياس ثقة المستهلك العالمي، أعلى مستوى له منذ بدء عمليات الرصد في 2005، مع ارتفاع واضح في كافة المناطق حول العالم.
الطلب والفائض
وقال مارك زاندي، كبير الخبراء الاقتصاديين في وكالة موديز التحليلية،:«ينجم عن الجمع بين إطلاق العنان للطلب وفائض الادخار، زيادة في الإنفاق الاستهلاكي في جميع أنحاء العالم، مع اقتراب البلدان من مناعة القطيع، والعودة لممارسة الحياة الطبيعية».
وفي حال إنفاق المستهلك، لنحو 33% من فائض المدخرات، ينتج عن ذلك زيادة في الناتج العالمي بنسبة تزيد عن 2% بقليل، خلال العام الجاري والذي يليه، بحسب فاينانشيال تايمز.
وبصرف النظر، عن حجم المعاناة الكبيرة التي واجهها الاقتصاد العالمي خلال السنة الماضية، ساعدت برامج التحفيز الحكومية غير المسبوقة، في حماية دخل الأسر، وذلك في معظم الدول الغنية.
كما اتجه المستهلك أيضاً، لخفض الإنفاق، في ظل عدم اليقين حول الوظائف والدخل، خاصة مع إغلاق وحظر العديد من أعمال الخدمات.
ونتيجة لذلك، بلغت نسب ادخارات المستهلك في العديد من الدول المتقدمة، أعلى مستويات لها خلال القرن الحالي، بجانب زيادة سريعة في الإيداعات المصرفية، وفقاً لبيانات واردة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وشهدت اقتصادات الدول الغنية، خاصة أميركا الشمالية وأوروبا، حيث تم تطبيق قدر كبير من عمليات الإغلاق، وأنفقت الحكومات بسخاء، أعلى مستويات من فائض الادخار. وادخرت الأسر في أميركا وحدها، ما يزيد على 2 تريليون دولار، وذلك قبيل إطلاق جو بايدن لبرنامج التحفيز البالغ 1.9 تريليون دولار، بحسب تقديرات وكالة موديز. والاثنان مع بعضهما بعضاً، كفيلان بتعزيز موجة ضخمة من إنفاق المستهلك.
مستويات قياسية
وشهدت عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، التي دعمتها حكوماتها بسخاء كبير، مستويات قياسية من الادخار، في حين كان فائض الادخارات المتراكمة في آسيا، أقل بالمقارنة مع مناطق أخرى تم فيها احتواء الفيروس.
وفي أميركا الجنوبية وشرق أوروبا، يقل مستوى الادخارات، نتيجة للانتشار الكبير لفيروس كوفيد19 ولشح الدعم الحكومي.
لكن مع ذلك، لم يكن تأثير الفيروس متساوياً، وأن القدر الأكبر من الادخارات، كان من نصيب الأسر الغنية. وذكرت أكثر من 30% من هذه الأسر، في دول مثل، الصين وأستراليا وإيطاليا وروسيا وأميركا، أن الوقت مناسب الآن، للقيام بمشتريات كثيرة، وذلك على العكس من الأسر الفقيرة.
وتشير تقديرات جولدمان ساكس، إلى أن ما يقارب 65% من فائض الادخارات في أميركا، بحوزة 40% من الأثرياء، ما يمكن أن يحد من انتعاش اقتصاد البلاد، نظراً إلى أن هذه الفئة، تميل للاحتفاظ بفائض الادخارات بدلاً من إنفاقها. كما أن أكثر من 70% من الأسر التي تملك فائضاً في ادخاراتها في المملكة المتحدة، تخطط للاستمرار في الاحتفاظ بها في حساباتها المصرفية، بحسب بنك إنجلترا. لكن يخطط آخرون، لاستخدام هذه المدخرات، لسداد الديون والاستثمار أو زيادة مستوى معاشاتهم التقاعدية.
ويتفق ذلك، مع استنتاجات مؤشر كونفرنس بورد، التي أكدت زيادة بأكثر من 10%، في نسبة المستهلكين الذين زادوا ادخاراتهم واستثماراتهم في الأسهم خلال الربع الأول من العام الجاري، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.