حوار:  حسام عبدالنبي

تواصل البنوك الخليجية رحلتها نحو المدفوعات الرقمية في مرحلة ما بعد كوفيد-19، حيث وضعت قيادات المصارف خططاً استراتيجية لهذا الغرض تشمل الاستثمار بشكل مكثف في تنويع المحافظ الرقمية المالية المُستخدمة، لتضم محفظة الهاتف الذكي الرقمية، محفظة المصرف الرقمية، والمحفظة التجارية الرقمية، حسب عدنان أحمد يوسف، رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً، والذي توقع في حوار مع «الاتحاد» ارتفاع استخدام «القياسات الحيوية» Biometrics في المدفوعات، خصوصاً مع إيلاء الهيئات المنظمة، هذا الموضوع الاهتمام اللازم، وتحديداً  في مجالي الأمن الرقمي وخصوصية بيانات العملاء.
وقال يوسف: إن البنوك الخليجية (وحتى ما قبل الجائحة) بدأت رحلتها في التحول الرقمي بسبب تطور البنية التحتية والتشريعات المناسبة، وتوفر الإمكانيات المالية والبشرية ودعم وتشجيع السلطات الرقابية. وأوضح أن الجائحة سرّعت من خطوات المصارف في رحلة التحوّل الرقمي، وباتت هذا الرحلة لا تمثل مجرد مشروع لتعزيز الأعمال وتلبية توجّهات العملاء الرقمية وخدمة استراتيجيات المصارف، بل إنها شكلت قاطرة للخروج من تداعيات جائحة كورونا، لأنها أتاحت التعامل مع هذه التداعيات بشكل فعّال، وحافظت على استدامة الأعمال ونوعية الخدمات لكافة شرائح العملاء، منبهاً أن مستقبل العمل المصرفي سوف يتأثر بشكل عميق بهذه التوجهات، حيث ستطال الفروع المصرفية والمدفوعات الرقمية، الهاتف الذكي وقنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء وبيانات العملاء وتحليلها، والخدمات السحابية وحلول شركات التكنولوجية المصرفية والصيرفة المفتوحة وغيرها.

توقعات الأداء
وعن توقعات أداء المصارف الخليجية في العام 2021، أفاد يوسف بأنه في ظل استمرار تفشي جائحة كورونا، فإن التوقعات تشير إلى استمرار تأثر أداء البنوك بهذه الجائحة خلال هذا العام والعام المقبل بسبب طول مدة التعافي الاقتصادي المتوقعة.
وقال إنه ووفقاً لتقارير الشركات الاستشارية، فقد انخفض صافي ربح البنوك الخليجية بمقدار 11.8 مليار دولار في العام 2020، على خلفية ارتفاع المخصصات التي احتجزتها، نظراً لزيادة القروض المتعثرة خلال العام بسبب جائحة فيروس كورونا، حيث بلغ صافي الأرباح 90.3 مليار دولار، في حين وصلت مخصصات خسائر القروض إلى 20.3 مليار دولار في عام 2020 بزيادة ملحوظة شملت كافة دول مجلس التعاون الخليجي الست من دون استثناء، متوقعاً أن تستمر ربحية البنوك الخليجية بالانخفاض، مع لجوئها إلى زيادة المخصصات الاحترازية بسبب تضرر محافظ تمويل العملاء بالجائحة، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك بسبب انخفاض هوامش الأرباح نتيجة أسعار الفائدة المنخفضة.
ولفت يوسف، إلى أنه في الجانب الآخر، فإن تحسن أسعار النفط في الأسواق العالمية يشير إلى تحسن الإيرادات النفطية للحكومات الخليجية، وهو ما سوف يعزز من قدرتها على مواصلة الإنفاق وتمويل مرحلة التعافي الاقتصادي، منبهاً أن هذا بدوره سوف يخلق فرصاً جيدة للبنوك، إلى جانب أن التوسع في توفير اللقاحات سوف يسرع من الوصول إلى مرحلة تحصين غالبية المجتمع من فيروس كورونا، الأمر الذي سوف يسمح بالعودة التدريجية للأنشطة الاقتصادية إلى حالتها الطبيعية.

تأثير التطعيمات
ورداً على سؤال عن تأثير التطعيمات على أداء البنوك، أجاب يوسف، بأن دول مجلس التعاون الخليجي تتسابق في توفير اللقاحات من مختلف المصادر للمواطنين والمقيمين وتقدمها مجاناً، وذلك من أجل خلق مناعة مجتمعية لدى غالبية السكان.
وأضاف أن تواصل هذه الجهود بوتيرة متسارعة ومكثفة ينبئ بقدرة الدول الخليجية على تحقيق هذه المهمة خلال العام الحالي.
وأشار إلى أنه في حال تحقق ذلك، سوف يسمح بالعودة التدريجية لكافة الأنشطة الاقتصادية إلى وضعها الطبيعي وتسريع عملية التعافي، لافتاً إلى أن تحقيق ذلك سيكون له انعكاس إيجابي للغاية على بيئة عمل البنوك الاستثمارية والاقتصادية، ويسمح لها بالتخفيف من إجراءاتها الاحترازية والتوسع في عمليات التمويل والاستثمار.
واختتم يوسف، بالتأكيد على أنه نظراً لتحسن أسعار النفط والتوسع في التطعيمات ومواصلة الانفاق على مرحلة التعافي تشير تقارير صندوق النقد الدولي إلى توقع تعافي معظم اقتصادات دول المنقطة بوتيرة أسرع مما كانت تشير عليه التقديرات في السابق، إذ رفع الصندوق توقعه للنمو الخليجي إلى أكثر من 3%.