حسونة الطيب (أبوظبي)

للإيفاء بالتزاماتها الطموحة تجاه التغير المناخي، أصبحت شركات التقنية الكبيرة مثل، آبل ومايكروسوفت وجوجل وأمازون، من ضمن أكثر المشترين للطاقة الخضراء.
شكل افتتاح مزرعة طاقة الرياح لأمازون في عام 2017، نقطة تحول كبيرة للشركة، حيث تعكس الزيادة في استثمارات الطاقة الخضراء من قبل شركات التقنية. ومع أن أمازون، لم تكن من الشركات ذات الوزن الثقيل في عالم توليد الكهرباء الخضراء، إلا أن ذلك تغير، حيث كانت أكبر شركة تعقد صفقات في مجال الطاقة النظيفة في عام 2020 في أميركا والعالم.
ليست أمازون وحدها، بل أصبحت شركات تقنية تشمل، جوجل ومايكروسوفت وفيس بوك، أكبر شركات في العالم تقوم بشراء الطاقة النظيفة. وتُعد شركات التقنية، من أكبر المستهلكين للكهرباء، نسبة لضرورة المحافظة على المُخدمات في درجة برودة منخفضة. ويقدر الاستهلاك الإجمالي من الكهرباء لشركات أمازون وجوجل ومايكروسوفت وأبل، بنحو 45 تيرا واط/ساعة سنوياً، أي ما يساوي استهلاك نيوزلندا. ومن المتوقع، زيادة معدل هذا الاستهلاك، خاصة أن انتعاش الذكاء الاصطناعي والتعلُم الآلي، يتطلب توفير المزيد من الكهرباء، وفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز.
وبجانب هذا الطلب، تبنت شركات التقنية، بعض أهداف التغير المناخي الأكثر طموحاً في العالم. وفي الوقت الذي كانت تعاني فيه شركة بيغ تيك، ضغوطاً سياسية كبيرة بسبب زيادة نفوذها الاقتصادي، بدأت شركات كبيرة، في تحقيق أشياء تتفق مع المُثل العُليا التي كانت تنادي بها من قبل. وفي حين تحولت هذه الشركات، إلى خضراء، تسعى أيضاً لتسريع تغيير نظم الكهرباء لديها بالكامل.
يبدو أن العقود طويلة الأجل لشراء الطاقة النظيفة، منطقية بالنسبة لشركات التقنية الكبيرة، لأنها تقوم ببناء مراكز كبيرة للبيانات تستمر في الخدمة لعشرات السنين، فضلاً عن أنها تملك الأموال الكافية.
تشكل صفقات الطاقة النظيفة وأهداف المناخ، ساحة للتنافس بين شركات التقنية في الوقت الحالي، مع بعض التعقيدات التي تنعكس على كوكب الأرض جراء ذلك.
التزمت مايكروسوفت، للتحول لشركة نظيفة بحلول العام 2030، ما يعني حصولها على ثاني أكسيد كربون من الغلاف الجوي، أكثر من الذي تبثه سنوياً، وذلك باستخدام تقنية الاحتجاز المباشر للهواء، التي يتم من خلالها امتصاص ثاني أكسيد الكربون من السماء. كما تستخدم الشركة، طريقة التسعير الداخلي للكربون بفرض 15 دولاراً، على كل طن يبثه فريق من فرق عملها، ما حفز هذه الفرق لتقليل الانبعاثات.
ويبدو أن الأمر لا يختلف كثيراً مع جوجل، التي حددت هدفاً أكثر صعوبة، وذلك بتشغيل كافة مراكز بياناتها، بكهرباء خالية من الكربون تماماً مثل، المائية والرياح والشمسية، على مدار اليوم بحلول 2030. ارتفع استهلاك جوجل من الكهرباء بما يقارب ثلاث مرات في الفترة بين 2013 إلى 2018.
ربما تشجع الحرائق التي نشبت في غابات كاليفورنيا السنة الماضية بفعل التغير المناخي، هذه الشركات للإسراع في تبني تقنيات الطاقة النظيفة للحد من مثل هذه الظواهر. ويشكل قطاع تقنية المعلومات العالمي، ما بين 1.8% إلى 2.8% من انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث يتضمن ذلك، مراكز البيانات وشبكات الاتصال وأجهزة المستخدمين.
ويقدر نصيب شركات التقنية، بنحو 38% من جملة السعة الجديدة، التي تمت اضافتها خلال الخمس سنوات الماضية. كما ارتفع معدل شراء الشركات من الطاقة النظيفة في أميركا، لرقم قياسي قدره 10.6 جيجا واط، خلال العام 2020، ما يساوي السعة الاجمالية لمزارع طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة.
وفي أمازون، تخطط الشركة لبلوغ درجة الصفر من الانبعاثات بحلول 2040، ولملاءمة هدفها بتحول الكهرباء التي تستهلكها، إلى 100% خضراء، بحلول 2025. ومع أنها أكبر شركة لشراء الكهرباء النظيفة في العالم، إلا أنها غطت 42% فقط من استهلاكها في 2019. ولبلوغ درجة الصفر من الانبعاثات بحلول 2040، ينبغي على أمازون، زيادة عمليات الشراء من الكهرباء النظيفة والاستثمار في السيارات الكهربائية، فضلا عن شراء ائتمانيات الكربون للتعويض عن أي انبعاثات متبقية.
ومهما يكن الهدف، فإن لقوة شراء شركات التقنية الكبيرة، تأثيراً لا يستهان به فيما يتعلق بتشكيل تطوير الطاقة النظيفة، خاصة على الصعيد الأميركي. كما أسهمت هذه الشركات، في انتعاش سوق الطاقة المتجددة. وبلغت إضافة السعات الجديدة من طاقتي الرياح والشمسية في أميركا، مستويات قياسية في 2020، بصرف النظر عن شح دعم إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب للطاقة المتجددة.
وفي حين تستمر شركات التقنية في النمو، حيث زادت قيمتها السوقية إبان فترة جائحة كورونا، يترتب عليها الملاءمة بين خط نشاطها التجاري الأساسي وخفض الانبعاثات.
من بين الأهداف التي وضعتها شركات التقنية فيما يتعلق بالمناخ، تخصيص أمازون 10 مليارات دولار لصندوق الأرض، فضلاً عن استثمار 2 مليار دولار في شركات ناشئة لمساعدة الشركات الأخرى على خفض الانبعاثات. وأنشأت مايكروسوفت، صندوقاً بنحو مليار دولار، للاستثمار في التقنيات الجديدة، في حين قررت آبل، خفض انبعاثاتها بنسبة قدرها 75% بحلول 2030 في سلاسل توريدها بالكامل.