د. يحيى الشحي
تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مجموعة أهداف التنمية المستدامة، والتي تهدف إلى القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان الازدهار للجميع بحلول عام 2030، وتأخذ الأهداف في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. الفكرة العامة لأهداف التنمية المستدامة، السبعة عشر، هي أنها مرتبطة ببعضها بعضاً من حيث التأثير الإيجابي أو السلبي، لا يمكن أن يكون هناك ازدهار اقتصادي إذا لم يتم ضمان رفاهية البشر واحترام النظم البيئية. لذا فإن الأمر يتعلق بالعمل على جميع أهداف التنمية المستدامة في نفس الوقت وبنفس كثافة الجهد.
وفقًا لمنظري الاقتصاد البيئي هيرمان دالي، يكمن النشاط الاقتصادي البشري في النشاط الاجتماعي، وهم ضمن نظام الطبيعة أو البيئة. يرتبط النشاط الاقتصادي بالنشاط الاجتماعي بعدة طرق معقدة، ويتفاعل المجتمع البشري مع مجال الطبيعة بالعديد من الطرق الأكثر تعقيدًا لتشكيل نظام كبير مترابط، لتعكس حقيقة أن بعض الأحداث الاقتصادية تؤثر بشكل مباشر أو تتأثر بالنظام البيئي. يشار أيضًا إلى أن الاقتصاديين عند حساب تكاليف الإنتاج والتصنيع، لا يضمنون تكاليف التأثير على البيئة نتيجة عمليات الإنتاج والتصنيع، وبالتالي، مع مراعاة التكلفة البيئية، فالتكلفة أعظم وأعمق.
فتحليلاً، لأهداف التنمية المستدامة بأبعادها. أولاً، النهوض برفاهية الإنسان رفاهية مادية ومعنوية ونفعية، مثل الصحة والتعليم والتغذية السليمة والعيش في بيئة نظيفة وآمنة والحصول على الطاقة والمياه بأسعار معقولة والمساواة والعدالة للجميع من دون تمييز، والقضاء على الفقر والجوع. ثانياً، تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والشامل من خلال الاستثمارات المستدامة وسحبها من المسارات الأقل استدامة، وتوفير بيئة عمل لائقة ومنتجة وتشجيع الابتكار والاستثمار في البنية التحتية المستدامة من خلال إنشاء مدن آمنة ومستدامة، وتغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج لتكون مستدامة، والعمل على تقليل البصمة الكربونية في مشاريع نظيفة ومستدامة. ثالثاً، التصدي لتغير المناخ وآثاره والحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها بشكل مستدام، حماية واستعادة الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الأرضية، مثل إدارة الغابات، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
تنفيذ الأهداف ككل يتطلب الرفاه الاقتصادي والمادي. وبالتالي، فإن الاستثمار الاستراتيجي الأمثل في القضايا البيئية والمشاريع المستدامة هو بمثابة «مجازيًا، ضرب عصفورين بحجر واحد». وبعبارة أخرى، فقد أنشأت مشاريع مستدامة بيئيًا تعزز الاستدامة بأبعادها. من ناحية، عملت على تقليل البصمة الكربونية، ومعالجة الآثار البيئية، والحفاظ على الأنظمة البيولوجية. في السياق، هل الإمارات العربية قلعة لـ«نهج المسؤولية الإنمائية» الدولي؟ الجواب نعم، والأدلة كثيرة، وآخرها المشروع المشترك لها مع الولايات المتحدة «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ».
باحث اقتصادي