حسونة الطيب (أبوظبي) 

رغم عودة الإصابة بفيروس كوفيد-19، إلا أن الحياة توشك أن تعود لطبيعتها في الصين، حيث تم فتح كل شيء تقريباً، من الملاعب إلى المقاهي والمطاعم. سجلت الصين العديد من الأرقام القياسية في العام الماضي، من إنتاج المعادن، إلى الفائض التجاري في نهاية العام. 
ومن ضمن هذه الأرقام، ارتفاع واردات البلاد من خام النفط، بنسبة قدرها 7.3%، لنحو 542 مليون طن. 
وتدفق خام النفط داخل البلاد، في وقت زادت فيه مرافق التكرير من عمليات الشراء، مستفيدة من تدني الأسعار والتعافي السريع لقطاع الصناعة خلال السنة الماضية. 
وشهية الصين للنفط، ما هي إلا جزء يسير من ظاهرة اقتصادية كبيرة، حيث قفزت صادرات البلاد، مسجلة نسبة تجاوزت 60% خلال شهري يناير وفبراير، مقارنة مع بداية انتشار الوباء في السنة الماضية. كما أسهم تعافيها من حالات الإصابة بفيروس كورونا، التي تضاءلت لمستويات متدنية منتصف 2020، في انتعاش الواردات، خاصة تلك السلع المطلوبة لدعم الآلة الصناعية الصينية. 
وسجلت واردات هذه السلع، أعلى مستوى لها في سبتمبر الماضي، قياساً على عملة الدولار.
فضلاً عن دوره في أنواع الوقود من بنزين وديزل، يلعب النفط دوراً مهماً في تطوير البتروكيماويات، التي تدخل في منتجات الاستهلاك اليومي مثل، البلاستيك والبوليستر. 
وفي حين استمرت الصين، في استيراد كميات ضخمة من خام النفط، اضافت صادراتها المشتقة من ذلك الخام، 1.9% لناتجها المحلي الإجمالي في الشهرين الأولين من العام 2021. وفي غضون ذلك، تراجعت وارداتها من منتجات النفط، بنسبة وصلت لنحو 19.4%، بحسب فاينانشيال تايمز. 
 ونتج هذا التغيير في البيانات، في أعقاب سماح الحكومة الصينية، استخدام الوقود المنتج محلياً، بغرض إمداد السفن في الموانئ المحلية، من خلال تقديمها إعفاءات ضريبية، وفقاً لأحد المحللين في ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس، لكن ربما يشير ذلك أيضاً، لتغيير على المدى الطويل.  وكانت الصين في العام 2016، أحد المُصدرين الكبار لمنتجات النفط، لتصبح بحلول 2018، واحدة من بين أكبر 10 مصدرين لمنتجات النفط المُكررة في العالم.   ودأبت الصين أيضاً، على إنشاء مجمعات التكرير الضخمة مثل، مجمع زهجيانغ، الذي تم بناؤه في 2019. 
وارتفعت أسهم شركة رونغشينج للبتروكيماويات المالكة للمرفق، 141% في العام 2020. وتؤكد مثل هذه المشاريع، أن التغيير في طريقة تجارة الصين لمنتجات النفط، بدلاً من النفط نفسه، ماضيةً في الانتعاش.  ويرتبط هذا التحول أيضاً، بدور المؤسسات الخاصة داخل الدولة، حيث كانت المؤسسات التابعة للحكومة الصينية مثل، سينوبك وبتروتشاينا، تسيطر على هذا القطاع. 
ومع بدخول شركات جديدة للقطاع، رفعت الصين من حصة واردات الشركات غير الحكومية من الخام، بنحو 20%. 
كما أصبح في مقدور الشركات الخاصة، شراء الخام من الأسواق العالمية، بدلاً من نظيراتها الصينية في الداخل.
تصحب مقدرة الشركات الصينية، على زيادة سعة التكرير المحلية، بعض التعقيدات المتعلقة بشركاء الصين التجاريين.  وبلغت صادرات أميركا وحدها للصين في ديسمبر الماضي، 7 ملايين برميل من منتجات النفط، بحسب بيانات واردة من إدارة معلومات الطاقة الأميركية. 
وهذه الكمية، تقل كثيراً عما تم في ذات الشهر من العام 2019، عند 22 مليون برميل. من المتوقع، تحول الطفرة الصناعية الصينية في بعض القطاعات، نحو تعاف يقوده قطاع المستهلك على مدى الأشهر القليلة المقبلة، الشيء الذي ربما يؤثر على شهيتها لخام النفط، خاصة في حال استمرار تعافي الأسعار في الأسواق المحلية. 
وفي حين تعكس واردات الصين من خام النفط، ذات النموذج الصناعي الذي أعقب الأزمة المالية العالمية في 2008، ربما يكون لحجم منتجات النفط، رأي آخر، فيما يتعلق بتحول النمط الصيني الاقتصادي على المدى الطويل، في الوقت الذي تسعى فيه البلاد، لتسلق أعلى سلم القيمة.