حسونة الطيب (أبوظبي)

كغيره من وسائل النقل الأخرى، يسعى قطاع الطيران نحو استخدام الوقود النظيف وتقليص استهلاكه من الوقود التقليدي، لكن مهما تكن مبررات هذا الهدف، فإن تحقيقه محفوف بالعديد من التحديات، خاصة فيما يتعلق بالوزن، الذي تزيد أهميته بالنسبة للنقل الجوي، مقارنة بالبحري والبري.
نتيجة لذلك، برزت دراسات كثيرة، حول استخدام الكهرباء للطائرات، ابتداء من التاكسي الجوي الخاص، إلى الطائرات الصغيرة وحتى الأكبر منها نسبياً.
فيما يختص بالمنظور الهندسي، يوجد خياران، الأول مواصلة استخدام المحركات التي تعمل بالكهرباء، وكيفية تخزين الطاقة الكهربائية وحملها داخل الطائرات.
وربما تكون البطاريات، الاقتراح الأرجح، لكن يشكل عددها نوعاً من التحدي، أما الثاني، فيكمن في كيفية توفير شحن هذه البطاريات.
نجحت شركة دوسان موبيليتي، في إنتاج طائرة مُسيرة تعمل بالهيدروجين، تقطع مسافات أطول بالمقارنة مع نظيرتها التي تعمل بالبطاريات.
ويُدرك المهندسون وخبراء الطيران، أن بناء طائرة صغيرة كهذه، شيء، وأن بناءها كطائرة تجارية كبيرة، شيء آخر، وذلك نظراً لقضايا كثيرة متداخلة وتكاليف، تزيد بنسبة كبيرة.
يمكن لمحركات الطائرات التي تعمل بتوربينات الغاز، كما هو الحال في العديد من شركات الطيران، حرق الهيدروجين مع بعض التعديلات القليلة، كما يمكن، استخدام الهيدروجين، باستخدام خلايا الوقود، التقنية التي تم إحراز الكثير من التقدم فيها.
وحتى لو كان الهيدروجين هو الوقود النظيف للمستقبل، فهناك بعض المفارقة أيضاً.
ففي حين أن الهيدروجين وفير وفي كل مكان، إلا أن استخراجه لاستخدامه كوقود ليس بالأمر السهل.
وأعلنت مثلاً، شركة نيوم السعودية، توقيع اتفاقية شراكة مع شركتي إير بروداكتس وأكوا باور، بقيمة 5 مليارات دولار، لبناء منشأة في منطقة نيوم، لإنتاج الهيدروجين بطريقة صديقة للبيئة وتصديره إلى السوق العالمية، بغرض توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي، ولمواجهة تحديات التغير المناخي.
وتهدف المنشأة، التي من المنتظر تشغيلها بحلول 2025، لإنتاج 650 طناً يومياً، تفوق بكثير أكبر مرفق في العالم لإنتاج الهيدروجين في كويبك الكندية، الذي لا يتعدى إنتاجه سوى 9 أطنان فقط، بحسب فايننشيال تايمز.
تخطط شركة إيرباص، لإنتاج طائرة تعمل بالهيدروجين بحلول 2035، ضمن جهودها لخفض انبعاثات الكربون للصفر.
ويأتي هذا الالتزام، كجزء من حزمة تحفيز كوفيد-19، التي يطلقها الاتحاد الأوروبي بمليارات اليورو، بغرض تحويل نظام الاقتصاد الأوروبي، لاقتصاد أخضر.
تتخذ شركة بوينج، وجهة نظر أكثر حذراً، حيث تعتقد أن تفعيل الخبرات وتشغيل محركات الطائرات بالهيدروجين، يستغرق وقتاً أطول مما هو متصور.
يبقى قطاع الطيران، واحداً من أكثر قطاعات النقل، صعوبة في تحويله للعمل بالهيدروجين، حيث أثبت الوقود الأحفوري، أنه الأكثر فاعلية وجدوى اقتصادية.
ويسهم قطاع الطيران العالمي، بنسبة 2.4%، من الانبعاثات العالمية.
ومن المتوقع، ارتفاع انبعاثات الطيران في الفترة بين 2015 إلى 2050، بنسبة تتراوح بين 220 إلى 290%.
ورغم انخفاض انبعاثات الكربون لكل رحلة طيران، بنسبة قدرها 54% منذ 1990، فإن الحجم الكلي قفز بنحو 34%.
من ضمن القيود التي ترتبط باستخدام الهيدروجين كوقود للطيران على نحو تجاري، أن حفظ الهيدروجين السائل في الطائرة، ينبغي أن يكون في درجة حرارة 253 تحت الصفر.
كما يتطلب توفير المساحة الكافية لتخزينه، الاستغناء عن 25% من حمولة الركاب.
وليس من المرجح، أن يساعد الهيدروجين مثل البطاريات التي تعمل بالكهرباء، في الحد من الانبعاثات بنسبة مقدرة، قبل حلول العام 2050.