سيد الحجار (أبوظبي)
تشهد الاستثمارات بقطاع الصناعات الطبية زيادة ملحوظة خلال الفترة الحالية مع توجه كثير من المصانع لتطوير وتحديث أعمالها والتوسع في مجال المستحضرات والمعدات الطبية والوقائية، لتلبية الطلب المتزايد على تلك المنتجات بعد جائحة «كورونا».
وقال أصحاب مصانع ومستثمرون لـ «الاتحاد»، إن بعض المصانع باشرت تعديل خطط إنتاجها وإضافة منتجات جديدة بما يتلاءم مع المتطلبات الجديدة بعد «كورونا»، متوقعين أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الاستثمارات الناشئة بمجال الصناعات الطبية والدوائية، لاسيما مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة مؤخرا، والتي تركز على تطوير عدة قطاعات، منها الصناعات الطبية والدوائية، وتستهدف تهيئة بيئة الأعمال المناسبة والجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين في القطاع الصناعي.
وبحثت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات مطلع الشهر الحالي، تطوير قطاع الصناعات الطبية مع عدد من الشركات الوطنية والعالمية، حيث تم تسليط الضوء على الجهود المشتركة للحكومة والقطاع الخاص في التعامل مع الجائحة، من خلال توفير المستلزمات المرتبطة بالجائحة، مثل الكمامات والمعقمات.
وأكدت الوزارة أهمية تبني التكنولوجيا المتقدمة وتوظيفها في كافة عمليات القطاع كالذكاء الاصطناعي، و«إنترنت الأشياء»، والروبوتات المستخدمة في التصنيع الآلي، وتصنيع المواد من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد.
متغيرات جديدة
من جانبه، قال بدر فارس الهلالي رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات، إن المجموعة لديها 6 مصانع بقطاعات متنوعة، مشيراً إلى زيادة الطلب على منتجات متنوعة بعد الجائحة، وفي مقدمتها المنتجات الطبية والصحية، وهو ما انعكس على زيادة إنتاج مصانع المجموعة من هذه المنتجات. وذكر أن مصانع المجموعة تتنوع بين الصناعات التحويلية التي تنتج الورق والبلاستيك ومنتجات التغليف، لافتاً إلى أنه وفقاً لمتغيرات الطلب بعد الجائحة، تم التوسع في الإنتاج فيما يتعلق بالورق الصحي والأكياس والمنتجات الطبية المطلوبة بالمستشفيات والمراكز الصحية.
وأكد الهلالي أن الجائحة بوجه عام زادت الاهتمام والطلب على المنتجات الصحية بكافة المؤسسات، ومن الأشخاص العاديين كذلك، وهو ما انعكس على إنتاج الشركة من المنتجات الصحية والمعقمات وأكياس المخلفات الصحية.
وأوضح أن المجموعة باشرت في تعديل خطط إنتاجها بوجه عام وفق المتغيرات الجديدة، مع الاهتمام كذلك بإجراءات السلامة، وتقليل التلامس أثناء عملية الصناعة.
طلب متزايد
ومن جانبه، قال أحمد اليافعي، رئيس مجلس إدارة شركة بتروهاب للاستثمار الصناعي، إن الفترة الأخيرة شهدت نمواً ملحوظاً في الاستثمارات بالصناعات الطبية، وبما يتناسب مع الطلب المتزايد بعد جائحة كورونا، لاسيما في ظل حرص الجهات المسؤولة في الإمارات على تقديم المزيد من التسهيلات لتعزيز الاستثمار في المجال الطبي، والكشف عن سلسلة من الحوافز والبرامج الداعمة للصناعات الحيوية، بهدف تسهيل بيئة الأعمال بالقطاع الصناعي بشكل عام.
وأوضح أن كافة دول العالم شهدت تغيرات ملحوظة في قطاع الصناعة بعد جائحة «كورونا»، مع زيادة الطلب على المنتجات الطبية، فضلاً عن توجه كثير من المصانع لتطوير وتعديل خطط إنتاجها، بما يتناسب مع متغيرات الطلب بعد «كورونا».
وقال اليافعي، والذي يمتلك مصنعاً متخصصاً في صناعة المعقمات والمطهرات، إنه باشر بعد «الجائحة» في إدخال بعد التعديلات، وإعادة النظر في بعض خطوط الإنتاج لتطوير المنتجات، بما يتوافق مع المتغيرات الجديدة للطلب، مشيراً إلى أهمية التأقلم المستمر مع متغيرات السوق.
ولفت إلى حرص كثير من المصنعين على اتباع خطط جديدة للعمل، وبما يسهم في تقوية المنتجات القائمة بالفعل، وفي الوقت ذاته التوسع في منتجات جديدة.
تطور ملحوظ
إلى ذلك، قالت الدكتورة آمال أمحاح المدير التنفيذي لشركة نيوتيفا فارما لتجارة الأدوات الطبية إن قطاع الصناعات الطبية بالإمارات يشهد تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الحالية، ما شجعها لافتتاح شركتها بالإمارات خلال العام الماضي، وتوقيع اتفاقيات شراكة مع عدد من مصانع الأدوات الطبية والصحية بأبوظبي، في إطار وكالة تجارية لتسويق وتوزيع منتجات هذه المصانع، داخل الدولة وخارجها.
وأشارت إلى أهمية الإجراءات والمبادرات التي أقرتها القيادة الرشيدة خلال الفترة الأخيرة لدعم الصناعة الوطنية، وإطلاق استراتيجية الصناعة الجديدة تحت شعار «اصنع في الإمارات» في تحسن النشاط بمجال صناعة الأدوات الطبية.
وأوضحت أمحاح أن الفترة الأخيرة شهدت نشاطا ملحوظا في أعمال شركتها مع زيادة الطلب على المنتجات الطبية والصحية بعد جائحة «كورونا»، فضلا عن تعاونها مع شركة ألمانية متخصصة في إنتاج جهاز جديد متخصص في تنقية الهواء من الميكروبات والفيروسات، حيث يجري التفاوض حالياً مع عدد من الجهات لتجربة الجهاز.
فرص واعدة
وحددت دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي العام الماضي، 23 مجالاً استثمارياً صناعياً يتم التركيز عليها في مجال الصناعات الدوائية والصحية، تسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الصحي بإمارة أبوظبي، منها القفازات الطبية، والألبسة والأغطية ذات الاستخدام الواحد، والنظارات الطبية والأقنعة الوقائية للوجه، وصناعة المعدات والأدوات الجراحية، وموازين الحرارة، وصناعة المطهرات والمعقمات الطبية والكمامات الجراحية.
استراتيجية وطنية للصناعة
أشار محمد حمد البادي، الرئيس التنفيذي لمصنع توام للأدوات الطبية إلى أهمية إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «مشروع 300 مليار» مؤخراً، في النهوض بالقطاع الصناعي، ودعم المنتج المحلي، موضحاً أن تركيز الاستراتيجية في المرحلة المقبلة على تطوير عدة قطاعات، منها الصناعات الطبية والدوائية، سيكون له دور بارز في دعم الاستثمار بمجال الصناعات الطبية، لاسيما مع حرص وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على دعم الصناعة الوطنية.
وذكر أن مصنع توام تم تأسيسه عام 2014 لإنتاج الأدوات الطبية والجراحية وأدوات الأسنان والمنتجات ذات الاستخدام لمرة واحدة مثل الأقنعة الطبية، مضيفاً «بعد جائحة كورونا قررنا تغيير التخصص، حيث تمت إضافة معدات السلامة الوقائية، مع استمرار إنتاج أدوات الجراحة والأسنان».
وأشار البادي إلى أهمية تبني الاستراتيجية الجديدة لحملة «اصنع في الإمارات» في دعم المنتج المحلي، لاسيما في ظل حاجة المصانع الوطنية لمنحها أولوية فيما يتعلق بالمشتريات داخل الدولة، فضلاً عن دعم الصادرات للخارج.
استثمارات جديدة
قال عمران محمد الخوري، رئيس قطاع - تطوير الأعمال في مجموعة «في بي إس» للرعاية الصحية، إن الفترة الأخيرة شهدت توجه الكثير من الاستثمارات لقطاع الصناعات الطبية، مع توجه كثير من المصانع لتطوير أعمالها والتوسع في مجال المستحضرات والمعدات الطبية والوقائية، لتلبية الطلب المتزايد بعد جائحة «كورونا»، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الاستثمارات الناشئة بمجال الصناعات الطبية والدوائية.
وأوضح أن الجائحة زادت الطلب على المنتجات الطبية وسلطت الضوء على أهمية الاستثمار بهذا المجال، وبما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية والمستلزمات ومعدات الحماية والأجهزة الطبية، ويعزز الأمن الدوائي بالدولة.
وذكر الخوري أن قطاع الصناعة بوجه عام يعد من أفضل الصناعات أداء خلال فترة الجائحة، مع حدوث تطورات ملحوظة فيما يتعلق بالصناعات الطبية والدوائية، فضلاً عن صناعات الأغذية.
«حياة - فاكس»
أعلنت الإمارات الأسبوع الماضي بدء إنتاجها للقاح مضاد لفيروس كورونا داخل الدولة، ويحمل اللقاح اسم «حياة - فاكس»، وسيكون أول لقاح محلي الصنع على مستوى المنطقة، وسيتم تصنيع اللقاح بوساطة «سي إن بي جي 42» وهي شركة مشتركة تم إنشاؤها حديثاً بين شركة «سينوفارم سي إن بي جي»، إحدى أكبر شركات الأدوية في العالم التي وفرت أكثر من 100 مليون جرعة من لقاح كورونا على مستوى العالم مع شركة «جي 42» الإماراتية، الرائدة في قطاع التكنولوجيا، ومقرها في إمارة أبوظبي.
كما تم الإعلان عن إطلاق مركز للأبحاث والتطوير متخصص في علوم الحياة والتكنولوجيا الحيوية، وإنتاج اللقاحات ليكون الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي، حيث سيتم تشييده في مدينة خليفة الصناعية المركز التجاري واللوجستي والصناعي المتكامل في أبوظبي.
وسيدخل المصنع الجديد المخصص لإنتاج اللقاح مرحلته التشغيلية خلال العام الجاري في مدينة خليفة الصناعية، حيث ستبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 200 مليون جرعة سنوياً. وسيتم إنتاج لقاح «حياة- فاكس» حالياً في مصنع الخليج للصناعات الدوائية «جلفار» في الإمارات بطاقة أولية تبلغ مليوني جرعة شهرياً.