سيد الحجار (أبوظبي)
يرتبط اسم «مربان» بتاريخ إنتاج النفط في الإمارات، حيث تم اكتشاف النفط في حقل باب المعروف بإنتاج خام مربان عام 1958، ومنذ ذلك الوقت تطور إنتاج «مربان من 4 آلاف برميل من النفط يومياً بداية الستينيات من القرن الماضي، وصولاً إلى القدرة الإنتاجية الحالية التي تقدر بنحو مليوني برميل يومياً، يتم إنتاجها من 2000 بئر موزعة على 12 حقلاً.
وعلى مدى هذه العقود، عمل في استخراج خام «مربان» العديد من المواطنين، الذين كان لهم دور بارز في تطور إنتاج «مربان» من الحقول المختلفة. «الاتحاد» التقت مع عدد من الرواد الأوائل من العاملين السابقين في «أدنوك»، والذين أكدوا أهمية بدء تداول العقود الآجلة لخام مربان في بورصة أبوظبي انتركونتيننتال في تعزيز المكانة الرائدة لأدنوك وأبوظبي والإمارات على صعيد قطاع النفط العالمي، معتبرين أن هذه الخطوة بمثابة تتويج لجهود الرواد الأوائل الذين عملوا على استخراج وإنتاج خام مربان منذ عام 1958، ولجهود القيادة الرشيدة التي لم تتوان عن تقديم الدعم المتواصل للقطاع والعاملين به. وأوضحوا أن قطاع النفط بالإمارات يشهد اليوم مرحلة حصاد الإنجازات بعد فترة من الجهود المتواصلة من الجيل الأول من المواطنين الذين نجحوا في قيادة دفة قطاع النفط بالدولة.
يقول محمد جمعة: بدأ اهتمامي بمجال النفط مبكراً، من خلال بعثة دراسية من «أدنوك» إلى الولايات المتحدة عام 1976، حيث حصلت على شهادة بكالوريوس هندسة البترول من جامعة تلسا أوكلاهوما عام 1981، ثم بدأت العمل بقسم الحفر في «أدنوك» في العام ذاته.
ويضيف: بعض الدول المجاورة ظهر بها النفط قبل الإمارات، وكان آباؤنا يتحدثون عن التطور الذي تشهده هذه الدول، وفي الوقت ذاته كانت الشركات الأجنبية في الإمارات تقوم بعمليات الاستكشاف والتنقيب عن البترول، وكان الحديث كثيراً ما يتردد عن كيفية تأهيل الأبناء للعمل في هذا المجال، ولذلك تم تشجيع الكثير من أبناء جيلي للتعلم والسفر للخارج لاستكمال الدراسة واكتساب الخبرة، ومن هنا بدأ اهتمامي بالتخصص بهذا المجال.
ويتذكر جمعة بدايات عمله الميداني بمجال حفر الآبار، قائلاً: شعرت بالفخر والاعتزاز بمساهمتي في هذا الإنجاز، والذي تم بفضل القرارات الجرئية التي اتخذتها القيادة الرشيدة في ذلك الوقت، بتأهيل المواطنين للعمل بمجال النفط.
ويقول محمد جمعة: في المرحلة الأولى من أنشطة التنقيب عن النفط في الإمارات، كانت الشركات تواجه مشكلات ومخاوف من استمرارها، لأن الجيولوجيين والمهندسين لم يحددوا آثاراً للزيت المتبقي في الصخور الجيولوجية السطحية، حيث لم يتمكنوا من رؤية أي شئ سوى الرمال النظيفة، ولكن جاءت الاكتشافات النفطية في الدول المجاورة مثل السعودية والبحرين والكويت من تكوينات مكامن مماثلة لتلك الموجودة بالإمارات لتحفز شركات التنقيب على مواصلة التنقيب، حيث تمكنت من تحديد مواقع الخزانات العملاقة (مثل حقل باب)، ونتيجة للاكتشافات المؤكدة، تمكنت الشركات من ترسيخ مواقع مجدية تجاريا ووضع خطط تطوير وإنتاج تم تنفيذها لبدء إنتاج الثروة النفطية.
وشهدت المسيرة المهنية لجمعة تطوراً ملحوظاً، بداية من عمله في عمليات الحفر وإنتاج الآبار بأدنوك عام 1981، حيث عمل كمهندس، ثم كبير مهندسين، ثم رئيس قسم، فمدير التطوير البترولي في أدنوك البرية، كما شغل بعض المناصب الإدارية في أدنوك لنحو 10 سنوات، ثم شغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لأدنوك البرية حتى التقاعد بداية عام 2020.
ويقول جمعة: كانت لديّ رغبة كبيرة في العمل الميداني بمجال الحفر والآبار، واستفدت كثيراً من خطط «أدنوك» لتأهيل وتدريب الموظفين، لاسيما من خلال الشراكات مع شركات عالمية.
ملك شاه
بدوره، يوضح حسن السويدي أن بداية عمله بقطاع البترول جاءت بتشجيع من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع قيام الاتحاد، والذي وجهه لدخول مدرسة لتعلم اللغة الإنجليزية ودراسة البترول، حيث تم تسجيله في مركز أدما للبترول.
ومن هنا بدأت علاقة السويدي بأدنوك مع انضمامه لمركز التدريب عام 1971، ثم بدأ عمله كمتدرب في «أدنوك» عام 1976، وبعد 4 سنوات توجه للدراسة في بريطانيا، حتى عودته لمباشرة العمل في خدمات الحقول بأدنوك عام 1984، كما عمل في حقن المياه وحقن الغاز، وإنتاج واستخراج النفط، وصولاً لمنصب مدير عمليات حقن الغاز والماء، ثم مدير التعليم والتدريب، حتى التقاعد عام 2016.
ويقول السويدي:«قضيت حياتي في حقول النفط، وعملت في جميع الحقول مثل بوحصا وشاه، وخام «مربان» كان له أهمية كبرى منذ اكتشافه».
ويضيف: في البدايات كنا نذهب للحقول بالطائرات، ثم تم تجهيز الطرق، مع توفير سبل الراحة وخدمات التعليم والصحة، وفي المرحلة الأولى لعملي كان يتم استخدام تقنيات بسيطة، حيث كان يتم حفر البئر خلال 3 أو 4 أشهر، بينما اليوم يتم الحفر في أيام أو أسابيع.
وكان السويدي يلقب بـ«ملك شاه»، حيث كان يستقبل العديد من الوفود من جميع أنحاء العالم، خلال فترة عمله بحقل شاه، ليصطحبهم في جولات صحراوية ويقوم بإطلاعهم على العادات والتقاليد الإماراتية، حيث استقبل عدداً من الرؤساء والملوك من مختلف دول العالم، فضلاً عن سفراء العديد من الدول.
استفادة قصوى
من جانبه، يشير صالح الواحدي إلى التحاقه بمركز تدريب أدنوك عام 1973، بعد انتهاء دراسته الأولية بإحدى مدارس أبوظبي، حيث اكتسب الكثير من الخبرات، لاسيما خلال فترة التدريب العملي بالحقول البرية في المنطقة الغربية خلال أشهر الصيف.
واستمرت دراسة الواحدي بمركز التدريب لمدة عامين، حيث توجه بعد ذلك لدراسة الهندسة الميكانيكية في بريطانيا عام 1975، حتى عودته وبدايته العملية مع أدنوك البرية كمهندس بقسم الهندسة والمشاريع عام 1982، حيث عمل في مشروع تطوير حقل شاه، كما توجه للعمل في مشروع لأدنوك ببريطانيا عام 1992، وفي عام 1997 شغل منصب مدير الهندسة والمشاريع، ثم نائب الرئيس التنفيذي للهندسة والمشاريع حتى التقاعد نهاية 2017.
وعن التطور الذي شهده قطاع النفط والغاز بالإمارات خلال مسيرته المهنية، يقول الواحدي: في البدايات لم تكن الإجراءات الخاصة بالصحة والسلامة، والمحافظة على البيئة، لها ذات الأهمية الراهنة، وأيضاً هناك تطور ملحوظ في المعدات والتقنيات والتكنولوجيا حالياً، كما إن السكن شهد تطوراً كبيراً من مرحلة «الكرافانات» إلى السكن المتكامل اليوم، فضلاً عن الاهتمام الكبير اليوم بالتدريب والتأهيل للعاملين بالقطاع.
ويؤكد الواحدي: ننظر اليوم لبدء تداول عقود مربان الآجلة، باعتباره تتويجاً لجهود الرواد الأوائل الذين عملوا على استخراج وإنتاج خام مربان منذ عام 1958، ولجهود القيادة الرشيدة التي لم تتوان عن تقديم الدعم المتواصل للقطاع والعاملين به.
زيادة القدرة الإنتاجية
أشار محمد جمعة إلى التطور العلمي والفني الذي شهدته عمليات الحفر والاستكشاف في «أدنوك» خلال فترة عمله التي امتدت لنحو 4 عقود، موضحاً أنه في الماضي كانت التقنيات التي تستخدم في الحقول بسيطة، ولكن لأن الحقول كانت كبيرة كان الاستكشاف أسهل من خلال المعدات والتقنيات التقليدية، فيما يتم اليوم التعامل مع حقول صغيرة تتطلب تقنيات خاصة، وهو ما نجحت أدنوك في تحقيقه من خلال استخدام تقنيات متطورة جداً.
وأكد أن عمليات زيادة القدرة الإنتاجية شهدت تطوراً ملحوظاً على مدى السنوات الماضية، فعلى سبيل المثال كان في السابق يتم حفر البئر ثم يتم إنزال الجهاز الذي يحدد ويصور الطبقات، بينما اليوم يتم ربط هذا الجهاز مع آلة الحفر مباشرة.
وأشار إلى الدور البارز للقيادة الرشيدة في تطور قطاع النفط بالإمارات، موضحاً أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كانت لديه رؤية واضحة ونظرة بعيدة المدى، ومن ثم تم تأسيس شركة أدنوك في بداية قيام الاتحاد.
ووجه محمد جمعة رسالة للشباب الإماراتي من العاملين والمهتمين للعمل بشركات البترول الوطنية، بضرورة الاهتمام بالتعلم واكتساب الخبرات للعمل والتميز بقطاع النفط، لاسيما في ظل اهتمام أدنوك بتأهيل المواطنين وتوفير كافة الإمكانيات للتميز.
وأوضح أن خام مربان يتميز بأنه خام خفيف وهناك طلب متزايد عليه، ومن ثم جاء قرار الشركة الإيجابي ببدء التداول في العقود الآجلة لخام النفط القياسي «مربان»، ما يجعله مؤشراً سعرياً جديداً.