مصطفى عبد العظيم (دبي)

لم يكن المشهد مألوفاً في يوليو 2008 عندما بدأت شركات الطيران في تنفيذ تعليمات الاتحاد الدولي للنقل الجوي «أياتا» بالتوقف عن طباعة تذاكر سفر ورقية والتحول إلى تذاكر سفر إلكترونية، حينها أصيب كثير من المسافرين بالذهول والدهشة وعدم القدرة على تخيل كيف سيسمح لهم بالسفر دون حمل تذكرة في اليد كما جرت العادة لعقود طويلة.
والآن وبعد مرور عقد ونيف فقط ومع تسارع وتيرة التحولات التكنولوجية، لم تعد هناك حاجة ليس لتذاكر السفر فحسب، بل لكل الوثائق المطلوب حملها خلال الرحلة من جواز سفر أو بطاقة الهوية، أو بطاقة دخول صالة رجال الأعمال وبطاقة الصعود للطائرة، بعد أن أحالت بصمة الوجه التي يجري تطبيقها حالياً في مطار دبي الدولي من قبل الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب وطيران الإمارات، جميع هذه الوثائق والمستندات للتقاعد.

رحلة التحول
بدأت رحلة التحول الرقمي في مطارات دبي منذ عدة سنوات، وتحديداً في العام 2003 عندما استقبلت دبي ضيوف الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي باستخدام البوابات الإلكترونية التي كانت تتطلب عمليات تسجيل مسبقة، تلتها مرحلة التحول إلى البوابات الذكية باستخدام بصمة الأصابع، ثم بصمة العين ثم الممر الذكي، باستخدام البصمة البيومترية أو بصمة الوجهة، وصولاً إلى الانتشار الأوسع في 22 فبراير الماضي، بإطلاق الخدمة السلسة للبوابات الذكية البالغ عددها 122 بوابة منتشرة في صالات المغادرين والقادمين في مطارات دبي، والتي تمكن المسافرون المسجلون مسبقاً في النظام من المرور عبرها من خلال بصمة العين مع الوجه، دون الحاجة إلى استخدام وثائق ومستندات السفر، من خلال النظر في الشاشة عند النقطة الخضراء الموجودة في البوابة، ليتم التعرف عليه من خلال بصمة العين مع الوجه في مدة لا تتجاوز خمس ثوان.

  • أسامة خالد النوايسة

كيف تعمل بصمة الوجه؟
يقول أسامة خالد النوايسة، مدير مبيعات الشرق الأوسط لدى شركة فيجن بوكس، المزودة للحلول الأمنية المؤتمتة لإدارة الحدود وإدارة الهوية الرقمية باستخدام السمات الحيوية، إن تكنولوجيا بصمة الوجه -أو التعرف على الوجه- تعتبر من أسرع أشكال التكنولوجيا البيومترية التي تعتمد على القياسات الحيوية للشخص نمواً، حيث أصبحت هذه التكنولوجيا مستخدمة في العديد من المجالات وخاصة مجالات السفر والمطارات، متوقعاً أن يرتفع حجم سوق تطبيقات تقنية بصمات الوجه والأجهزة اللاتماسية في المطارات وقطاع الطيران بنحو 7.5 مليار دولار العام المقبل.
ويشير النواسية إلى أن شركة فيجن بوكس المزودة للحلول البيومترية التي تم تطبيقها في مطار دبي من قبل طيران الإمارات وإقامة دبي، تعمل على تسارع وتيرة التحول باتجاه تبني هذه التقنيات في العالم، خاصة خلال جائحة كوفيد-19 التي دفعت المطارات وإدارة مراقبة الحدود إلى تطبيقها نظراً للميزات والفوائد العديدة لها، والتي يتمثل أبرزها في اختصار زمن إنهاء إجراءات السفر إلى اقل من 5 ثوان، وتقليص الازدحام داخل المطارات وتخفيض التكاليف التشغيلية، والأهم هو إنجاز جميع الإجراءات من دون الحاجة لاستخدام مستندات السفر ومن دون تلامس أو التفاعل المادي مع أي من الأجهزة أو الأشخاص.
ويلفت النوايسة إلى أن دولة الإمارات سبقت جميع دول المنطقة ليس فقط في تبني هذه التقنيات، ولكن أيضاً تطبيقها على أرض الواقع، بعد أن قامت طيران الإمارات وإقامة دبي منذ أربع سنوات بتجربتها ومن ثم اعتمادها في الفترة الأخيرة وقبل تفشي جائحة كوفيد-19، لتوفر حلاً مثالياً لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد خلال تجربة السفر عبر المطار، وتعزيز مستويات السلامة الصحية للمسافرين والعاملين في المطار، مستفيدة من البنية التحتية الرقمية لمطار دبي ولطيرن الإمارات وإقامة دبي.

  • خلال أخذ بصمة الوجه عند كاونتر طيران الإمارات

خوارزميات التعلم 
تستخدم تقنية بصمة الوجه خوارزميات التعلم العميق لمقارنة الصور الرقمية إلى البصمة المخزنة في قاعدة البيانات من أجل التحقق من هوية الفرد، فيما عمل النظام الخاص بالتعرف على الوجه من خلال تحديد حوالي 80 «نقطة عقدية»، ثم تخزين هذه البيانات كبصمة للمقارنة مع البيانات المخزنة من الوجوه في قاعدة البيانات. ومن أهم النقط العقدية التي يقوم النظام بمسحها المسافة بين العينين، وعرض الأنف، وعمق تجويف العين، وشكل عظام الخد، بالإضافة إلى طول خط الفك.

كيف تفعل بصمة الوجه ؟
يوضح مدير مبيعات فيجن بوكس وهي شركة برتغالية مقرها لشبونة وتتخذ من دبي مقراً لعملياتها في الشرق الأوسط وآسيا، أن الحصول على بصمة الوجه لإنجاز إجراءات السفر بلا وثائق، تبدأ منذ قدوم المسافر إلى كاونتر شركة الطيران، حيث يتم التعرف على رغبته في استخدام بصمة الوجه وبموافقته، تبدأ الكاميرات المثبتة على الكونترات في التقاط السمات البيومترية للوجه وتسجيل البيانات، ومن ثم تربط شركة الطيران وجوه الركاب ببيانات التعريف الشخصية الأخرى، بما في ذلك معلومات جواز السفر والرحلة، استعداداً للتجربة الذكية.
بعد ذلك يتوجه المسافر إلى مأموري الجوازات، للعبور من البوابات الذكية دون استخدام جواز السفر وبطاقة الصعود، باستخدام بصمتي الوجه والعين معاً، حينها يتم التحقق من جواز السفر البيومتري من خلال الكاميرا لتفتح البوابة في غضون ثوان، دون استخدام أي وثائق. بعدها ينطلق مسافرو الدرجة الأولى ورجال الأعمال المسجلين في الخدمة إلى قاعات الانتظار الخاصة بهم ودخولها من دون بطاقة، وعندما يحين موعد الصعود للطائرة يذهب جميع المسافرين المسجلين بالبصمة إلى بوابات الصعود التي تفتح أمامهم دون الحاجة لإبراز بطاقات الصعود المعهودة، لتكتمل الرحلة دون استخدام مستند أو وثيقة واحدة منذ دخول المطار وحتى إقلاع الطائرة في تجربة استثنائية.

أين تحفظ بصمة الوجهة ؟
يقول أسامة: إن بصمة الوجهة للمسافرين يتم أخذها لمرة واحدة عند كاونتر شركة الطيران، ويتم تحديثها مع تحديث البيانات والوثائق الخاصة بالمسافر، ويتم حفظها في مركز خاص للمعلومات، مؤكداً أن المستقبل يتجه لاعتماد هذه التقنيات التي تسهم في تسهيل تجربة السفر عبر تبني حلول الهوية الرقمية كوسيلة لتحسين الأمن والكفاءة.
ويضيف أن القياسات الحيوية للتعرف على الوجوه توفر أعلى مستوى من أمان هوية المسافر، وتحسينات كبيرة على إجراءات تحديد الهوية التقليدية اليدوية والقائمة على اللمس من حيث النظافة والدقة وحماية الخصوصية، لافتاً إلى أن هذه الحلول تلقى أيضاً قبولاً واسعاً من قبل المسافرين، خاصة في ظل الأوضاع الصحية العالمية الحالية التي سرعت من وتيرة انتشارها.

  • حلول لاتماسية لإنجاز المعاملات

أجهزة ذاتية لتسليم الحقائب
وإلى جانب البوابات الذكية التي تستخدم بصمة العين والوجه والمسار البيومتري، طوّرت طيران الإمارات خدمة الإنجاز الذاتي لإجراءات السفر وتسليم الحقائب التي كانت قد أطلقتها في سبتمبر العام 2020 في مطار دبي الدولي، لتصبح من دون لمس، بما يمكن المسافرين من التحكم بالأجهزة الذاتية لتسليم الحقائب وعددها 32 وأكشاك إجراءات السفر الذاتية وعددها 16، باستخدام أجهزتهم الشخصية المحمولة من دون الحاجة إلى لمس الشاشات، ما يوفر كذلك تجربة آمنة ومريحة لهم في المطار. 

مميزات
* تحديد هوية المسافر باستخدام القياسات الحيوية للوجه. 
* فحوص أمنية سريعة وآمنة ودقيقة. 
* مصادقة رقمية لوثائق السفر دون الحاجة إلى مستندات.
* الدخول إلى صالة رجال الأعمال من دون تماس. 
* الصعود إلى الطائرة من دون بطاقة صعود.

فوائد
* تسهيل وتبسيط إجراءات السفر.
* تقليص زمن عبور الجوازات إلى أقل من 5 ثوان.
* انسيابية الحركة في المطار خلال فترات الذروة.
* عبور كافة النقاط من دون تماس.
* تعزيز الثقة بالسلامة الصحية خلال تجربة السفر.
* توفير الوقت أمام المسافرين. 
* تخفيض التكاليف التشغيلية.
* رفع كفاءة وفعالية إدارة حركة المسافرين.