يوسف البستنجي (أبوظبي)

تعتبر القيمة هي المحتوى الأهم في جميع المنتجات السلعية والخدمية، في الاقتصاد بشكل عام، وغالباً ما يجري الخلط بين القيمة والسعر.
فالسعر هو مقياس للقيمة وليست القيمة نفسها، إذ إن القيمة الحقيقية لسلعة معينة قد تكون أدنى من السعر أو أعلى منه وفقاً لمستويات العرض والطلب 
وعوامل أخرى تحدد أسعار السلع والخدمات في سوق معينة، وهي تختلف من سوق إلى أخرى.
ولذا تعرف القيمة على أنها كمية العمل المحتوى في بضاعة معينة، وقد يكون العمل ذهنياً أو فيزيائياً، ويقاس عادة بالزمن اللازم لإنتاج بضاعة أو تقديم خدمة معينة.
ويختلف الزمن اللازم لإنتاج نفس السلعة بين دولة وأخرى، ويعتمد الاختلاف على مستوى التطور التكنولوجي في المجتمع، وعلى سبيل المثال إنتاج كرسي للجلوس يحتاج إلى 5 ساعات عمل كمعدل عام للإنتاج في دولة لاتملك التكنولوجيا، بينما يحتاج إنتاج نفس الكرسي إلى دقائق معدودة في الدول المتطورة.
ولذا تستطيع الدول المتطورة تسويق منتجاتها بأسعار تنافسية جدا، وتحقق الربح، بينما يتوقف الانتاج وقد ينقرض في الدول الأقل تطورا لأنها لاتستطيع المنافسة، وتحديدا في الزمن اللازم لخلق القيم الجديد.
وتقسم القيمة عموما إلى نوعين هما القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية.
وفي حين القيمة الاستعمالية هي نتاج العمل المباشر للمنتجين مثل عمل النجار أو الحداد أو مبرمج الكمبيوتر، وهو يخلق قيمة قابلة للاستخدام كأن يصنع النجار كرسياً للجلوس، مثلاً، فيما القيمة التبادلية هي نتاج العمل الاجتماعي العام، أي المعدل الوسطي للزمن اللازم لإنتاج نفس المنتج في المجتمع من مختلف المنتجين.
فإذا كان هناك 10 نجارين يصنعون كراسي للجلوس، وكل واحد يحتاج لزمن محدد، فإن العمل الاجتماعي الذي يحدد القيمة التبادلية وهي القيمة التي بموجبها يتحدد سعر المنتج، هو مجموع الساعات اللازمة لإنتاج هذا الكرسي لدى جميع النجارين مقسمة على 10.
وتكمن أهمية هذا التعريف في أن الصانع الذي يستطيع أن يصنع بضاعته في زمن أقل من المعدل الوسطي للإنتاج في المجتمع، يكون استثماره مجدياً ويستطيع المنافسة وتحقيق الربح، بينما الصانع الذي يحتاج لزمن أطول لن يكون قادراً على المنافسة، وسيتكبد خسائر إذا أقدم على الاستثمار في هذا الحقل.
وفي هذا الإطار تعتبر المنافسة المستمرة بين المنتجين لتقليص الزمن اللازم للإنتاج في المجتمعات عامة، وفي الأسواق العالمية، هي أحد المحركات الرئيسي للتطور التكنولوجي والمعرفي والمهني في الاقتصاد والحياة عموما، إضافة إلى التنافس في مجال النوعية وتحسينها لتبرير الزيادة في السعر إن وجد.