سيد الحجار (أبوظبي)

تواصل الإمارات التوسع في تطوير حلول تنقل صديقة للبيئة، وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، في إطار استراتيجية الدولة لتعزيز النقل المستدام.
وشهدت السنوات الأخيرة التوسع في استخدام الحافلات الكهربائية، بمختلف إمارات الدولة، وإطلاق العديد من المبادرات لاستخدام الحافلات الصديقة للبيئة وذاتية القيادية، سواء بشكل تجريبي أو للاستخدام الفعلي.
وتسهم الحافلات الكهربائية في الحد من انبعاثات عوادم السيارات وتقليل تلوث الهواء وتحقيق وفورات كبيرة في الطاقة، ما يساهم في تعزيز جودة الحياة المستدامة بالإمارات.
وخلال الشهر الحالي، أعلنت شركة الإمارات جلوبال للسيارات الكهربائية، إحدى شركات مجموعة الفهيم، وشركة ينلونج إنرجي عن استعدادها لإطلاق أسطولٍ من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة والمزودة ببطاريات ليثيوم أكسيد التيتانيوم في منطقة الشرق الأوسط، حيث توقعت المجموعة بدء استخدام الحافلات في شوارع الإمارات خلال العام 2021 أو 2022.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الحافلات الصديقة للبيئة في تحقيق وفورات كبيرة في الطاقة، وتخفيض انبعاثات الكربون في الإمارات، حيث إن استبدال حافلة ديزل واحدة بأخرى كهربائية سيعادل إزالة الانبعاثات الضارة الناجمة عن 27 سيارة ركاب لمدة عامٍ كامل، إلى جانب إلغاء الحاجة لاستهلاك 12175 جالون ديزل على مدى 10 سنوات.

الحافلة المستدامة 
وأعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» عام 2019، عن تسيير أول حافلة ركاب مستدامة تعمل بالكهرباء بالكامل على مستوى المنطقة، وذلك بالتعاون مع دائرة النقل بأبوظبي، وشركة «حافلات للصناعة»، وشركة «سيمنز الشرق الأوسط»، موضحة أن مسار «الحافلة المستدامة» يشمل 6 نقاط توقف، ويصل المسار بين مركز «مارينا مول» ومحطة الحافلات الرئيسية في أبوظبي ومدينة مصدر، المجمع الحضري المستدام الرائد في أبوظبي.
وكان لدائرة النقل في أبوظبي دور مهم خلال المرحلة التجريبية للحافلة المستدامة، والتي تضمنت إجراء اختبارات مكثفة شملت الأداء التقني والمزايا التي توفرها للركاب، في حين وفرت شركة «سيمنز الشرق الأوسط» المحرك، بينما تولت شركة «حافلات للصناعة» مهمة تصميم وتصنيع الحافلة.

مدينة مصدر
ولعبت مدينة مصدر منذ تدشينها في عام 2008 دوراً رئيسياً في احتضان وتطوير الابتكارات والتقنيات المستدامة في مجال النقل، حيث تضم شبكة النقل ضمنها «نظام النقل الشخصي السريع»، بالإضافة إلى «مركبة نافيا أوتونوم ذاتية القيادة» والتي مثلت خطوة هامة للانتقال إلى المرحلة التالية من رحلة التنقل المستدام في المدينة.
وكانت «مصدر» قد اعتمدت عام 2018 أول مركبة ذاتية القيادة ضمن شبكتها للتنقل الذاتي، وذلك في إطار جهودها لتوسيع نظام التنقل المستدام في المدينة، حيث تم إطلاق المركبة «نافيا أوتونوم» ذاتية القيادة التي تستوعب حتى 12 راكباً، وتصل سرعتها القصوى إلى 25 كم /‏ ساعة.

حافلات ذاتية القيادة
وخلال شهر أكتوبر الماضي، أكدت شركة أيون لحلول النقل المستدام والذكي، نجاح الاختبار التجريبي لحافلات النقل الكهربائية ذاتية القيادة «نافيا أوتونوم» في المدينة الجامعية بالشارقة.
وجاء إطلاق هذه الحافلات ذاتية القيادة بهدف مساعدة الطلاب على التنقل بين الكليات، وهي مجهزة بمجموعة من تقنيات التعلم العميق، بما في ذلك الرؤية ثلاثية الأبعاد، وإمكانية التعرف على البيئة المحيطة والتنقل التلقائي على الطريق لضمان السلامة المثلى، وأبواب مستشعرة للحركة، إضافة إلى توفير قابلية التنقل السلس والذكي والمستدام، فإن الحافلات الذكية خالية من الانبعاثات ويمكنها استيعاب الكراسي المتحركة وتتسع لـ 15 راكباً.

الطاقة النظيفة
وفي نهاية العام 2019، أعلنت هيئة الطرق والمواصلات في الشارقة عن تسيير أول حافلة كهربائية في الإمارة وإخضاعها لعملية «التجريب الأولية» بعد توقيع اتفاقية مع شركة ريلاينس للسيارات، الوكيل المعتمد لحافلات شانغان الصينية.
وتميزت الحافلة بمواصفات قياسية تتوافق مع طبيعة الدولة وأجوائها، لتكون قادرة على تحمل ظروف الطقس وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة واختلافها على مدار العام، وتتسع لـ27 فرداً جلوساً ومساحة آمنة للوقوف تكفي 30 فرداً وأماكن لكبار السن، وتم تحديد مسارها من محطة الجبيل وحتى محطة المصلى في إمارة عجمان. وتتوفر جميع عناصر الأمن والسلامة في الحافلة وفقاً للمعايير العالمية، ومزودة ببطاريات قابلة للشحن، وكل بطارية مؤهلة لقطع مسافة 200 كيلومتر قبل إعادة شحنها مرة أخرى، وتوجد لها محطة شحن واحدة في محطة وقوف الحافلات في منطقة العزرة.

رحلة مبكرة
وكانت أبوظبي قد بدأت الاهتمام بالحافلات الكهربائية مبكراً، حيث بدأت دائرة النقل في أبوظبي عام 2013، التشغيل التجريبي لأول حافلة تعمل بالطاقة الكهربائية في الإمارة. وكانت الحافلة من طراز «أنكي» الصينية، التي تعمل من خلال الطاقة الكهربائية فقط عبر إعادة شحن البطارية.

محمد الفهيم: طلب مرتفع على الحافلات الكهربائية
أكد محمد عبدالله عبد الجليل الفهيم رئيس إدارة تطوير أعمال مجموعة الفهيم أن مشروع شركة الإمارات جلوبال للسيارات الكهربائية، التابعة للمجموعة، لإطلاق أسطولٍ من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة والمزودة ببطاريات ليثيوم أكسيد التيتانيوم، بالتعاون مع شركة ينلونج إنرجي الصينية، سيكون له دور بارز في تعزيز النقل المستدام بالإمارات، متوقعاً استخدام نحو 100 حافلة بالإمارات من خلال المشروع، بحلول الربع الثاني من العام 2022.
وأوضح أن هذه الحافلات تتميز بإمكانية شحنها في أقل من 20 دقيقة، مقارنة بالحافلات الكهربائية الأخرى المزودة ببطاريات أيون الليثيوم التي يتطلب شحنها عدة ساعات.
وقال الفهيم لـ «الاتحاد»: إن تكلفة الحافلات الكهربائية تعد تنافسية على المدى الطويل، في ظل توفير الوقود والصيانة، فضلاً عن المزايا البيئية المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون، موضحاً أن كافة الجهات والشركات الكبرى تدرس حالياً سبل تعزيز الاستدامة، ما يعزز الطلب على وسائل النقل المستدام، وهو ما سيكون له دور في تعزيز الطلب على الحافلات صديقة البيئة. وأوضح أنه يجري حالياً دراسة سبل تسويق الحافلات، والتي يتم عرضها للبيع غالباً، سواء للجهات الخاصة والحكومية، فيما سيقوم قسم ما بعد البيع بالشركة بمراجعة خطوات الشحن والصيانة بشكل دائم مع المشترين، وبما يضمن التشغيل الأمثل للحافلة، مشيراً إلى أن تشغيل الحافلات يتم بشكل بسيط من خلال البطارية سريعة للشحن، حيث يوفر الشحن لمدة 7 دقائق، سير الحافلة لمسافة 70 كيلومتراً. وأضاف أنه بفضل ميزة الشحن السريع للبطاريات، تشكّل الحافلات الجديدة وسيلة نقلٍ جماعية مثالية للقطاعين العام والخاص، وسيتم طرح الحافلات الجديدة في سائر دول الخليج، بعد إطلاقها بنجاح في السوق الإماراتية. وذكر الفهيم أن المجموعة ضخت نحو 5 ملايين درهم في مراحل الدراسات والحصول على الموافقات اللازمة وتوفير عدد من الحافلات للاختبار، فيما تعتزم استثمار نحو 30 مليون درهم في قطاع الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة.
وأوضح أنه في إطار اهتمام المجموعة بمواكبة التطور بقطاع النقل المستدام، تمت دراسة سبل الاستثمار بمجال الحافلات الكهربائية كمرحلة أولى.

مشروع الشحن اللاسلكي
دشنت هيئة الطرق والمواصلات خلال شهر فبراير 2020، التشغيل التجريبي لمشروع الشحن اللاسلكي الديناميكي للمركبات والحافلات الكهربائية أثناء سيرها دون توقف، بتقنية الرنين المغناطيسي الموجه، بعد اختبارها بشكل مكثّف في واحة دبي للسيليكون.
وأكدت الهيئة أنها تواكب أحدث التطورات وما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية في مجال صناعة الحافلات والبطاريات الكهربائية وأنظمة الشحن المختلفة، لاستخدام الحافلات الكهربائية ضمن أسطولها في المرحلة المقبلة.

حافلة مدرسية كهربائية
كشفت مؤسسة مواصلات الإمارات نهاية عام 2019 عن إطلاق أول حافلة مدرسية كهربائية في الدولة للعمل ضمن الأسطول، والتي تم تصميمها وهندستها بالإمارات بنسبة 100 %، وذلك عقب الانتهاء من المرحلة التجريبية وبعد الحصول على اعتماد وزارة التربية والتعليم، ومجلس أبوظبي للتعليم، ودائرة النقل في أبوظبي وهيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس.
وتتسع الحافلة لـ36 طالباً، ويمكنها السير لمسافة 400 كم بعملية شحن واحدة، فيما تصل سرعتها إلى 120 كم، أما عملية الشحن فتستمر لـ8 ساعات تقريباً.