حسونة الطيب (أبوظبي)

عند مغيب شمس كل يوم وحلول الظلام، تتولى مصابيح الإضاءة، مهمة بعث الضوء في أرجاء العالم المختلفة. 
 البيوت والمرافق والطائرات في الفضاء والسفن في البحار والمركبات على الطرقات، يمكنها الاستغناء، عن شعاع نور، يزيح الظلمة ويبعث الطمأنينة ويرشد مرات ويحذر أخرى. 
هل تساءل بعضنا يوماً، عن مصير هذه المصابيح عند خرابها وخروجها عن الخدمة؟ في حقيقة الأمر، عند رمي المصابيح التي تحتوي على مادة الزئبق والفسفور مثل الفلورسنت المدمجة في سلة النفايات، ينتهي بها المصير إلى مكبات النفايات. 
وهنا يتسرب ذلك الزئبق، للمياه الجوفية ومن ثم تلويثها، فضلاً عن مادة الفسفور السامة أيضاً. 
وعند تدوير هذه المصابيح، من الممكن معالجة الزئبق والفسفور بكل حذر من قبل مختصين والتأكيد على عدم تشكيلها لأي مخاطر في المستقبل، رغم قلة نسبة هذه المواد في المصابيح، إلا أنها تزيد بزيادة كمياتها، ما يعزز أهمية تدوير كل مصباح.

عمليات التدوير
وفي ظل الزيادة المستمرة للنفايات حول العالم، بدأت المساحات المخصصة لذلك في التقلص، ما يزيد من أهمية عمليات التدوير، وخاصة ما لهذه المكبات من آثار بيئية على صحة الإنسان. ومن ضمن فوائد التدوير، إمكانية إعادة استخدام المواد الخام، ما يعني استعادة بعض الطاقة التي تم استهلاكها لصناعة هذه المصابيح. 
وعلى سبيل المثال، يتطلب إعداد الألمنيوم من العلب التي تم تدويرها، طاقة أقل بنحو 96 %، بالمقارنة مع ما يتطلب لإعداد آخر جديد من مواد خام. 
وتدوير علبة زجاجية واحدة، يمكن أن يوفر طاقة لإضاءة مصباح قوة 100 واط لمدة 4 ساعات. 
كما أن تدوير المصابيح الكهربائية، يعطيها فرصة أخرى للمشاركة في دورة الحياة، بدلاً من أن تكون ملقاة في مكب نفايات يبقى لنحو 1000 سنة. 

كفاءة الاستهلاك
تحتوي مصابيح فلورسنت المدمجة، على نسبة ضئيلة من الزئبق، في حين تزيد الكمية في المصابيح ذات الإضاءة الساطعة.  كما تتميز مصابيح الفلورسنت، بكفاءة أعلى في استهلاك الكهرباء، فضلاً عن أنها تدوم أطول بنحو 10 مرات عن الساطعة، التي تخلت العديد من البلدان حول العالم، عن استخدامها. 
وبما أن مصابيح الفلورسنت، تتطلب طاقة أقل لتعمل، فهذا يعني انخفاض نسبة ما تخلفه من انبعاثات للزئبق.  وطالبت المنظمة الأوروبية للمستهلك، بالسرعة في تقليل نسبة الزئبق في مصابيح الفلورسنت، من 5 ملجم إلى 1 ملجم فقط. 

مصابيح خالية
وتخلو مصابيح أل إي دي، من الزئبق تماماً، وهي تتميز بإنتاج ضوء أكثر كفاءة من الأنواع الأخرى، بنسبة قدرها 90 %، فيما تتحول نحو 95 % من طاقتها، إلى ضوء، لتتحول النسبة المتبقية لحرارة. 
ويستخدم هذا النوع، في الأغراض العامة، من سيارات وهواتف محمولة وإشارات مرور وفي المدن الذكية وغيرها، بجانب استخدامه في المساكن.
وعادة ما تكون عملية تدوير المصابيح، في مرافق متخصصة تحت رعاية أشخاص متخصصين أيضاً، حيث يتم فرز كل عنصر على حدة من زجاج وزئبق وفسفور وحديد، لاستخدامه مرة أخرى.
وينبغي الأخذ في الاعتبار، أنه عند كسر أحد المصابيح الكهربائية، فإن كمية الزئبق التي تنبثق منه ضئيلة للغاية وغير كافية لحدوث تسمم، لكن من الضروري استخدام ورق سميك لنظافة الأجزاء الكبيرة وشريط لاصق ومنشفة مبللة للصغيرة والبودرة وعدم استخدام ماكينة النظافة الكهربائية. 
ومن المهم، جمع كافة هذه الأجزاء في كيس من البلاستيك وإغلاقه بإحكام لوضعه في المكان المخصص للتدوير. وفي كندا على سبيل المثال، قامت شركة برودكت كير، بتدوير ما يزيد على 58 مليون مصباح في 2020. 

الاستهلاك العالمي
ويستخدم العالم نحو 8 مليارات مصباح كهربائي، رغم أن 1.2 مليار شخص، يفتقرون لخدمات الكهرباء حول العالم.  وبمعدل 40 واط لكل مصباح، يصل الاستهلاك اليومي لهذه المصابيح، لنحو 53 مليون ميجا واط من الكهرباء، أي ما يشكل 15 % من الاستهلاك العالمي للكهرباء. 
وبلغ حجم السوق العالمية للمصابيح الكهربائية، نحو 52.57 مليار دولار في 2020، مع توقعات ببلوغه نحو 127.04 مليار دولار بحلول 2027، بنمو سنوي قدره 13.4 % في الفترة بين 2020 إلى 2027. ومن بين الشركات الرائدة في مجال المصابيح الكهربائية، أكيوتي وكري الأميركيتين وأيتون الأيرلندية وفيليبس الهولندية وأوسرام الألمانية وغيرها.