لندن، هيوستن (رويترز) - ترى منظمة أوبك وشركات النفط الأميركية أن انتعاش الإمدادات من صناعة النفط الصخري سيكون محدوداً هذا العام، إذ يعمل كبار المنتجين الأميركيين على تثبيت الإنتاج رغم ارتفاع الأسعار وهو قرار سيفيد منظمة أوبك وحلفاءها.
وخلال الشهر الجاري، خفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) توقعاتها للخام المحكم الأميركي لعام 2021 وأصبحت تتوقع أن ينخفض الإنتاج بواقع 140 ألف برميل يومياً إلى 7.16 مليون برميل يومياً.
وتتوقع الحكومة الأميركية انخفاض إنتاج الخام الصخري في مارس بنحو 78 ألف برميل يومياً ليصل إلى 7.5 مليون برميل يومياً.
وصدرت توقعات أوبك قبل موجة البرد القارس التي اجتاحت ولاية تكساس، مصدر 40 في المئة من الإنتاج النفطي الأميركي، وأغلقت آباراً وقلصت الطلب من مصافي التكرير في المنطقة.
وتقول مصادر في منظمة أوبك إن عدم زيادة الإمدادات من النفط الصخري قد تيسر مهمة أوبك وحلفائها في توجيه السوق.
وقال أحد مصادر أوبك طالباً عدم الكشف في هذا التقرير عن هويته «من المنتظر أن يكون هذا هو الحال. غير أنني لا أعتقد أن هذا العامل ستكون له صفة الدوام».
ورغم أن بعض الشركات الأميركية أقدمت على زيادة أعمال الحفر فمن المتوقع أن يبقى الإنتاج تحت ضغط في وقت تخفض فيه الشركات الإنفاق لتقليل ديونها وزيادة عوائد مساهميها.
كذلك يخشى منتجو النفط الصخري أن تواجه أوبك زيادة الإنتاج بخطوات سريعة من جانبها لزيادة المعروض النفطي في الأسواق.
توجه مختلف
قال دوج لولر الرئيس التنفيذي لشركة تشيزابيك إنرجي رائدة النفط الصخري في مقابلة هذا الشهر «في هذا العهد الجديد يتطلب النفط الصخري توجها مختلفا. فهو يستلزم مزيداً من الانضباط والمسؤولية فيما يتعلق بتوليد السيولة لأصحاب المصالح وحملة الأسهم».
وسيكون هذا الفكر موضع ترحيب من جانب أوبك التي خاضت تجربة مزعجة عندما انخفضت أسعار النفط وشهدت الأسواق وفرة عالمية في المعروض في 2014-2016 بفعل عوامل منها ارتفاع إنتاج النفط الصخري. وأدى ذلك إلى تكوين تكتل «أوبك+» الذي بدأ خفض الإنتاج في 2017.
والآن أصبحت «أوبك+» بصدد التراجع تدريجياً عن تخفيضات الإنتاج القياسية التي طبقتها في العام الماضي مع انهيار الأسعار والطلب بسبب جائحة فيروس كورونا. وسيلتقي أعضاء هذا التحالف في الرابع من مارس المقبل لتدارس الطلب.
لكن التكتل لا يرى في الوقت الحالي أن التاريخ يعيد نفسه.
قال مندوب آخر في أوبك «النفط الصخري الأميركي هو الإمدادات الرئيسة من خارج أوبك في السنوات العشر الأخيرة أو يزيد. وإذا كان هذا القيد على النمو متوقعاً فأنا لا أرى أي مخاوف لأن المنتجين الآخرين بوسعهم تلبية أي نمو في الطلب».
إلا أن أوبك لا تتعجل فتح صنابير النفط وزيادة المعروض. فقد قال الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي في 17 فبراير إن على منتجي النفط أن يحافظوا على حذرهم الشديد.
سعر 60 دولاراً مربح
عادة ما يستجيب إنتاج النفط الصخري بسرعة لتحركات الأسعار، وبلغ سعر الخام الأميركي هذا الشهر أعلى مستوياته منذ يناير 2020 متجاوزا 60 دولاراً للبرميل.
ورغم أن شركات النفط الصخري أضافت المزيد من الحفارات في الأسابيع الأخيرة، فإن انتعاشاً فاتراً في الطلب وضغوطاً من المستثمرين لتقليص الديون منعت هذه الشركات من الاندفاع إلى استكمال حفر الآبار الجديدة.
وقال ستيفن برينوك من شركة الوساطة بي.في.إم. أويل أسوشييتس «عند هذا المستوى السعري، يحقق أي إنتاج نفطي ربحاً ولا سيما الشريحة الصخرية الأميركية مرتفعة التكاليف نسبيا».
وأضاف «مع ذلك ورغم هذه المؤشرات الإيجابية على النمو فإن إنتاج النفط المحكم الأميركي أبعد ما يكون عن المظهر الساحر الذي اكتسى به قبل جائحة كوفيد».
وفي الآونة الأخيرة، قال سكوت شيفيلد الرئيس التنفيذي لشركة ناتشورال ريسورسيز الرائدة في إنتاج النفط الصخري إنه يتوقع أن تزيد شركات صغيرة إنتاجها غير أن إجمالي الإنتاج الأميركي سيظل بين الاستقرار والزيادة بنسبة واحد في المئة حتى عند سعر 60 دولاراً للبرميل.
تجميد الإنتاج
سيكون لموجة البرد القارس التي شهدتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي آثار سلبية شديدة على إنتاج النفط والغاز إذ ستواجه الشركات ضرورة التعامل مع معدات متجمدة ونقص الكهرباء اللازمة لإدارة أنشطتها.
ويوم الخميس الماضي، قالت شركة كونوكو فيليبس أكبر الشركات الأميركية المستقلة إن أغلبية إنتاجها من تكساس لا يزال متوقفا.
لكن المحللين لدى بنك جيه.بي مورجان قالوا في تقرير صدر يوم 18 فبراير الجاري إن ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى انتعاش أسرع للنفط الصخري.
وقال البنك مشيراً إلى الإنفاق على أعمال الحفر «ما دام لدى الشركات رصيد كاف لاستكماله من الآبار التي تم حفرها ولم يبدأ الاستخراج منها فينبغي أن تكون قادرة على زيادة الإنتاج بسهولة في الوقت الذي تحافظ فيه على الإنفاق الاستثماري تحت السيطرة».
وتشير التوقعات لعام 2022، مثل توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إلى مزيد من النمو في الإمدادات الأميركية وإن لم يكن بالدرجة الكافية للتسبب في مشاكل لتكتل «أوبك+» في الوقت الحالي.
وقال برينوك من شركة الوساطة بي.في.إم «إنتاج النفط الأميركي لن يعود إلى مستوياته قبل جائحة كوفيد في أي وقت قريب. لكن هذا ليس معناه أن النفط الصخري الأميركي لن يكون مرة أخرى شوكة في جانب أوبك».