ذكرنا في الأسبوعين الماضيين أن أي وثيقة دولية يمكن أن ترتب التزامات قانونية على أطرافها بغض النظر عن التسمية التي تطلق عليها. حيث لا تشترط اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 في الاتفاق تسمية معينة، فقد تطلق عليه أي تسمية. فالعبرة ليست بالتسمية وإنما بمحتوى الاتفاق وهل يرتب، أو لا يرتب، التزامات قانونية متبادلة على أطرافه.
فقد ذكرت محكمة العدل الدولية في سياق حكمها في قضايا جنوب غرب أفريقيا South West Africa Cases لسنة 1966 بأن « التسميات لا تمثل حقيقة دامغة لدلالة على نوع وفئة الاتفاق أو التعهد الدولي.
ففي ممارسات الدول والمنظمات الدولية وأحكام المحاكم الدولية توجد كثير من التسميات المختلفة الاستعمال، كما توجد كذلك كثير من الأفعال التي تلحق بفئة بنود الاتفاقية.
إن التسميات المستخدمة بين الدول لتعبير عن العلاقات التعاقدية بينها متعددة وتختلف من منطقة إلى أخرى أو من موضوع إلى آخر. ولكن ممارسات الدول والقضاء تدل على عدم التميز بين هذه التعابير، كما أنه لا يوجد أية مبرر لتفضيل عنوان على آخر.
فالمسألة بالتالي يمكن ردها إلى: (1) رغبة الدول في اتباع سلوك أو نهج معين في هذا الصدد؛ (2) اعتبارات تتعلق بالدستور أو القانون الداخلي في الدول الأطراف والحاجة لتجنب اشتراطات معينة والحصول على مرونة أكثر.
ولتوفير دليل للمشتغلين بالاتفاقيات أصدر قسم المعاهدات التابع لمكتب الشؤون القانونية في الأمم المتحدة قائمة بأهم التسميات المستخدمة من الدول لوصف بعض العلاقات التعاقدية بينها.
ومن هذه التسميات مصطلح معاهدة، اتفاقية، ميثاق، نظام أساسي، بروتوكول اختياري، بروتوكول لتعديل، بروتوكول مبنى على معاهدة إطارية، بروتوكول إضافي، ملحق، بيان أو محضر موقع، إعلان مشترك، إعلان تفسيري، إعلان منفرد، إعلان مبادئ، مذكرة شفوية، مذكرة تفاهم ، التسوية المؤقتة ، تبادل المذكرات والرسائل، رؤوس اتفاق إلى غير ذلك من التسميات.
وفي الممارسات العملية تلجأ الدول غالباً إلى استخدام مصطلح اتفاقية أو معاهدة لتوثيق اتفاق على مسائل ذات أهمية كبرى مثل اتفاقيات الحدود أو اتفاقيات السلام أو تلك المتعلقة بإنهاء حالة الحرب أو تلك المتعلقة بمنح قروض أو غير ذلك من المسائل المهمة.
أما مصطلح النظام الأساسي فيتم استخدامه عندما يتعلق الأمر بتأسيس كيان أو منظمة دولية. أما البروتوكول فيلجأ له لتفصيل بنود عامة واردة في اتفاقية أو لإضافة بنود في اتفاقية قائمة أو لتعديلها.
أما الملحق فيتضمن تفاصيل فنية لأحكام منصوص عليها في اتفاقية. وفيما يتعلق بالإعلان سوءاً كان مشتركاً أو منفرداً فهو عبارة عن تعهد أو موافقة من الأطراف الموقعة على الإعلان بشأن أمر معين.
والإعلان لا يتطلب إجراءات توقيع أو تصديق. أما التسوية المؤقتة فإنها تستخدم لتوثيق تفاهم واتفاق مؤقت لمعالجة مشكلة أو قضية معينة دون الإخلال بمواقف أطراف النزاع القانونية.
وفي الختام التسمية لا تغير من الوضع القانوني لأي وثيقة دولية، فكل وثيقة يمكن أن ترتب التزامات قانونية على أطرافها بناء على النصوص والعبارات الواردة فيها، وليس بناء على التسمية أو العنوان الذي يعطى لها.
* د. مطر النيادي
مستشار في القانون الدولي