يوسف العربي (أبوظبي)

أدى نجاح «ستراتا للتصنيع» في التغلب على تحديات «كورونا»، ومواصلتها الإنتاج من دون توقف في أصعب الأوقات التي تمر بسلاسل التوريد بصناعة الطيران منذ 100 عام، في تسليم جميع الطلبيات المجدولة مسبقاً خلال عام 2020، إلى ترسيخ مكانة إمارة أبوظبي في مجال صناعة الطيران العالمية، بحسب إسماعيل علي عبد الله، الرئيس التنفيذي للشركة.  وأكد عبدالله، في حواره مع «الاتحاد»، أن «ستراتا» واصلت عمليات التصنيع على مدار الساعة من دون انقطاع خلال الجائحة، كما تغلبت على الصعوبات التي واجهت سلاسل التوريد عبر المتابعة الدؤوبة والاعتماد على الحلول الرقمية وبرمجيات التواصل عن بُعد، ما مكن الشركة من الوفاء بالتزاماتها اتجاه الشركاء.   وقال عبدالله: إن قيام «ستراتا» تسليم الشحنة الأولى من المثبت العمودي لطائرات بوينج 787 دريملاينر إلى شركة بوينج في موعدها المقرر، على الرغم من التحديات العالمية المشار إليها، شكل إنجازاً كبيراً حظي بتقدير وإشادة المعنيين بصناعة الطيران حول العالم، كاشفاً أن ستراتا تبدأ العمل مع «بوينج» لتحديد الشحنات المقبلة والمتوقع ألا تقل عن 10 شحنات يتم تسليمها على مدار عام 2021.
وأوضح عبدالله، أنه تم بدء العمل مع «بوينج» على مشروع تصنيع المثبت العمودي لطائرات «787 دريملاينر»، في مصانع الشركة في مدينة العين منذ نحو خمس سنوات، لتبدأ مسيرة العمل من دون توقف لإنجاز المشروع في الوقت المحدد.

  • إسماعيل عبد الله

تعزيز الصدقية
وأشار إلى أن «ستراتا» بدأت منذ اللحظة الأولى تنفيذ خطتها التوسعية «ستراتا بلاس» ووضع الخطط التشغيلية، والتصنيعية، والتدريبية، مضيفاً: «مضينا في الإنجاز والتقدم ومع بداية عام 2020 فرضت جائحة كورونا تحديات كبيرة متعلقة بالسفر والصعوبات اللوجستية».
وأوضح أنه بداية جائحة كورونا وتطبيق الإغلاقات والإجراءات الاحترازية في مختلف أنحاء العالم تم الاتفاق مع فريق بوينج على المضي في خطط التصنيع من دون توقف، انطلاقاً من انحياز ستراتا لتعزيز المصداقية العالمية لـ«صنع بفخر في الإمارات»، والذي شكل الدافع الرئيس للاستمرار والتغلب على التحديات.
واستكمل عبدالله، أنه في هذا الإطار ركزت ستراتا على التغلب على تحديات سلاسل التوريد حيث تتسع شبكة التوريد لدى «ستراتا» إلى خارج حدود الإمارات، لتضم شركاء من الولايات المتحدة الأميركية والصين وغيرهما، حيث إن أي تأخير يؤثر على الخطط المعتمدة وجداول التسليم، وهو الأمر الذي تطلب أن يعمل الفريق المختص على مدار الساعة مع هذه المؤسسات في العديد من الدول بشكل شبه يومي عبر تقنيات التواصل عن بعد، بعدما عطلت كورونا إمكانية السفر وزيارة هذه المصانع. وأشار عبدالله، إلى أنه بموازاة ذلك استمرت عمليات تدريب كوادر التصنيع في الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من الإغلاقات الاحترازية التي طبقت خلال هذه الفترة كما تم التواصل مع الفرق الفنية المختصة لدى بوينج عبر برامج التواصل عن بعد لاستكمال فحوص الجودة عن بعد للمرة الأولى.

فحص عن بُعد 
وأوضح أنه بذلك تكون الشحنة الأولى من المثبت العمودي لطائرات بوينج 787 دريملاينر هي الشحنة الأولية الأولى من نوعها منذ تأسيس ستراتا التي يتم تسليمها من دون تواجد فريق ممثل من الجهة الطالبة على الأرض للقيام بالفحص، حيث تم تنظيم هذه الزيارة بشكل افتراضي ما يعكس الثقة الكبيرة بالمصنع.
وأكد عبدالله، أن بوينج كانت ولا تزال شريك النجاح، حيث تحتفل ستراتا العام المقبل بمرور 10 سنوات على بدء العلاقة الاستراتيجية بينهما، معتبراً أن التعاون الثنائي والدعم اللامحدود من مختلف الجهات المختصة مكن ستراتا من مواصلة الإنتاج في واحدة من أصعب الأوقات التي مرت في تاريخ صناعة الطيران منذ 100 عام.

تحول رقمي 
وقال عبدالله: إن ستراتا للتصنيع نفذت خطة طموح على مساري الابتكار والتحول الرقمي حيث أطلقت قبل 5 سنوات وحدة الأبحاث والتطوير، وهي الوحدة التي حققت أهدافاً مهمة أولها إنشاء جسور تواصل مع المؤسسات الأكاديمية في الدولة، والاستثمار في التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات. 
وأشار إلى أن هذا الاستثمار كان استباقياً وأتى ثماره، لا سيما خلال الجائحة حيث لم ينقطع التواصل بين موظفي الشركة وشركائها في الولايات المتحدة الأميركية، والصين، وأوروبا والمقر الرئيسي للشركة، مشدداً على أهمية أن تولي صناعة الطيران العالمية أهمية بالغة بالتحول الرقمي لا سيما بمرافق سلاسل التوريد لتوفير المرونة اللازمة في أوقات الأزمات.
وأوضح أن مركز الأبحاث والتطوير التابع لـ «ستراتا» خرج بالعديد من الحلول الابتكارية الأخرى عبر توظيف الروبوتات على عدد من خطوط الإنتاج، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنجاز عمليات الثقب وفحص الجودة للمنتجات، والتي أدت إلى توفير ما يتراوح بين 25%، و40% من الوقت المستغرق، وحجم الكادر المطلوب، وفق درجة تعقيد القطعة المصنعة.

قاعدة صناعية 
وأشار عبدالله، إلى أنه في إطار استخدام القاعدة الصناعية للشركة بمرونة وفعالية فائقتين وعندما كانت معدات الوقاية الشخصية «PPE» للعاملين في الخطوط الأمامية بالقطاع الصحي الشغل الشاغل لدول العالم أعلنت «ستراتا» عن خطتها إنشاء أول خط إنتاج لكمامات N95 في منطقة الشرق الأوسط، تمهيداً لتحويل الإمارات إلى دولة مصدرة عالمياً للكمامات، في إطار الجهود للحد من انتشار فيروس«كوفيد-19».  ولفت إلى أن الطاقة الإنتاجية لخط الإنتاج تصل إلى 30 مليون كمامة سنوياً، حيث غطى المصنع احتياجات السوق المحلية وبدأ في تصدير إنتاجه إلى مختلف دول العالم ومنها اليابان، وسيريلانكا، والولايات المتحدة الأميركية، ولوكسمبرج إسرائيل.

الطباعة ثلاثية الأبعاد 
وقال إسماعيل علي عبد الله: إن الطباعة ثلاثية الأبعاد تأتي ضمن التقنيات الناشئة التي تحظى بأهمية لدى ستراتا، حيث تم الاستثمار مع مركز البحوث في جامعة خليفة في أكبر طابعة معادن في المنطقة، كما أن لدى ستراتا أكبر طابعة في البلاستيك الحراري. 
وأشار إلى وجود خطط توسعية في موضوع الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث يتم التباحث مع عدد من المؤسسات والمستشفيات لمعرفة كيفية توظيف الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن العام المقبل سيشهد عدداً من الإعلانات المهمة في مجال خدمة منظومة الرعاية الصحية.