حسام عبدالنبي (دبي)
تحقق العملات المشفرة ارتفاعات قياسية في أسعارها، جذبت أنظار المستثمرين في دول العالم المختلفة، وأدت إلى انسحاب بعض الأموال وتخارجها من القطاعات الاستثمارية التقليدية، لتتدفق إلى العملات الرقمية مع استثمار المزيد من المؤسسات في تلك العملات.
وفي الوقت الذي مازالت فيه البنوك المركزية العالمية ترفض الاعتراف بالعملات المشفرة كوسيلة معتمدة للدفع، لاتزال السيولة تتدفق إلى العملات المشفرة وفي مقدمتها «بيتكوين» التي قفزت مجدداً، أمس، فوق مستوى 19 ألف دولار وتحديداً عند مستوى 19189 دولاراً.

مسألة وقت

ويرى تايلر وينكليفوس، الذي يدير بورصة جيميني للعملات المشفرة ومقرها الولايات المتحدة، أن النقد (العملات الورقية) قد عفى عليه الزمن، وأن المسألة باتت مسألة وقت فقط، قبل أن يتخلص المستثمرون من الدولار والعملات الورقية الأخرى ليشتروا «بيتكوين»، موضحاً أن الارتفاع الأخير لـ «بيتكوين» يختلف عن دورات السوق السابقة بسبب تدفق المستثمرين المؤسسيين وزيادة نضج العملة المشفرة، بحيث أصبحت تحتل مكاناً دائماً في النظام المالي.
ومن جهته توقع زاك برينس، الرئيس التنفيذي لشركة «بلوك فاي» أن يلعب جيل الألفية دوراً حيوياً بشكل متزايد في سوق العملات المشفرة.
وقال: إنه يمكن لجيل الألفية، وهو جيل يعاني من الأجور المنخفضة ونقص المدخرات ومحاصر بالديون، إعادة رسم خططهم المالية باستخدام بيتكوين أو العملات المشفرة بشكل عام، محدداً ثلاثة اتجاهات رئيسية لاعتماد بيتكوين ترتبط بشكل وثيق بجيل الألفية والمستثمرين الأصغر سناً، وهي نقل ثروة مواليد جيل طفرة العملات المشفرة إلى الشباب عبر الميراث، ونمو الأصول البديلة، وتغيير التفضيل نحو كل شيء رقمي.

نشاط التعدين
وأظهر مؤشر «بانكر» أن عمال مناجم (عمليات التنقيب أو التعدين) عن عملة الـ «بيتكوين» جمعوا 551.45 مليون دولار من الإيرادات في 30 يوماً وذلك خلال الفترة بين 9 نوفمبر و8 ديسمبر 2020، موضحاً أنه في المتوسط، كانت الإيرادات اليومية حوالي 18.38 مليون دولار، وتم تسجيل أعلى إيرادات في 3 ديسمبر عند 21.76 مليون دولار، في حين كانت أقل أرباح في 30 نوفمبر عند 14.68 مليون دولار.
وأوضح المؤشر أن إيرادات التنقيب عن «بيتكوين» ارتفعت بنسبة 44% في اليوم الأول من شهر ديسمبر، وفي نفس اليوم تجاوز سعر «بيتكوين» مستوي 19700 دولار، وهو أعلى سعر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، لافتاً إلى أن صناعة تعدين «بيتكوين» كانت تشهد انخفاضاً في الربحية على مدى السنوات الأخيرة، حيث تكبد عمال المناجم الصغار خسائر ملموسة.

رهان على المستقبل
وبدورة أرجع إيهاب منصور مدير الاستثمارات في إحدى الشركات المالية، ارتفاع أسعار البيتكوين إلى سيطرة حالة من التفاؤل على المؤسسات الاستثمارية العالمية والمستثمرين الأفراد بعد الإعلان عن اعتماد لقاحات لفيروس كورونا، والتأكد من نتائج الانتخابات الأميركية وانتقال السلطة إلى الرئيس الأميركي الجديد، مؤكداً أن حدوث انفراجه في كلا العنصرين جعل الرغبة في الاستثمار والنشاط الاستثماري يتزايدان، خاصة أن ارتفاع أسعار الذهب في ظل جائحة كوفيد- 19 جعل التوقعات تشير إلى صعوبة تحقيق المزيد من الارتفاعات المستقبلية، وتالياً توجهت سيولة نحو مجالات استثمارية مختلفة، كان أهمها العملات المشفرة.
وأوضح أنه على الرغم من أن البنوك المركزية في العالم مازالت ترفض العملات المشفرة وعدم ظهور أيه مستجدات بشأن مشاكل وعيوب العملات المشفرة، إلا أن الإقبال على تداولها كان دائماً موجود حتى في أوقات تراجع السعر، مشيراً إلى أن انخفاض سعر عملة «بيتكوين» كان نتاج لعمليات العرض والطلب وليس لاختراقات أمنية لنظام العملة مثلما حدث مع عملات أخرى، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أن إعلان فيسبوك عن طرح عملته المشفرة «ليبرا» مجدداً بعد إدخال تعديلات عليها، جعل الجميع يعتقد بأن الاستثمار في العملات المشفرة هو رهان على المستقبل.

مخاطر عالية 
أكد مصرف الإمارات المركزي أنه لا يقبل في الوقت الحاضر (أو يقر) الأصول المشفّرة أو الافتراضية، كنقد قانوني مبرئ للذمة في دولة الإمارات، كما أنه لا يعترف بهذه الأصول، وسيلة للدفع، ولا يمكن استخدامها، إلا كأصول للاستثمار مع وجود مخاطر عالية محتملة.
وشدد «المركزي» في بيان توضيحي للرد على ما أوردته بعض المنشورات من مزاعم بأن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي قد قام ضمنياً بـ«إصباغ الصفة القانونية» على العملات المشفرة في دولة الإمارات، على أن «درهم الإمارات هو النقد القانوني الوحيد الذي له قوة الإبراء المطلقة في الدولة». وأكد المصرف المركزي أنه يعمل حالياً على إعداد نظام جديد يسمى «نظام خدمات مدفوعات التجزئة» الذي سيحدد المعاملة التنظيمية للأصول المشفّرة، حيث سيُدرج مفهوم الرموز المميزة للدفع المعرّفة كأصول مشفّرة، مدعومة بعملة نقدية ويتم استخدامها لأغراض الدفع.