يمثل الحصول على الأموال والانتفاع بها الدافع خلف ارتكاب معظم الجرائم والأعمال غير المشروعة. 
وفي سبيل مكافحة الجرائم ومنع وقوعها، يقوم العالم بتشديد الرقابة على مصادر الأموال لمكافحة الانتفاع بالأموال المتحصلة من مصادر وممارسات غير مشروعة على نحو من شأنه أن يساهم في توقف المجرمين عن الإقدام على ارتكاب جرائم للحصول على أموال لن يستطيعوا الانتفاع بها. 
هذا الأمر يمثل أحد وسائل مكافحة الجريمة، وبالأخص الجرائم المنظمة أو تلك العابرة للحدود أو المتعلقة بخيانة الأمانة. 
ولكن تفكير المجرمين وإصرارهم على الكسب غير المشروع دفعاهما إلى ابتداع أساليب وطرق لتحايل وإخفاء مصادر أموالهم غير المشروعة، وبالتالي منع تتبع أثرها والكشف عن الجرائم التي ارتكبت في سبيل الحصول عليها. 
هذه الأساليب تتم من خلال الدخول في أنشطة اقتصادية أو مالية مشروعة؛ بهدف تضليل الجهات الرقابية عن المصادر الحقيقية لهذه الأموال، وخلق نوع من القناعة بأن الثروة لدى شخص معين ناتجة عن ممارسته نشاطاً تجارياً أو اقتصادياً أو مالياً مشروعاً في بلد معين، هذه الأساليب والأنشطة يطلق عليها في القانون جريمة غسيل الأموال، والتي تعني باختصار تحويل الأموال غير المشروعة إلى أموال نظيفة ناتجة من مصادر كسب مشروعة. 
وباعتبار جرائم غسيل الأموال من الجرائم العابرة للحدود، وترتبط ارتباطاً كبيراً في كثير من الأحيان بالجرائم المنظمة، فإنها تعتبر من جرائم القانون الدولي الجنائي، وتستقطب تعاوناً وتنسيقاً دولياً عابراً للحدود. 
ومن مظاهر هذا التنسيق، تأسيس قوة الواجب المعنية بمكافحة غسيل الأموال FATF، والتي تعنى بوضع المعايير الدولية والإرشادات لمساعدة الدول على تعزيز جهودها الوطنية لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز التنسيق وتبادل الخبرات بينها. 
تأسست قوة الواجب بناءً على قرار قمة الدول الصناعية السبع في عام 1989، ووصل عدد الدول الدول الأعضاء فيها حتى الآن إلى 39 دولة ومنظمتين إقليميتين. 
كما يوجد هناك عدد من المنظمات المتعاونة مع قوة الواجب لتعزيز قاعدة البيانات، والاستفادة من الخبرات المتوافرة في هذه الدول والمنظمات الدولية. 
الجدير بالذكر أن هذا الاهتمام الدولي الكبير بمكافحة جريمة غسيل الأموال نابع من خطورة هذه الجريمة، والتي لا تقتصر على مساهمتها في زيادة الجرائم والإخلال بالأمن والسلامة في دولة ما، وما لها من تأثير سلبي كبير على الاقتصاد وعلى زيادة التضخم في الدول وعلى التأثير كذلك على تنافسية أي دولة، وقدرتها على جذب استثمارات حقيقية وتأسيس اقتصاد متنوع ونظام مالي شفاف.