يوسف البستنجي (أبوظبي)

ركز مهرجان فينتك أبوظبي 2020، الذي أقيم تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في ختام فعالياته أمس، على تعزيز مكانة الإمارات مركزاً عالمياً لصناعة المستقبل. ودعوة الشباب إلى توفيق توجهاتهم مع أجندة التطور التكنولوجي المستقبلي، ومتطلبات الاقتصاد الوطني ومواءمتها مع النمو الاقتصادي عموماً. 
وعلى مدار ثلاثة أيام شارك نحو 25 ألف مختص دولي، في المهرجان الذي ينظمه سوق أبوظبي العالمي بالشراكة مع مصرف الإمارات المركزي، لمناقشة جدول أعمال مكثف تضمن مستقبل التكنولوجيا المالية، والخدمات المصرفية المفتوحة، والتنظيم والحوكمة، والمدفوعات، والاستثمار، والاتصالات التسويقية وإدارة علاقات العملاء، والتكنولوجيا التحويلية، والاستدامة، والأمن السيبراني، والنظم البيئية للأعمال، والخدمات المصرفية الرقمية. وشارك في فعاليات المهرجان أكثر من 150 متحدثاً من أهم صناع السياسات وكبريات المؤسسات المالية والتكنولوجية والمختصين الأكاديميين والمبتكرين في هذا القطاع، إضافة إلى أكثر من 100 شركة تكنولوجيا مالية من 28 دولة.

وجمعت حلقة الشباب الطلبة في جلسات حوار مع كبار رواد العمل الحكومي والقطاع الخاص لمناقشة التكنولوجيا المالية والابتكار، وترأسها معالي أحمد علي الصايغ وزير دولة ورئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، ومعالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب.

متطلبات المستقبل
وقال الصايغ، في كلمته إنه من الضروري أن يعيد الشباب ترتيب أفكارهم بما يتوافق مع متطلبات المستقبل، خاصة التطور التكنولوجي ومتطلبات التعامل مع الاقتصاد الرقمي واحتياجات الاقتصاد الوطني واتجاهات النمو والتطور الاقتصادي والتكنولوجي العالمي.
وأضاف: «تنمية الشباب من أولويات قيادة الدولة، ولقد خطت دولة الإمارات خطوات كبيرة لإشراكهم في الهيئات والمؤسسات الحكومية لضمان مشاركة آرائهم ومقترحاتهم»، موضحاً أن «دولة الإمارات ملتزمة بتزويد شبابها بالمهارات والمعرفة اللازمتين لتعزيز دورهم على المستوى الدولي ليكونوا صوت الإمارات على مستوى العالم أيضاً».
وذكر: «اكتسبت دولة الإمارات تقديراً عالمياً ومكانة لبنيتها التحتية والتكنولوجيا والتحولات الرقمية والتمويل والرعاية الصحية واستكشاف الفضاء والطاقة المتجددة والنووية وصناعة الطيران. ما يدل على أنه يمكننا تحقيق أي شيء وأكثر، بطموح وتصميم وعمل جاد».
ومن جهتها، قالت شما المزروعي: «تنقل جلسات الشباب الأصوات مباشرة إلى الحكومة، فقد كان إشراك الشباب في مهرجان فينتك أبوظبي مدروساً وأساسياً، وتعتبر التكنولوجيا المالية أولوية للحكومات الساعية للاستثمار في المستقبل، والإمارات في مصاف هذه الدول»، مضيفة: «نواكب التطورات السريعة والتغييرات في وقتنا الحاضر، ولاسيما أن المؤسسة الاتحادية للشباب مثل سوق أبوظبي العالمي، تؤمن بقوة الشباب في تصميم وتصور المستقبل».

  • وليد المهيري مشاركاً في جلسة «استراتيجيات الاستثمار في الصناديق السيادية» (الاتحاد)

بيئة متكاملة
وخلال جلسة أدارها حمود المحمود، رئيس المحررين في «هارفرد بيزنس ريفيو»، أكد المتحدثون رؤيتهم حول أهمية التعاون بين هيئات حكومة أبوظبي والمبادرات. وسلطوا الضوء على ضرورة ريادة بيئة أعمال متكاملة تتيح للشركات تطوير التقنيات الجديدة التي ستسهم في تعزيز عملية التطوير في القطاعات مثل قطاع الخدمات المالية والزراعة والرعاية الصحية.
وخلالها، قال محمد عبدالحميد العسكر المدير العام لهيئة أبوظبي الرقمية: «توفر أبوظبي بيئة أعمال متكاملة ومجهزة لدعم القطاعات كافة، بما فيها التمويل والصيرفة والرعاية الصحية». وأضاف: بالتوافق مع رؤية القيادة الرشيدة لإمارة أبوظبي، تعمل هيئة أبوظبي الرقمية على أربع ركائز رئيسية: البيانات والأمن والخدمات والبنية التحتية. حيث نحرص على التعاون وتعزيز الأمن والاستباقية في كل جانب من جوانب عملنا. 
وقالت ربا يوسف الحسن، الرئيس التنفيذي لـ«غداً 21» في مكتب أبوظبي التنفيذي: كان العامان الماضيان حافلين بالتطورات، حيث أطلقنا منصات عمل متكاملة، وأكثر ما نفخر به هو «هب71»، التي جاء إنشاؤها مع مبادلة، ما مكن الشركات الناشئة من توسيع نطاق عملياتها هنا.
وأضافت: «نستعد لإطلاق برنامج حوافز التقنيات الزراعية مع مكتب أبوظبي للاستثمار، كونه قطاعاً مهماً للغاية لضمان الأمن الغذائي واستخدام التكنولوجيا للنهوض بالزراعة».
ومن جهتها، قالت حنان هرهرة اليافعي، الرئيس التنفيذي لـ«هب 71»: «ما يميز هب 71 موقعها في أبوظبي، حيث نحظى بدعم هائل من قيادتنا الرشيدة، والتي تمتلك تفكيراً مستقبلياً حول كيفية تعزيز اقتصاد قائم على المعرفة»، فيما قال ريتشارد تنج، الرئيس التنفيذي لسلطة تنظيم الخدمات المالية لدى سوق أبوظبي العالمي: «كان للقيادة الحكيمة وصناع السياسات في أبوظبي، بالإضافة إلى العمل مع الشركاء الاستراتيجيين في جميع المجالات، الأثر الأكبر في ضمان تعزيز تطور الإمارة نحو الاقتصاد الرقمي، وساهم في تبني تقنيات مستقبلية، خصوصاً في مجال التكنولوجيا المالية». 
وأضاف: «يدفعنا هذا إلى التفكير في مستقبل التمويل والإسهام في مستقبل الاقتصاد».

أطر تشريعية
وفي جلسة أخرى، شارك فيها ريتشارد تنج أيضاً، مع ديانا باريديس، الرئيس التنفيذي ومؤسس مختبرات سواد، ومايكل بيوورـ المفوض السابق للمركز والمدير التنفيذي - معهد ميلكن، وعنات جوتا، رئيسة هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية، ناقش المشاركون التشريعات اللازمة للتكنولوجيا المالية، حيث استعرضوا تجاربهم وخبراتهم وإنجازاتهم والتحديات التي تواجه رقابة القطاع كل في سلطته القضائية، مبرزين الوتيرة المتسارعة للتطور التكنولوجي والتشريعات الجدية التي تعزز الابتكار وأبعاد دور التكنولوجيا الرقابية ضمن القطاع. وقال تنج: «في سوق أبوظبي العالمي نوظف التكنولوجيا لتسهيل وصول الشركات إلى المزيد من الأسواق وإدارة المخاطر في الوقت ذاته». وأضاف: «المختبر التنظيمي للسوق، والذي يعد ثاني أكثر مختبر نشاطاً على مستوى العالم، أتاح لنا أن نكون قريبين من المبتكرين ورواد الأعمال، حيث نحاول فهم نماذج أعمالهم، ما يمكننا من تحديد كيفية إدارتنا للمخاطر والتوصل إلى أطر تنظيمية ملائمة تدعم نمو الأعمال».
وقالت جوتا: «مع تزايد أهمية التكنولوجيا في سوق الخدمات المالية، نرى أن التحديات الرقابية تزداد اتساعاً وتعقيداً. وبالمثل، عندما تصبح كمية البيانات أكبر، نحتاج كجهات تنظيمية إلى التحول من الإشراف التقليدي إلى الإشراف المعتمد على التكنولوجيا». 
وأضافت: «ننفذ في هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية حالياً برامج، منها مشروع علوم البيانات الذي يتم إدارته وفقاً لبيانات التداول لمعرفة ما إذا كانت هناك انتهاكات في عمليات التداول، وذلك من خلال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وأمور أخرى». 

جسر تعاون 
في جلسة نقاش أدارها يوسي فاردي، رئيس الوفد الإسرائيلي، ودوف كوتلر، الرئيس التنفيذي لبنك «هبوعليم»، وآمي أبلباوم، رئيس مجلس الإدارة وكبير العلماء في سلطة الابتكار الإسرائيلية، وميشال برافرمان بلومنستيك، نائب رئيس شركة «مايكروسوفت»، ناقش المشاركون آراءهم حول نظام الابتكار الإسرائيلي، وحددوا الفرص والإمكانات لإحياء جسر جديد للتعاون.

  • سوق أبوظبي العالمي الجهة المنظمة للفعالية بالشراكة مع مصرف الإمارات المركزي (الاتحاد)

احتفاء بالابتكار
استضاف المهرجان جوائز فينتك أبوظبي، مسلطاً الضوء على أفضل الابتكارات والمواهب في المنطقة، وشملت قائمة الفائزين، ميشيل دروس، الرئيس التنفيذي لديموكرين، وشركة «كلاوس ماتش»، و«شروق باترز»، و«منزل ويو أي اي تريد كونكت»، ومجلس الاستثمار والتجارة الأسترالي، ونمير خان من شبكة التكنولوجيا المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونيها مينتا، مؤسسة شركة «فيم تيك».

«مبادلة»: نستثمر في التكنولوجيا
في جلسة حول استراتيجيات الاستثمار في الصناديق السيادية، قال وليد المقرب المهيري، نائب الرئيس التنفيذي لـ«مبادلة»: «تسعى المجموعة للاستثمار في الأعمال ذات المخاطر المقبولة، مقارنة بالعائد المتحقق، ما يعني أننا نميل نحو الصناعات والقطاعات التي تمنحنا عائداً أعلى من المتوسط»، لافتاً إلى أن التكنولوجيا تتقاطع مع كل ما تقوم به «مبادلة». وأوضح: «التكنولوجيا تتغلغل في جميع الصناعات، والجائحة قدمت دليلاً على أنها ظاهرة متسارعة».

«المركزي»: رؤية لتطوير الخدمات المصرفية 
قالت حصة بوعلي مدير الترخيص في دائرة الرقابة على البنوك في مصرف الإمارات المركزي: إن المصرف يملك رؤية لتطوير الخدمات المصرفية ولضمان تقديمها بشكل تنافسي للمواطنين في دولة الإمارات، لافتة إلى أنه يواصل تعزيز البيئة التنظيمية التي تساعد في إطلاق ونمو البنوك الرقمية في الإمارات، مع حماية مصالح العملاء والاقتصاد.
وأوضحت أن قانون «المركزي» شمل هذا الجانب بهدف تنظيم البنوك الرقمية لتعزيز ثقة العملاء والمستثمرين، والتأكد من التزام البنوك الرقمية بالمعايير والإفصاحات المصرفية الدولية، وتأمين مستوى مناسب من الحماية للمستهلكين، وتحقيق الاعتراف الدولي بالمصرف المركزي الإماراتي باعتباره نظام ترخيص تقدمياً ووقائياً، ومنع أي ضرر يلحق بالنظام المالي لدولة الإمارات. 

«معاً»: استثمار اجتماعي لمواجهة التحديات
قالت سلامة العميمي، مدير عام هيئة المساهمات المجتمعية «معاً» - في كلمة حول برنامج «معاً نحن بخير»: إن «معاً» تسعى لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع، بالتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص والمنظمات غير الربحية والأفراد.
وأضافت: «تم إنشاء صندوق الاستثمار الاجتماعي لتلقي المساهمات من القطاعين العام والخاص والمجتمع بشكل عام، لمواجهة التحديات الاجتماعية الأكثر إلحاحاً ضمن القطاع الاجتماعي»، موضحة: «بصفتنا صندوق استثمار اجتماعي، كان لدينا اعتقاد قوي أنه سيكون هناك تأثير كبير، ولكن لم نكن نعلم أنه سيكون حجر الزاوية الذي سيغير حياة الآلاف من المقيمين والمواطنين في أبوظبي».