أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي المشرف العام على استراتيجية "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي"أن دولة الإمارات تمكّنت بفضل الرؤية المستقبلية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" من تكوين رصيد كبير من الخبرات المتميزة في مجال الاقتصاد الإسلامي، ونجحت في إرساء بنية مالية تكنولوجية قوية الأمر الذي يرشحها لريادة عملية تطوير الاقتصاد الإسلامي العالمي بكفاءة، وهو القطاع الذي يشكّل اليوم أحد الدعائم المهمة لاقتصادها الوطني.
جاء ذلك بمناسبة إعلان مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي اليوم "الاثنين" عن نتائج تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي للعام 2020-2021 والذي حلّت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن المراكز الثلاثة الأولى في مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي، حيث تم إطلاق الإصدار الثامن من التقرير، الذي يقدم تحديثاً سنوياً عن تطورات الاقتصاد الإسلامي حول العالم، في احتفالية أقيمت خصيصاً في مقر بورصة ناسداك دبي، وجرى فيها قرع جرس التداول إيذاناً بالكشف عن نتائج التقرير.
ولَفَت سمو ولي عهد دبي إلى أن الاقتصاد الإسلامي لديه الفرصة أن يقود التعافي الاقتصادي العالمي في مرحلة ما بعد كوفيد-19، في ضوء المؤشرات التي توضح القدرات الكامنة لهذا القطاع الحيوي وضمن أغلب مساراته، مؤكداً أن الوضع العالمي الراهن يستدعي مضاعفة العمل من أجل رصد الفرص التي يمكن من خلالها تأكيد دور دولة الإمارات في رسم مسارات اقتصادية جديدة تمكِّن المنطقة والعالم من تجاوز التحديات الناجمة عن هذه الأزمة الاستثنائية التي تسبب فيها فيروس كورونا المُستجَد.
ودعا سموه إلى السعي لتعزيز قنوات التعاون مع شركائنا حول العالم، والعمل في ضوء استراتيجية دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي لإيجاد المزيد من مقومات جذب الاستثمار، واستقطاب رؤوس الأموال وتشجيع أصحابها على ضخها في قنوات الاقتصاد الإسلامي بما يعزز مكانة دبي ودولة الإمارات كشريك فاعل في توسيع فرص نموه على الصعيدين الإقليمي والعالمي، في مرحلة ما بعد كوفيد-19.
ويُقدِّر تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي في نسخته الثامنة، والتي جاءت تحت عنوان " نمو رغم التحديات "، إنفاق المسلمين على قطاعات الأغذية الحلال، والأزياء المحتشمة، والسياحة الحلال، والأدوية ومستحضرات التجميل الحلال، و الإعلام والترفيه الحلال بنحو 2.02 تريليون دولار في عام 2019، وبينما يعكس هذا الرقم نمواً سنوياً يبلغ 3.2 % مقارنة بعام 2018، فمن المتوقع أن ينكمش هذا الإنفاق بحوالي 8 % خلال عام 2020، بسبب التأثيرات السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". إلا أن التقرير يتوقع أن يعاود الإنفاق زيادته في مختلف قطاعات الاقتصاد الإسلامي، فيما عدا السياحة الحلال، بنهاية 2021، إذ من المرجح أن يصل إلى 2.4 تريليون دولار أميركي عام 2024.
ويُغطي مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي ضمن تقرير هذا العام 81 دولة حول العالم، وحلت دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن المراكز الثلاث الأولى في المؤشر وجاءت في المركز الأول لقطاعي الأزياء المحتشمة ووسائل الإعلام والترفيه الحلال. وقد شهد التقرير صعود دول جديدة إلى المراكز الـ15 الأولى، مثل نيجيريا وسيريلانكا وسنغافورة، فيما تقدمت المملكة العربية السعودية وإندونيسيا في الترتيب مقارنة بتقرير العام الماضي. وواصلت ماليزيا مجدداً تصدرها المؤشر الرئيسي، بالإضافة إلى خمسة مؤشرات فرعية هي: التمويل الإسلامي، والسياحة الحلال، والأغذية الحلال، والأدوية الحلال، ومستحضرات التجميل الحلال.
وفيما سجلت الاستثمارات في الشركات ذات الصلة بالاقتصاد الإسلامي رقماً قياسياً في عام 2018، تراجعت هذه الاستثمارات بنسبة 13 %، مسجلة 11.8 مليار دولار في عام 2019، وقد ذهبت نسبة قدرها 52 % من إجمالي الاستثمارات إلى قطاع الأغذية والمشروبات الحلال، بينما جذب قطاعا التمويل الإسلامي ونمط الحياة الإسلامي 41.8 % و 4 % على التوالي من هذه التدفقات الاستثمارية، ويعود تسجيل هذه النسب إلى عمليات الدمج والاستحواذ التي تقودها الشركات، واستثمارات رأس المال الاستثماري في الشركات الناشئة بمجال التكنولوجيا، فضلاً عن استثمارات الأسهم الخاصة.
وتعليقاً على نتائج التقرير، قال معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: "تثبت الظروف الراهنة التي يمر بها العالم وما تتضمنه من تحديات اقتصادية مدى صواب ودقة الرؤية الاستشرافية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" والتي تمت ترجمتها في مبادرة "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي" والرامية إلى بناء اقتصاد وطني مستدام النمو، يرتكز على قواعد صلبة تمكنه من تخطي التحديات وتحويلها إلى فرص، وبعد مرور سنوات من إطلاق المبادرة، فإنها تواصل المساهمة في ترسيخ مكانة دبي ودولة الإمارات إقليمياً وعالمياً".
وأضاف معاليه: "أن التحديات الاقتصادية الراهنة التي يواجهها العالم بسبب الجائحة تعد فرصة جيدة للتعريف بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الاقتصاد الإسلامي في تعافي الاقتصاد العالمي لأنه يوفر أدوات وحلولاً استثنائية قادرة على تخطي هذه الأزمة، وخصوصاً أن هذه الحلول تحقق مستويات أعلى من التنويع الاقتصادي والشمول المالي والاستدامة البيئية والاجتماعية".
وتابع معاليه: "إن استمرار دولة الإمارات في تصدر مؤشرات رئيسية للاقتصاد الإسلامي عالمياً يعود إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي وشركاؤه الاستراتيجيين في تنفيذ مبادرات المركز بنجاح، وقد أسهمت هذه الجهود في زيادة مساهمة الاقتصاد الإسلامي في الناتج الإجمالي لدبي، بالإضافة إلى دعم مسيرة النمو المستدام للاقتصاد الوطني ضمن خطط التنويع الاقتصادي".
بدوره، قال سعادة عيسى كاظم، محافظ مركز دبي المالي العالمي الأمين العام لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: "تمكّن الاقتصاد الإسلامي خلال عام 2019 من تحقيق نمو ملحوظ على أساس سنوي في مختلف قطاعاته، وفي عام 2020، يتأقلم الاقتصاد الإسلامي بشكل جيد مع التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، وهو قادر ليس فقط على تجاوز هذا التحدي، وإنما على تقديم بدائل مستدامة النمو تسهم في تخطي الاقتصاد العالمي للتأثيرات السلبية لهذه الجائحة. "

وبحسب التقرير، بلغت أصول التمويل الإسلامي 2.88 تريليون دولار أمريكي في عام 2019، ومن المتوقع أن تصل إلى 3.69 تريليون دولار أمريكي في عام 2024. وتشير هذه الأرقام إلى الدور الرئيسي لقطاع التمويل الإسلامي في نظام الاقتصادي الإسلامي ككل، ودعمه الحاسم في هذه الأوقات المضطربة المليئة بالتحديات التي يمر بها العالم حالياً، والتي أدت إلى اتخاذ تدابير احترازية في جميع الدول لمكافحة تفشي فيروس "كوفيد-19"، مثل التباعد الاجتماعي وتقييد حركة الناس، ما خلق فرصاً جديدة لتطور الاقتصاد الإسلامي إذ أدى إلى تسريع التحول الرقمي واعتماد التقنيات الحديثة مثل التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية الرقمية، وترميز الصكوك وغيرها، ونحن واثقون أن هذا التسارع سيفيد التمويل الإسلامي خصوصاً والاقتصاد الإسلامي عموماً.

من جهته، قال عبد الله محمد العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: "تحوّل التقرير السنوي لواقع الاقتصاد الإسلامي العالمي إلى مرجع عالمي موثوق للاقتصاد الإسلامي، كما يسهم في ترسيخ مكانة دبي عاصمة عالمية للقطاع، وفي ظل التحديات الراهنة التي يشهدها العالم بسبب الجائحة، يظل الاقتصاد الإسلامي بنظامه الأخلاقي الشفاف ركيزة قوة وضمانة لمستقبل أفضل، لأن القيم والمبادئ التي يقوم عليها القطاع بالإضافة إلى الفرص المحددة بعناية والتوصيات الواضحة الواردة في التقرير توفر خارطة طريق للحكومات والشركات للتغلب على هذه التحديات بسلاسة والاستمرار في طريق التعافي الاقتصادي والبقاء على المسار الصحيح لتحقيق الازدهار والنمو المستدام على المدى الطويل".

من جانبه، قال حامد علي، الرئيس التنفيذي لبورصة ناسداك دبي ونائب الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي: "مع توسع أسواق رأس المال الإسلامية عالمياً، يسعدنا أن نستضيف إطلاق هذا التقرير الهام والذي يسلط الضوء على استمرارية تطور ونمو هذا القطاع على مستوى المنطقة والعالم ككل. وبدورنا، سنعمل على تعزيز مكانة دبي كواحدة من أكبر مراكز إدراج الصكوك في العالم، بقيمة إجمالية بلغت 74.3 مليار دولار أمريكي، وذلك عبر دعم المصدريين والمستثمرين وجميع المشاركين في سوق التمويل الإسلامي".

من ناحيته قال رافع الدين شيكوه، الرئيس التنفيذي لشركة دينار ستاندرد: "يسلط تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي هذا العام الضوء على الفرص الناشئة التي برزت نتيجة تداعيات "كوفيد - 19" ، مثل اضطرابات سلاسل التوريد العالمية، وفقدان الوظائف، وأزمات الخدمات الصحية، وتحديات الأمن الغذائي. ويقدم التقرير أيضاً توصيات للحكومات والشركات والمستثمرين لتمكينهم من التغلب على هذه التحديات بالمرونة اللازمة لمواصلة الازدهار. ومن بين 33 "إشارة للفرص" تتيحها قطاعات الاقتصاد الإسلامي، بحسب التقرير، هناك ترميز الصكوك الذي يندرج ضمن التكنولوجيا المالية الإسلامية، بالإضافة إلى التحولات الرقمية المتسارعة في جميع القطاعات المدفوعة بتداعيات جائحة "كوفيد-19"، بينما تتعلق إشارات الفرص الاستثمارية الأخرى بالمنتجات الحلال، وتحولات سلاسل التوريد، واستثمارات الأمن الغذائي، وزيادة الطلب على المواد الغذائية ".
ويُعد التقرير سنوياً شركة "دينار ستاندرد" وهي مؤسسة بحثية واستشارية تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها، بالشراكة مع "سلام غيتواي" أكبر منصة إعلامية وخبرية للاقتصاد الإسلامي، والجهتان شريكان استراتيجيان لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي. ويقدم التقرير الذي بدأ صدوره عام 2013، تحديثاً سنوياً عن الاقتصاد الإسلامي، بما في ذلك قطاعات المنتجات الحلال والتمويل الإسلامي ونمط الحياة الإسلامي.
وكما كان الحال مع الإصدارات السبعة السابقة، يسلط تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي 2020-2021 الضوء على دور الاقتصاد الإسلامي في المساهمة بتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بما في ذلك مبادراتي مكافحة الفقر والأمن الغذائي والتي أبرزت الجائحة أهمية الإسراع في معالجتهما.
وتضم قائمة الشركاء الاستراتيجيين لتقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي لهذا العام مجلس الغذاء والتغذية الإسلامي في أمريكا، ومجموعة CIMB القابضة.