حسونة الطيب (أبوظبي)

قليلة هي القطاعات الصناعية التي تضررت بشدة جراء كوفيد-19، من بينها تلك التي تعمل في مجال المعدات الطبية، وبينما أدى الوباء لانهيار الإجراءات الطبية الاختيارية، التي تتطلب معدات متطورة، وفي ذات الوقت، فرصاً للشركات التي تقوم بصناعة أجهزة التنفس وأدوات الفحص.
ولتوضيح ما يجري في هذا القطاع، يمكن الأخذ في الاعتبار، شركة ميدترونيك الأميركية كمثال.
أعلنت الشركة الأميركية العملاقة نهاية أغسطس الماضي، وبرأسمال سوقي قدره 138 مليار دولار، عن نتائجها المالية للأشهر الثلاثة حتى يوليو.
وفي ظاهر الأمر، كان أداء الشركة سيئاً، حيث انخفضت إيراداتها بنسبة 17%، مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، لتصل لنحو 6.5 مليار دولار.
كما تراجع صافي دخلها، بنسبة تقارب 50%.

ومع ذلك، لم تثر هذه النتائج قلق المستثمرين والمحللين، نظراً إلى أنهم كانوا يتوقعون أسوأ من ذلك، خاصة أن الشركة تفوقت على التوقعات على صعيدي العائدات والأرباح.
ويكمن السبب الآخر، في ارتفاع مبيعات أجهزة التنفس بنحو خمسة أضعاف، ما أدى لدعم العائدات عموماً. وتتوقع الشركة، العودة لنموها الطبيعي في غضون أشهر قليلة.
ربما يبشر انتعاش شركة ميدترونيك، المؤسسات العاملة في مجال الأجهزة الطبية، بالعودة لسابق عهدها من النمو.
ظلت هذه الشركات، مدفوعة بالنمو القوي في العائدات العالمية، حيث توقعت مؤسسة كي بي أم جي الاستشارية في العام الماضي، زيادة المبيعات العالمية من 371 مليار دولار في 2015، لنحو 795 مليار دولار بحلول 2030.
كما أشارت مؤسسة «بين» الاستشارية أيضاً، لازدهار في مبيعات الأجهزة عالية الأرباح المستخدمة في جراحة العظام وجراحة الأعصاب وعمليات القلب والأوعية الدموية، وذلك قبل حلول وباء كورونا.
ونتيجة لذلك، تفوقت أسعار أسهم هذه الشركات، على بيج فارما وعلى نظيراتها الكبيرة المدرجة في مؤشر أس آند بي 500.
وما إذا كان هذا التفوق سيستمر أم لا؟ يعتمد ذلك وبشكل كبير، على مسار الوباء وما ينجم عنه في المستقبل.

وللدفع بعجلة هذه الأجهزة المربحة والخدمات المرتبطة بها، يعتمد صانعو هذه الأجهزة، على جمع غفير من مندوبي المبيعات الذين تلقوا تدريبات عالية، لكسب ولاء الأطباء وتدريبهم على هذه الأجهزة.
ووفقاً لمسح أجرته مؤسسة «بين»، يفضل 9 من بين كل 10 أطباء، اللقاء المباشر مع مندوبي المبيعات قبل حلول الجائحة، خاصة الجراحين منهم، الذين يثمنون نصائح هؤلاء ودرايتهم الكبيرة بتقنية هذه الأجهزة وكيفية عملها في العمليات المعقدة.
ويعتمد بعض هؤلاء الجراحين، على مندوبي المبيعات، حتى في تجهيز الأدوات قبيل إجراء العمليات.
لكن يتوقع الآن أكثر من 60% من الجراحين، فرض قيود على مثل هذه اللقاءات المباشرة.
ربما يؤثر طول فترة فرض القيود، على القطاع بطرق غير متوقعة، حيث من المرجح فقدان الشركات الكبيرة لأعمالها مع مراكز الرعاية المتنقلة.
وعادة ما تكون هذه المراكز، أصغر من المستشفيات وأكثر خفضاً للتكاليف وأقل ارتباطاً بالعلامات التجارية الباهظة الثمن ومندوبي مبيعاتها.