أحمد مراد (القاهرة)

تشهد الاستثمارات المرتبطة باقتصاد وصناعات الفضاء نمواً ملحوظاً خلال السنوات القليلة المقبلة، خصوصاً مع تنامي الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في النهوض باقتصاد الفضاء، بحسب توقعات خبراء اقتصاد.
وكان عام 1962 قد شهد أول محاولة لاستغلال الفضاء تجارياً عبر إطلاق القمر الاصطناعي «تلستار1» بغرض نقل إشارة البث التلفزيوني من أوروبا إلى أميركا، وإجراء المكالمات الهاتفية ورسائل الفاكس، واستخدام نظام تحديد المواقع «جي. بي. إس».
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الشوادفي، عميد كلية التجارة بجامعة الزقازيق سابقاً، أن هناك اتجاهاً عالمياً نحو الاستثمار في الفضاء، وتأتي الصناعات المرتبطة بالفضاء على رأس اهتمامات غالبية الدول المتقدمة مثل أميركا والصين وروسيا وبعض الدول الأوروبية، ومن المتوقع أن يصل حجم اقتصاد الفضاء إلى أرقام كبيرة في غضون السنوات القليلة المقبلة.
وتوقعت دراسة أصدرها مصرف «مورغان ستانلي» الأميركي في عام 2018 بأن يتخطى حجم اقتصاد الفضاء حاجز التريليون دولار خلال عام 2040، مشيرة إلى توقعات أخرى بارتفاع عوائد خدمات الأقمار الاصطناعية والصواريخ، مع زيادة الطلب على إنترنت الأقمار الاصطناعية، وتوصيل الطرود بالصواريخ.
وأشار الشوادفي إلى أن هناك مجالات عدة تشكل جوهر اقتصاد الفضاء يتصدرها قطاع صناعة الأقمار الاصطناعية المستخدمة في أغراض الاتصالات والمراقبة الأرضية، فبحسب البيانات الصادرة عن بعض المنظمات الدولية، فإن حجم صناعة إطلاق الأقمار الاصطناعية التي تندرج تحت قطاع النقل الفضائي يُقدر بأكثر من 7 مليارات دولار سنوياً.
وكانت شركة أمازون قد أعلنت مشروعاً عملاقاً يهدف إلى وضع 3000 قمر صناعي في المدار لتوفير الإنترنت فائق السرعة لخدمة ما يقرب من 4 مليارات عميل جديد.
كما تخطط شركة سبيس إكس الأميركية لإطلاق 12 ألف قمر صناعي في مدار أرضي منخفض، مشيرة إلى أنها تسعى إلى إرسال رواد فضاء إلى كوكب المريخ بغرض الاستثمار في الكوكب. وأشار الشوادفي إلى مجالات أخرى لاقتصاد الفضاء تتمثل في السفر إلى الفضاء لأغراض ترفيهية، وكذلك مجال التعدين والتنقيب، حيث تشير التقارير إلى تنامي الاتجاه العالمي نحو تعزيز السياحة إلى الفضاء خلال المستقبل القريب، وقد تأسست العديد من الشركات العالمية لخدمة هذا الاتجاه.
وفي العقد الأخير، تأسست بعض الشركات العالمية بغرض العمل في مجالات السياحة الفضائية وتعدين الفضاء، وبالتحديد تعدين الكويكبات والمذنبات، فقد أسس جيف بيزوس، مؤسس موقع «أمازون» للتسوق الإلكتروني، شركة «بلو أوريغن» بهدف الهبوط على سطح القمر في عام 2023، وأسس أيلون ماسك، مؤسس شركة «تسلا»، شركة «سبيس إكس» لتوصيل الناس إلى كوكب المريخ في عام 2024.
وكانت شركة «فيرجن جالاكتيك» التي يملكها الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون قد أعلنت في عام 2018 أنها تلقت طلبات من 600 شخص يرغبون في القيام برحلات سياحية إلى الفضاء تخطط لها الشركة، وحددت تكلفة مبدئية لسعر الرحلة بـ 250 ألف دولار.
أما الدكتور فرج عبدالله، أستاذ الاقتصاد المساعد بمدينة الثقافة والعلوم، فأشار إلى النمو الملحوظ في أعداد الشركات المهتمة باقتصاد الفضاء، فبحسب شركة «سبيس إنجلز» المتخصصة في مجال توفير المعلومات السوقية، فإن عدد الشركات العاملة في اقتصاد الفضاء بلغ 435 شركة، متوقعة أن يزيد هذا العدد خلال الأعوام القليلة المقبلة ليصل إلى 1500 شركة.
وأشار فرج إلى تنامي حجم الاستثمار في شركات الفضاء على مستوى العالم الذي وصل في عام 2018 إلى 3.23 مليار دولار، موضحاً أن إيرادات صناعة الفضاء حالياً تبلغ 325 مليار دولار، وهناك توقعات بوصول قيمة عوائد اقتصاد الفضاء إلى عدة تريليونات دولار بحلول عام 2050.
ولفت فرج إلى أهمية اقتحام القطاع الخاص في الدول الكبرى لعالم الفضاء، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في نمو الصناعات المرتبطة بالفضاء بمعدلات كبيرة.
وفي الثامن من ديسمبر عام 2018، أطلقت شركة سبيس إكس الأميركية أول كبسولة من طراز «دراجون» على متن الصاروخ فالكون 9، لتكون بذلك أول كيان غير حكومي يطلق كبسولة تدور حول الأرض باستخدام مركبة فضائية. وبحسب تقرير أعده موقع «ستاتيستا» المتخصص في إحصاءات الاقتصاد العالمي وتقنية المعلومات، فإن حجم الاستثمار في صناعة الفضاء خلال الفترة من العام 2000 إلى عام 2017 بلغ نحو 359.4 مليار دولار، فيما وصلت قيمة استثمار القطاع الخاص في صناعة الفضاء إلى 13.9 مليار دولار.