سيد الحجار (أبوظبي)

أكد مستثمرون ورواد أعمال واقتصاديون أهمية المبادرات والإجراءات الداعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تم إقرارها منذ بداية أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، في مساعدة رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة على مواجهة التحديات الراهنة، لاسيما مع الإعلان مؤخراً عن تعيين وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد» إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعد أكثر القطاعات المستفيدة من المبادرات والإجراءات التي كشفت عنها حكومة دولة الإمارات خلال الأشهر الأخيرة، موضحين أن دعم وتطوير المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحفيز ودعم المواطنين وأصحاب المشاريع، يعد أولوية لحكومة دولة الإمارات، وهو ما يعزز مكانة الدولة كبيئة جاذبة لرواد الأعمال وإقامة المشاريع الناشئة. وأكدوا أن الدولة تولي اهتماماً متواصلاً لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لدورها الهام كمحرك رئيس لمسيرة الاقتصاد الوطني، وتعزيز استراتيجية الدولة بشأن تحقيق التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة.

وأكدت مؤسسة أوكسفورد بيزنس جروب نهاية أبريل الماضي أن حكومة أبوظبي وضعت المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة في صدارة أولوياتها ضمن برامج وحزم التحفيز الاقتصادي التي أعلنها المجلس التنفيذي بداية الأزمة لاحتواء الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد.
وقدرت نسبة مساهمة قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بـ53% خلال عام 2018، ارتفاعاً من نحو 49% عام 2017 بحسب تقرير الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، حيث تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة 98% من الشركات المسجلة بالدولة، حيث تعمل النسبة الأكبر من المنشآت الصغيرة والمتوسطة بقطاع التجارة والخدمات بنسبة 89%، مقابل 11% بالصناعة، وذلك حتى نهاية 2017.

مواصلة الدعم
وأكد أحمد سالم الحميري رئيس قطاع الأعمال التجارية في جمعية رواد الأعمال الإماراتيين أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعد عصب أي اقتصاد والمحرك الأساسي لكافة القطاعات، ومن هنا يأتي اهتمام القيادة الرشيدة المتواصل بدعم هذه الشركات، وهو ما تكلل مؤخراً بتعيين وزير دولة لريادة الأعمال.
وأوضح أن الشركات الناشئة استفادت من مختلف المبادرات التي كشفت عنها العديد من الجهات منذ بداية أزمة «كورونا»، مشيراً إلى أهمية مواصلة إقرار المزيد من الإجراءات لمساعدة الشركات الناشئة على تجاوز تحديات الأزمة الراهنة.
وأضاف الحميري أن بعض القطاعات تأقلمت مع الأزمة، بيد أن هناك قطاعات أخرى لازالت متضررة، ما يتطلب المزيد من المبادرات لدعم الشركات بهذه القطاعات.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة دبي للمستقبل نهاية أبريل الماضي، فإن تمكين الشركات الناشئة ورواد الأعمال، وتعزيز النشاطات الاقتصادية الرقمية، يشكل أولوية أساسية، ودعامة مهمة لمستقبل اقتصاد مستدام، على المستويين الوطني والعالمي.
وذكر التقرير، أن أزمة «كوفيدـ 19»، ستفرض تحديات حقيقية على الشركات الناشئة في الإمارات، كما هو الحال في العالم أجمع، إلا أن الإمارات تعد من أفضل الدول استعداداً للتغيرات المستقبلية في قطاع الابتكار وريادة الأعمال، في حين تشكل الشركات الناشئة الصغيرة نحو 50% من الشركات المسجلة في دبي، وتولّد نحو 47% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لدولة الإمارات، أكبر حصة من التمويل للمشاريع في المنطقة، بنسبة بلغت 60%.
وكشف تقرير صادر عن مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة نهاية العام الماضي أن قطاع المشاريع المتوسطة والصغيرة يساهم بـ198.6 مليار درهم من إجمالي القيمة المضافة لاقتصاد دبي، أي ما يشكل 46% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة.

مواجهة التحديات
ومن جهتها، أوضحت ريد الظاهري، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي أن الشركات الصغيرة والناشئة تعد من أكثر القطاعات التي تأثرت بأزمة «كورونا»، ومن ثم جاء الدعم الحكومي المتواصل لهذه الشركات منذ بداية الأزمة، ليعزز من قدرتها على مواجهة التحديات.
وأشارت إلى أهمية هذه المبادرات في خفض التكاليف على الشركات الصغيرة، من خلال إلغاء وخفض الرسوم والضمانات والمخالفات، وتوقيف وإلغاء الكفالات والغرامات، وتأجيل سداد الأقساط، بما يوفر السيولة اللازمة للشركات الصغيرة ومن ثم يساعد رواد الأعمال على مواصلة أعمالهم.
وأكدت الظاهري أن الإمارات تولي قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة أهمية بارزة منذ عدة سنوات، وهو ما عزز من دور هذه الشركات في التنمية، وأسهم في زيادة حصتها بالناتج المحلي.
وأعلنت دائرة التنمية الاقتصادية- أبوظبي مؤخراً أنها تعكف على تنفيذ مشروع ائتلاف المشاريع الناشئة الصغيرة والمتوسطة بالتعاون والتنسيق مع أكثر من 40 جهة حكومية وشبه حكومية اتحادية ومحلية إضافة إلى القطاع الخاص بهدف وضع منظومة محكمة لتمكين هذه الشركات وتسهيل التبادل المعرفي والابتكار والدعم وتوسيع نطاقها وتعزيز تنافسيتها وربط الائتلاف بأولويات التنمية والخطط المستقبلية بشكل تفاعلي.
وأكدت أن قطاع الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة يعد محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات بشكل عام وهي هدف استراتيجي لتحقيق رؤية قيادة حكومة دولة الإمارات نحو 50 عاماً المقبلة وذلك بالتركيز على تعزيز قدرتها التنافسية ودعم منظومة الابتكار في أعمالها.
وأشارت بيانات مركز الإحصاء أبوظبي إلى أن إجمالي عدد المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في أبوظبي وفق نتائج المسح للعام 2018 بلغ 54 ألف منشأة منها 33.7 ألف منشأة متناهية الصغر و18.9 ألف منشأة صغيرة و1529 منشأة متوسطة، وبلغت قيمة الإنتاج الإجمالي لهذه المشاريع 324.7 مليار درهم.
وأعلنت منصة «هب 71» التي تم إطلاقها عام 2019 في أبوظبي، لدعم المشاريع التكنولوجية الناشئة بقيمة 520 مليون درهم، مؤخراً، انضمام 15 شركة جديدة إلى المنصة ليزيد بذلك عدد الشركات الناشئة المنضوية تحت مظلتها إلى 51 شركة من دول عدّة.

بيئة جاذبة
بدوره، قال رائد الأعمال خميس الشرياني مؤسس منصة «رفيق» إن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعد من الروافد المحورية في اقتصاد الإمارات، وهو ما يجعل الدولة حريصة على تطوير هذا القطاع الحيوي ليكون داعمًا رئيسياً للنمو الاقتصادي. 
وقال إن الدعم المتواصل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يعزز جاذبية الإمارات كبيئة جاذبة للمواهب والخبرات الشبابية الرائدة في كافة القطاعات.
وأكد الشرياني أهمية تعيين وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ضمن التشكيل الوزاري الأخير، في دعم الشركات الناشئة، حيث إن هذه الشركات تعد الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة الحالية، موضحاً أن رواد الأعمال يحتاجون دائماً للتوجيه والمساعدة، ومن ثم فإن وجود كيان دائم هام جداً لضمان استدامة التوجيه والدعم.
وأضاف أنه منذ بداية أزمة «كورونا» تم التواصل مع رواد الأعمال والإطلاع على التحديات التي تواجههم، لإقرار العديد من الإجراءات الداعمة للشركات الصغيرة، فضلاً عن التسهيلات العامة التي استفادت منها الشركات الصغيرة.
وأكدت وزارة الاقتصاد مؤخراً أن التحديات التي يواجهها قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة كبيرة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ولكن الجهود الحكومية والدعم اللامحدود من قيادتنا الرشيدة في الدولة، فضلاً عن توافر بنية مؤسسية وتشريعية منظمة وداعمة لهذا القطاع الحيوي، هي جميعها عوامل كفيلة بتمكين رواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة من تجاوز العقبات التي أفرزتها الجائحة العالمية، والتعافي منها واستعادة النشاط مرة أخرى.

تبعات اقتصادية
قال الدكتور كريم الصلح، الرئيس التنفيذي لشركة «جلف كابيتال» إن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يعد محور الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أهمية القطاع في توفير فرص العمل، ودعم الإبداع، وتحفيز الابتكار.
وأكد الصلح أهمية دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة خلال هذه الفترة، بسبب التبعات الاقتصادية لجائحة «كوفيدـ 19» وانخفاض أسعار النفط، لاسيما أن هذه الشركات ليس لديها القدرة الكافية لمواجهة الصدمات، بالنظر إلى عدم اتخاذها الاحتياطات المالية مقارنة بالشركات الكبيرة، مع محدودية الإيرادات. وأطلقت «جلف كابيتال» و«ميد جلوبال داتا» مؤخراً مبادرة رقمية جديدة، تتمثل في تأسيس منصة «جلف كابيتال إس إم إي انسايتس»، لدعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة على مستوى المنطقة.