حسام عبد النبي (دبي)
تدرس مصارف إسلامية، إمكانية استخدام حصيلة رسوم التأخير، التي تفرضها على المتعاملين المقترضين الذين تأخروا في سداد التزاماتهم في المواعيد المحددة، من أجل مساعدة المتعاملين الأفراد الحاصلين على تمويلات مختلفة (المقترضين)، والذين تعثروا في السداد لأسباب قهرية (المُعثرين)، لا سيما في ظل تداعيات انتشار جائحة «كوفيد 19»، والتي ستؤدي إلى زيادة حالات التعثر القهري، نتيجة خسارة الوظائف أو توقف الأعمال.
وتواجه المصارف الإسلامية مشكلة في الوقت الحالي، بسبب زيادة حالات تعثر المتعاملين الحاصلين على تمويلات مختلفة (المقترضين)، وتأخرهم في سداد التزاماتهم في المواعيد المحددة، في الوقت ذاته الذي تقوم فيه بفرض (رسوم) تأخير عليهم، في ظل عدم قدرتها على فرض فائدة على المقترضين، الذين تأخروا بالدفع أو المتعثرين في سداد القروض، نتيجة لأن الشريعة الإسلامية تحظر ذلك.
وحسب مصرفيين، فإن البنوك الإسلامية تلجأ عادة إلى فرض (رسوم) تأخير على المقترضين من أجل تحفيزهم على سداد ديونهم العادية والشخصية في الوقت المحدد لها، ثم تتبرع البنوك بحصيلة هذه الرسوم للأعمال الخيرية لاحقاً.
وقالوا: إن المصارف الإسلامية تواجه تحدياً في ذلك الشأن، إذ إنها تتكبد تكاليف فعلية للتحصيل، ولا تستفيد من تلك الرسوم بشكلٍ مباشر، بل تكون في حاجة إلى تحصيل هذه الرسوم وتوزيعها على الأعمال الخيرية بشكل فوري، فضلاً عن أن علم المتعاملين المقترضين بأن هذه الرسوم سوف تؤول إلى تبرعات للجهات الخيرية قد يضعف من اهتمامهم، بضرورة سداد ديونهم المستحقة في الموعد المحدد، مؤكدين أن المصارف الإسلامية تبحث عدداً من المقترحات، منها تجميع كل الأموال التي تحصلها المصارف الإسلامية المختلفة من الرسوم في صندوق واحد، يكون تحت إشراف المصرف المركزي وأي هيئة حكومية خيرية (مثل دائرة الشؤون الإسلامية)، وبحيث توجه تلك الحصيلة لمساعدة المتعاملين (المُعثرين) لأسباب قهرية، وسداد التزاماتهم للمصارف الأعضاء في الصندوق.
المُتعثر والمماطل
من جهته، كشف أمجد نصر الخبير في الصيرفة الإسلامية، أن المصارف الإسلامية تبحث حالياً عدداً من الحلول والمقترحات لمواجهة عدم استفادتها، من الرسوم التي يتم تحصيلها من المتعاملين الذين حصلوا على تمويلات وتأخروا بالدفع أو المتعثرين في سداد التمويلات، خاصة أن البنوك تتحمل تكلفة في تحصيل تلك (الرسوم) فعلياً، مؤكداً أن تلك الحلول يجب أن تأتي في إطار عام يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وبحيث تتضمن التفرقة في التعامل بين متعامل تعثر في السداد بسبب ظروف قهرية (المُعثرين)، وبين (المماطل) الذي لديه قدرة على السداد، ولكنه يماطل أو غير مهتم بالسداد.
وقال نصر: إن الوضع الحالي بإلزام جميع المتعاملين سواء المتأخرين بالدفع أو المتعثرين بالتبرع بتلك الرسوم للأعمال الخيرية، هو أمر يحتاج إلى إعادة نظر، لأن هناك بعض المتعثرين غير قادرين على السداد لأسباب قهرية، ومن ثم يجب أن يتم إعفاؤهم من الرسوم، وأن توجه أي مبالغ لديهم لسداد أصل الدين، وليس للتبرع للأعمال الخيرية، في حين أن المقترض القادر على السداد، والذي يماطل يجب أن يلزم بالتبرع، حتى يكون حافزاً له على سداد التزاماته.
وأضاف أنه من ناحية أخرى، فإن المصارف الإسلامية تتكبد نفقات فعلية سنوياً من أجل تحصيل تلك الديون (مثل توفير إدارة للتحصيل وإدارة للمتابعات القانونية والمحاكم وغير ذلك)، منبهاً إلى أن أحد الحلول التي تبحث المصارف الإسلامية تطبيقها، هو خصم جزء من الرسوم التي يتم تحصيلها (50%)، ليس من أجل تعويض الربح الفائت، وإنما من أجل تغطية النفقات التي تحملتها بالفعل من أجل تحصيل الدين، وبشرط أن تكون تلك النفقات مثبتة إجمالاً، ويتم اعتمادها وإقرارها من قبل هيئة الرقابة الشرعية في المصرف.
وأشار نصر، إلى أن من الحلول الأخرى التي يتم النظر فيها حالياً، تجميع كل الأموال التي تحصلها المصارف الإسلامية المختلفة من الرسوم في صندوق واحد، يكون تحت إشراف المصرف المركزي وأي هيئة حكومية خيرية (مثل دائرة الشؤون الإسلامية أو تحالف الجمعيات الخيرية أو الهلال الأحمر وغيرها)، وبحيث توجه تلك الحصيلة لمساعدة المتعاملين (المُعثرين) لأسباب قهرية وسداد التزاماتهم للمصارف الأعضاء في الصندوق، وبما يضمن أن تكون هناك جهة خارجية محايدة ومراقبة، هي التي تحدد الأولويات، وتنظر في طلبات مساعدة المدينين.
بلوك تشين
قال الدكتور سامي السويلم، المدير العام للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية: إن سوق التمويل الإسلامي يشهد نمواً سريعاً، لا سيما في ظل التوقعات التي تُشير إلى إمكانية زيادة قيمته من 2 تريليون دولار أميركي إلى 3.78 تريليون دولار بحلول عام 2022، ومع ذلك، برز العديد من التحديات التقنية والاقتصادية، التي حالت دون الازدهار الحقيقي للقطاع.
وأوضح، أن الشريعة الإسلامية تحظر على المصارف فرض فائدة على المقترضين الذين تأخروا بالدفع أو المتعثرين في سداد القروض، وبغية تشجيع العملاء على سداد ديونهم العادية والشخصية في الوقت المحدد لها، تلجأ البنوك الإسلامية عادة إلى فرض رسوم تأخير على المقترضين وتتبرع بها للأعمال الخيرية لاحقاً، منوهاً إلى أن القطاع المالي الإسلامي يواجه تحدياً يتمثل في حاجة المصارف الإسلامية إلى تحصيل هذه الرسوم وتوزيعها على الفور، فهي لا تستفيد منها بشكلٍ مباشر، كما أن علم المقترضين بأن هذه الرسوم سوف تؤول إلى تبرعات للجهات الخيرية، قد يضعف من اهتمامهم بضرورة سداد ديونهم المستحقة في الموعد المحدد.
وأكد السويلم، أن قطاع التقنية المالية يقدّم حلاً لهذا التحدي عبر تقنية بلوك تشين على وجه التحديد، ولذا أبرم المعهد شراكة مع شركة متخصصة في تقنية بلوك تشين تابعة لمجموعة تتخذ من أبوظبي مقراً لها، من أجل تطوير نظام إدارة قروض مُبتكر وذكي بالاعتماد على تقنية بلوك تشين، ويهدف النظام المرتقب إلى الحد من المخاطر المصاحبة لعمليات تمويل قروض الشركات والأفراد، باستخدام نماذج تحفيز اقتصادي جديدة وتطبيقات متقدمة لتقنية بلوك تشين الهجينة.
وأشار إلى أن نظام إدارة القروض الذكي عبر تقنية بلوك تشين، والذي ما زال قيد التطوير سيوفر آلية تحفيز مبتكرة لتشجيع المتعاملين مع المصارف الإسلامية على السداد المبكر ودمج الرسوم التي يتم تحصيلها في صندوق تأمين يُغطي القروض المتعثرة، منوهاً بأن هذا النظام يفتقر إلى الجدوى لدى تطبيقه بالطرق التقليدية، إذ يحتاج إلى تسهيلات محددة بالاستفادة من تقنية بلوك تشين عالية الأداء.