دينا جوني (أبوظبي)
تشارك دولة الإمارات دولة قطر الشقيقة، احتفالاتها بيومها الوطني، الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام، وذلك تجسيداً للعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، ويرتبط البلدان بعلاقات متينة وراسخة، مدعومة بروابط تاريخية، وإرث ثقافي واجتماعي مشترك، كما يجمعهما الرغبة الصادقة والعزم على تأسيس مستقبل مزدهر للبلدين والشعبين الشقيقين، تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وتمضي العلاقات الإماراتية القطرية قدماً بتوجيهات ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، وبما يؤسس لمستقبل مشرق للبلدين والشعبين الشقيقين.
وتسهم الزيارات الرسمية المتبادلة بين القادة والمسؤولين في البلدين، في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما، ودفعها نحو مزيد من التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات، بما يحقق المصالح المتبادلة بينهما. وتتميز العلاقات بين الإمارات وقطر بعمق تاريخي وروابط ثقافية واجتماعية متجذرة، جعلت منها نموذجاً فاعلاً ومؤثراً في تعزيز العمل الخليجي المشترك. وتقوم هذه العلاقات على أسس من التعاون والتفاهم المشترك الذي يعكس الرؤية الحكيمة للقيادتين في البلدين، والحرص المستمر على تحقيق التكامل في مختلف المجالات.
وتؤكد هذه الروابط الأخوية الالتزام المتبادل بالسعي نحو تنمية شاملة تخدم مصالح الشعبين الشقيقين، وتسهم في ترسيخ الاستقرار والازدهار على مستوى المنطقة، بما يعكس القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية بروح من التضامن والتكاتف. وتعد العلاقات الإماراتية القطرية نموذجاً فاعلاً ومؤثراً ضمن منظومة العمل الخليجي المشترك، حيث تحتل أولوية استراتيجية ضمن توجهات الإمارات. وتعكس هذه العلاقات نهج الإمارات الأصيل وسياستها الحكيمة القائمة على التعاون والانفتاح، إذ تحرص القيادة الإماراتية على ترسيخ هذه الروابط، بما يخدم الطموحات المشتركة.
ويؤكد هذا التناغم بين البلدين التزامهما بالسير نحو آفاق أوسع من التقدم والازدهار، بما يحقق مصالح شعوب المنطقة كافة، ويدفع عجلة العمل الخليجي والعربي المشترك نحو مستويات أرحب من التكامل والنجاح في مواجهة تحديات المستقبل.
يشكّل الإرث الثقافي والاجتماعي المشترك بين الإمارات وقطر حجر الأساس في توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين، حيث يعكس عمق الروابط التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين. وتمتزج العادات والتقاليد المشتركة مع القيم الأصيلة والموروثات الثقافية الغنية لتكون بمثابة جسر دائم للتفاهم والانسجام بينهما، مما يعزز مشاعر الوحدة والتلاحم المجتمعي.
هذا الإرث المشترك، الذي يتجلى في اللغة، والعادات، والفنون، والمناسبات الاجتماعية، يمثل عنصراً محورياً في ترسيخ الهوية الخليجية المشتركة. كما أنه يعزز التعاون الثقافي من خلال تبادل الفعاليات التراثية والفنية، والاحتفاء بالموروث الشعبي المشترك الذي يعكس قيم الكرم والتضامن.
ويمهد هذا التكامل الثقافي الطريق لتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات، بدءاً من تعزيز التبادل الثقافي والسياحي، وصولاً إلى دعم الجهود المشتركة في الحفاظ على التراث وحمايته للأجيال المقبلة. إن هذا الإرث الغني لا يشكل فقط مصدر قوة للعلاقات الثنائية، بل يسهم أيضاً في ترسيخ وحدة الصف الخليجي وتعزيز التكامل الإقليمي.
التعاون الخليجي
تلعب الإمارات وقطر دوراً حيوياً في مجلس التعاون الخليجي، حيث تمثلان نموذجاً للفاعلية والتعاون الإقليمي. إذ تسهم الإمارات بفضل تنوع اقتصادها وقوتها الدبلوماسية في تعزيز استقرار المجلس ودعم مشاريعه الاقتصادية والتنموية، كما تلعب دوراً ريادياً في المبادرات المتعلقة بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا. أما قطر، فتبرز بفضل سياستها الخارجية النشطة واستثماراتها الاستراتيجية، مما يعزز من قوة المجلس على الساحة الدولية. وتُظهر الدولتان التزاماً راسخاً بتحقيق أهداف المجلس، سواء من خلال المشاركة الفعالة في حل الأزمات الإقليمية، أو عبر دعم التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، مما ينعكس إيجاباً على استقرار وازدهار المنطقة.
نمو كبير
سجلت التجارة الخارجية لدولة الإمارات مع دولة قطر، خلال 2023، نمواً كبيراً بنسبة 18.3%، لتلامس 37 مليار درهم، مقارنة بالعام الذي سبقه، وسجلت نحو 21 ملياراً خلال النصف الأول من العام الجاري 2024. وتعد الإمارات، الشريك التجاري الأول خليجياً وعربياً والثامنة عالمياً لدولة قطر، حيث تستحوذ الإمارات على 52% من تجارة قطر خليجياً. وارتفع إجمالي عدد الرخص التجارية الإماراتية في قطر، بنسبة 11%، خلال عام 2023، مقارنة بعام 2022، ليصل عددها إلى 248 رخصة تجارية، وهناك أكثر من 100 رحلة طيران أسبوعياً بين البلدين، مما يشير إلى أن قطاع السياحة بين البلدين يشهد نمواً، ويدفع نحو تعزيزه تقديم الخدمات والتمويل كأحد القطاعات الاستراتيجية للبلدين.
التنسيق الدولي
تشهد العلاقات بين الإمارات وقطر تنسيقاً كاملاً في القضايا الدولية، ما يعكس التزام الدولتين بدورهما المحوري في تعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي. ويجتمع البلدان على رؤية مشتركة لحل النزاعات الإقليمية عبر الحوار والدبلوماسية، ويساهمان بشكل فاعل في مبادرات السلام. وتعمل الدولتان معاً ضمن منظمات دولية، كالأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، لدعم الجهود الإنسانية، وتقديم المساعدات. كما ينسق البلدان مواقفهما في قضايا الطاقة العالمية والاستدامة، مما يسهم في تعزيز أمن الطاقة واستقرار الأسواق الدولية، ويؤكد التزامهما بالعمل الجماعي من أجل مستقبل أفضل للمنطقة والعالم.
رفاهية الشعبين
يشكل التنسيق بين قيادتي الإمارات وقطر نموذجاً مثالياً للتعاون الإقليمي الهادف إلى تأمين رفاهية الشعبين الشقيقين. فمن خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، تعمل الدولتان على دعم الاستثمارات المشتركة في مجالات البنية التحتية والطاقة والصحة. على سبيل المثال، يبرز التعاون في قطاع الطيران المدني وتطوير شبكات النقل لتعزيز التبادل السياحي والتجاري بين البلدين. كما أن الجهود المشتركة في دعم التعليم والابتكار، مثل تنظيم برامج تبادل أكاديمي ومؤتمرات علمية، تسهم في بناء قدرات الشباب وتأهيلهم لمستقبل مشرق. هذه الخطوات تؤكد حرص القيادتين على تحقيق التنمية المستدامة وضمان جودة حياة عالية لشعبيهما.
إنجازات
في إطار رؤيتها الوطنية 2030 لبناء اقتصاد مستدام ومجتمع مزدهر، حققت قطر العديد من الإنجازات في السنوات الأخيرة. فبفضل جهودها في تعزيز الاستدامة، صعدت قطر 95 مرتبة لتصل إلى المركز الـ 54 عالمياً في مؤشر الأداء البيئي لعام 2024، ومن أبرز إنجازاتها في هذا المجال محطة «الخرسعة للطاقة الشمسية»، التي توفر 10% من احتياجات الكهرباء وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما ركزت على تحسين جودة الهواء والمياه، وتعزيز إعادة تدوير الموارد الطبيعية، إلى جانب تنظيم فعاليات، مثل «أسبوع قطر للاستدامة»، لنشر الوعي بأساليب الحياة والعمل المستدامة.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، حققت قطر تطوراً ملحوظاً في جودة الحياة، من خلال تطوير خدمات التعليم والصحة وتعزيز دور الشباب في الابتكار والبحث العلمي، مما ساهم في تحقيق تنمية شملت الأبعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
الناتج المحلي
في عام 2023، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 191 مليار دولار أميركي، بمعدل نمو 1.2% مقارنة بالعام الذي يسبقه، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر النمو ليصل إلى 2% في عامي 2024 و2025، مدفوعاً بالاستثمارات العامة، والتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المُسال، ونمو القطاع السياحي.
وفي ظل تنويع الاقتصاد، ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 63% من الناتج المحلي الإجمالي، بفضل التوسع في قطاعات الخدمات والنقل والخدمات اللوجستية. كما شكلت استضافة كأس العالم محطة رئيسية لدعم هذا التنويع، حيث استثمرت قطر نحو 730 مليار ريال في مشاريع بنية تحتية ضخمة شملت تشييد ملاعب عالمية وتطوير شبكات نقل حديثة مثل القطارات السريعة ومترو الأنفاق.